سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. في تصريح إيراني أخير أكدت طهران على ضرورة رفع العلاقات الثنائية مع مصر من مستوى رعاية المصالح للمستوى السياسي المنشود، وأكدت أن المحاولات الأخيرة للولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي في مؤتمر جدة الأخير لتأسيس حلف ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية انتهت بالفشل نظرا لمواقف الرفض الصريحة التي صدرت عن الدول العربية بما فيها مصر. وللمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع تحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أكرم رحيم في الحوار الصحفي التالي:

رأى رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر، محمد حسين سلطاني فر أن التطورات الراهنة تقتضي على البلدين رفع العلاقات الثنائية من مستوى رعاية المصالح للمستوى السياسي المنشود. فهل تتفق مع ذلك في ظل التوترات الحالية؟
حتى نستعرض ونحلل هذا الكلام علينا أن نستعرض العلاقات المصرية الإيرانية ،التي بدأت في القرن الـ 19، عندما طلبت الدولة الإيرانية إنشاء قنصلية لها في القاهرة، و أبرمت إتفاق لتنفيذ ذلك، وهذا حدث تقريبا في عام 1027، وفي 1928 تم تعيين أول سفير لإيران في مصر، ثم تطورت العلاقات بين البلدين لتصل إلى درجة المصاهرة والنسب، عندما تزوجت شقيقة الملك فاروق الأميرة فوزية من إبن شاه إيران محمد رضا، وهذا كان في عام 1939، تطورت العلاقات بشكل كبير وأصبحت علاقات متنامية، ويتحدث الرئيس السادات في أكثر من موقف عن أوامر الشاه رضا بأن تبحر سفينة وقود إيرانية إلى مصر بدلا من الولايات المتحدة الأمريكية، وزعيم الثورة الإيرانية عندما قامت الثورة قرر قطع العلاقات مع مصر ردا على إتفاقية كامب ديفيد، واعتبرته مصر تدخلا في الشأن الداخلي لها. وزاد التوتر بعد استقبال الرئيس السادات للشاه الإيراني رضا بهلوي، زاد التوتر أكثر بعد مقتل الرئيس السادات ومساندة إيران لمنفذي العملية، حتى كان هناك أشهر شوارع إيران شارع خالد الإسطنبولي. ظلت العلاقة متأرجحة بين الدولتين، وفي عام 1987 أعتبرت مصر رئيس بعثة المصالح الإيرانية شخص غير مرغوب فيه. مصر ساندت العراق في حربها ضد إيران، وكانت إيران قد إشترطت لعودة العلاقات المصرية الإيرانية أن تقدم مصر إعتذارا عن مساعدتها للعراق وهو ما رفضته مصر بشدة. في عام 1989 في أول إتصال دبلوماسي بين مصر وإيران بشأن الإفراج عن 100 مصري في إيران، زار السفير منير زهران طهران في 1990 في أول زيارة رسمية، وفي التسعينات كانت أفضل فترات العلاقات بين البلدين حيث جاءت زيارة وفد إيراني لمصر، وتطورت العلاقات بين البلدين، في مارس 1991 تم تعيين سفير لإيران في مصر وتعيين سفير مصري في إيران، في ابريل 1991 قررت مصر الإفراج عن الأرصدة الإيرانية في البنوك المصرية، وتطورت العلاقات بعد ذلك، لكن توترت العلاقات مرة أخرى عندما تحدث الرئيس مبارك عام 1992 عن إيران وقال إنها تتحدث بلغتين، فهي جيدة في الظاهر لكن أفعالها تعكس غير ذلك. في عام 1993 كان هناك فتح لقنوات إتصال، وفي 1997 جاءت أول زيارة لوزير خارجية إيران إلى مصر، وتوالت زيارات لوزراء الصحة والإعلام، وبعد ذلك في عام 1999 حدث أول إتصال بين مبارك وإيران لتهنئتها لإنضمامها لمجموعة الـ15، وفي عام 2000 بدأت العلاقات تتوتر مرة أخرى، وفي 2001 وزير الخارجية الإيراني زار مصر، والعلاقات ظلت متأرجحة حتى عام 2008، إلى أن قامت إيران بعرض فيلم عن مقتل السادات وهذا ما إعتبرته مصر إساءة لها، في عام 2010 تم توقيع إتفاقيات لتسيير رحلات بين البلدين، وتحسنت العلاقات في عهد الرئيس محمد مرسي وكان هناك تبادل تجاري بحجم كبير، وارتفعت الصادرات الإيرانية إلى مصر، وفي قمة التعاون الدولي حدثت أول زيارة للرئيس الإيراني إلى مصر، وتلتها زيارة الرئيس محمد مرسي إلى إيران، وظلت العلاقات متأرجحة بين البلدين، وحاليا العلاقات المصرية الإيرانية رمادية وتنظر مصر لاعتبارات معينة سوف نحكي عنها تفصيلا.
صرح الجانب الإيراني أن هناك محاولات من الولايات المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل، لتأسيس حلف ضد الجمهورية الإسلامية الايرانية، مؤكدا أنها فشلت نظرا لمواقف الرفض الصريحة التي صدرت عن الدول العربية بما فيها مصر فكيف ترى ذلك؟
مصر ترفض التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة وترفض الإنضمام لأي حلف ضد إيران أو غير إيران، وتلك هي سياسة مصر الخارجية، لكن ترى أن إيران تضع عقبات في تقوية العلاقات بينها وبين مصر، مصر ترى أن من ضمن العقبات التي تضعها إيران هي تعريض الأمن العربي للخطر، وتدخل إيران في الدول العربية، مثل تدخلها في اليمن، وتقديم مساعدة الحوثيين وتهديد أمن الخليج وزرع الألغام، ومساندتها لحزب الله، و هذا يؤجج الصراع بين لبنان وإسرائيل، ويضع لبنان في حرج، وبالتالي ممكن حدوث توتر بين حزب الله وإسرائيل، وهذا ينعكس إنعكاسا كبيرا على لبنان، وأيضا تدخلها في التدهور الإقتصادي وما حدث من أزمات في لبنان بسبب تدخل حزب الله في سياسات لبنان، وهذا يحدث بوازع من إيران التي تتدخل في الشأن اللبناني، وأيضا تدخلها في سوريا وإنشاء مناطق عسكرية في سوريا، و تأجيج الصراع بينها وبين إسرائيل، ودفع سوريا للدخول في حرب مع إسرائيل، وأيضا لها دور في تأجيج الصراع في العراق.، ولذلك هي تسبب الكثير من الصراعات في المنطقة وهذا ما ترفضه مصر.
أكد الجانب الإيراني استعداده لدخول أسواق مصر عبر إنشاء مصنع لإنتاج السيارات المحلية وعقد إستثمارات مشتركة بما في ذلك إعادة تشغيل “البنك المصري الإيراني المشترك ميد بنك”، وتأسيس شركات مشتركة في مجالات النسيج والملاحة البحرية وتجارة السجاد فهل سيسهم ذلك في تحسن للعلاقات بين البلدين؟
طبعا مصر ترى أن تحسين العلاقات مع إيران يجب أن يكون وفقا لضوابط معينة، تحكمها، أولا الإحترام المتبادل بين البلدين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لمصر والدول العربية، و حق استقلال الدول العربية و تحقيق سيادتها، وتسليم العناصر المطلوبة بين الطرفين، العلاقات المصرية الإيرانية كانت في أفضل حال في عام 2013، في عهد حكم الإخوان وكانت هناك الكثير من الزيارات المتبادلة بين البلدين، لكن مساندة إيران للإخوان في ذلك الوقت كان له تأثير كبير على العلاقات وزاد التبادل التجاري بين البلدين من 26 إلى 40 مليون دولار، لكن تدهورت العلاقات بين البلدين بعد ثورة 30 يونيو، و ذلك بسبب تدخل إيران في الدول العربية.
يرى البعض أن العلاقات الوثيقة والمتنامية بين مصر والعراق وسوريا تتيح المزيد من فرص التعاون الإقليمي بين إيران ومصر، فهل تتفق مع ذلك؟
مصر طبعا علاقاتها الوثيقة مع العديد من الدول العربية في أوجها، وأيضا التعاون بين مصر والسعودية والإمارات وقطر والعديد من الدول العربية، وأيضا مصر علاقاتها قوية مع كل الدول العربية وتسعى لتحقيق استقرار كل الدول، وترى مصر أن من حق إيران إمتلاك النووي ولكن إستخدامه يقتصر على السلمي في مجال الطاقة، ومصر ترفض التهديدات ضد إيران، وخاصة التهديد الإسرائيلي لإيران، وضد الشعب الإيراني، ومصر كل ما تريده أن يتم التوقيع على عدم إنتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وأن يكون هناك إتفاق ملزم لإيران لعدم صناعة أسلحة نووية، إلى جانب عدم تدخل إيران في الشأن الداخلي للدول العربية، وأن تنئى بنفسها عن الأوضاع الداخلية لكل الدول العربية وخاصة العراق ولبنان واليمن، وعدم تهديد الملاحة في الخليج، ولكي تتقارب مصر وإيران فعلى إيران أن تلتزم بالنهج السلمي.
هل سيسبب التقارب المصري الإيراني توترا للعلاقات الخارجية المصري مع الدول التي تتخذ موقفا ضد إيران؟
بالعكس أنا أرى أن التقارب الإيراني السعودي سوف يساهم في تقوية العلاقات المصرية الإيرانية، وهذا ما تحدث عنه المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية، عندما قال إن تقوية العلاقات السعودية الإيرانية سوف يساهم في تقوية العلاقات مع مصر، وهذا كله ينعكس على العلاقات بين البلدين الشقيقين، مصر ليس لديها خلاف مع الشعب الإيراني، ولكن خلافها مع القيادة السياسية الإيرانية، وترى مصر أنه على إيران عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والتوقيع على اتفاق ملزم للحد من انتشار الأسلحة النووية في المنطقة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس