نذر حرب على صفحة النهر الخالد

71

حوار : سحر جمال

إيهاب نافع خبير العلاقات الدولية يؤكد لـ “أفريقيا برس”:
– “حماة النيل” .. ردع عسكري وتطويق سياسي ووضع للمجتمع الدولي أمام مسئولياته
– القاهرة تسعى لاتفاق قانوني ملزم ولن تقبل بالأمر الواقع وإن اضطرت للتدخل العسكري
– المناورات توحد جبهتي مصر والسودان وتنقل للخرطوم خبرات أحد أقوى جيوش العالم

أفريقيا برسمصر. التدريبات العسكرية المشتركة بين مصر والسودان تأتي بهدف توحيد جبهة البلدين في مواجهة التعنت الاثيوبي ومخاطر سد النهضة ، ويحمل رسائل عديدة لكافة المعنيين بأزمة سد النهضة، وتمثل دفعة أخيرة لتحرك المجتمع الدولي لايجاد حل سياسي للقضية، ويلفت أنظار قادة العالم لكون مصر والسودان قد أدى كل منهما ما عليه لحل الأزمة لكل جهود عشر سنوات من التفاوض تحطمت على صخرة التعنت الإثيوبي. حول هذا الموضوع وموضوعات أخرى كان لـ “أفريقيا برس” هذا الحوار مع المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية ايهاب نافع.

أفريقيا برس : ما هي أهداف التدريب العسكري المشترك بين مصر والسودان ؟

ايهاب نافع : بالتأكيد هناك أهداف واضحة وعلنية تبرز من خلال هذه التدريبات المشتركة وهو عنوان بارز في هذه المرحلة التاريخية شديدة الحرج في منطقة حوض النيل. هذه التدريبات المشتركة بين كل من مصر والسودان تقام تحت عنوان حماة النيل وتشارك في هذه التدريبات المشتركة قوات مجهزة بأسحلة متنوعة كالقوات البرية والقوات الجوية والمشاة والقوات البحرية وكذلك قوات الدفاع الجوى وهناك حالة من التدريب المتكامل وكذلك قوات الصاعقة والمظلات. كل هذه القوات المشتركة تساعد في عملية التوأمة وتبادل الخبرات وتبادل الاستراتيجيات المختلفة ما بين الجيشين المصري والسوداني. الجيش المصري هو واحد من أقوى جيوش العالم ويصنف العاشر عالميا وأحيانا يصنف فة المرتبة الثانية عشر حسب آخر ترتيب لتصنيف قوة الجيوش فى العالم. وبالتالي مصر تنقل هذه الخبرات للسودان في ظل حالة من توحيد الجبهة بين البلدين في مواجهة المخاطر التي تسببت فيها عملية اقامة سد النهضة وحالة التعنت الاثيوبي الماثلة حتى اللحظة في مواجهة المساعي المصرية والسودانية للوصول الى اتفاق قانوني ملزم ومتكامل لمواجهة المخاطر المحتملة حتى اللحظة لعملية اقامة سد النهضة والبدء في الملء الثاني للسد وهى عملية مقررة في يوليو المقبل.

الخيار الأخير
ما الرسالة الموجهة إلى أثيوبيا من خلال تلك الخطوة؟
بالتأكيد هناك رسائل حقيقية وضمنية في هذه التدريبات المشتركة بين كل من مصر والسودان فنحن نعلم ان التدريب الاول كان تدريبا مشتركا للقوات الجوية واستمر لفترة والان نحن أمام تدريب للاسلحة المختلفة لجيشي البلدين ، فالرسائل الضمنية الواضحة والبارزة والمباشرة هي ان هناك جاهزية من قبل قوات الجيش المصري والجيش السوداني في خطوة موحدة ومن على أرض السودان لمواجهة أي مخاطر تمس الحصص المائية لكلا البلدين وأن جيشا البلدين لديهم القدرة على حماية مياه نهر النيل ومواجهة أي مخاطر وطرح الخيار العسكري كخيار أخير في مواجهة مخاطر سد النهضة حال عدم التوصل لفكرة الاتفاق القانوني الملزم بالتراضي والتوافق بين كافة الاطراف وهي الفكرة التي أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة وكذلك الفريق عبد الفتاح البرهان وكذلك وزيرا خارجية البلدين وكل هذه الرسائل واضحة لكن ايضا من ضمن الرسائل التي يحملها هذا التدريب المشترك هي فكرة الردع العسكري والتاكيد على ان طرح هذا الخيار على طاولة الخيارات ربما يدفع قدما للوصول الى حل سياسي وان كانت أثيوبيا تتظاهر حتى اللحظة بالتعنت رغم كل هذه البدائل المطروحة والماثلة أمام الجميع.

رسائل تحذيرية
هل بالفعل الرسائل التحذيرية المصرية والتدريبات العسكرية تضع الحرب كخيار وحيد؟
صحيح أن هذه التدريبات بما تحمله من رسائل تحذيرية ومن خلال التدريبات المشتركة بين كل من مصر والسودان على مدار الاسابيع الماضية والتي ربما ستستمر لايام بالتاكيد لا تطرح الخيار العسكري كخيار وحيد ولكنها تدفع قدما بفكرة الخيار الدبلوماسي والاتفاق القانوني خاصة ونحن اذا علمنا أن عواصم عربية وعواصم غربية وقوى كبرى في العالم تهاتف القاهرة وتسعى لايجاد حل سياسي وتضعط بشكل أو بأخر على أديس أبابا للوصول لحل سياسي تجنبا للوصول للخيار العسكري وهو خيار كما وصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي سيزعزع الاستقرار في القارة الافريقية وكذلك بالتأكيد في منطقة حوض النيل وهو أمر ليس محبذا لا لمصر ولا لأي دولة أخرى ولكن بالتأكيد سيكون خيارا أخيرا حال عدم امتثال أثيوبيا لكل هذه المساعي الدولية وهذه الرغبة المصرية والسودانية الصادقة للوصول الى اتفاق قانوني نهائي ملزم يضمن حصة المياه لكلا البلدين دون مساس للحقوق المائية لأي دولة مع احتفاظ أثيوبيا كذلك بحقها في عمليات التنمية لكن دون وقوع أي ضرر لأن مصر تؤكد دوما أن مياه النيل هي حق للمصرين في الحياة وان كان لاثيوبيا الحق في التنمية فالنيل حق للمصرين في الحياة لا يمكن باي حال من الاحوال التنازل عنه ولذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن دون مواربة أن المساس بأي نقطة مياه من مياه النيل تمثل خطا أحمرا وبالتالي نحن نعلم أن اعلان هذ التحذير الواضح من قبل الدولة المصرية هو اعلان مكتمل الرسائل ويوضح للعالم أن مصر لن تفرط في حقوقها المائية ولن تترك أثيوبيا تعبث بالامن المائي لمائة مليون مصري ووحدت جبهتها مع السودان في زيادة الضغط على أثيوبيا والمجتمع الدولي للمضي قدما في مساع حثيثة لايجاد حل دبلوماسي يضمن حق مصر والسودان في مياه النيل وهو الامتداد التاريخي لالاف السنين فكان وسيبقى النيل يجري بالحياة في مصر والسودان.

تعنت اثيوبي
ما رأيك في ردود أثيوبيا للتحذيرات المصرية السودانية؟
للأسف الشديد رغم أن مصر دوما ترسل رسائل قوية وواضحة بلا مواربة لاثيوبيا فيما يرتبط بالاصرار المصري والحرص المصري على حق أثيوبيا في التنمية بذات الدرجة التي تحرص فيها مصر على حقها الاكيد والقانوني والتاريخي بكل الاعراف والقوانين وكل الثوابت التاريخية في مياه النيل لكن للاسف الشديد تعودنا على هذه الردود اللامبالية من قبل أثيوبيا خاصة الرد الاخير الذي يظهر فيه تارة آبى أحمد بزي عسكري في اعلانات تلفزيونية وتارة أخرى يقول انه سوف يبني مائة سد على النيل في مناطق مختلفة في أثيوبيا وهو ما يعني ان هذا الرجل يتلاعب بمصير شعبه ويهدد مصالح شعبه وأنه يسعى لايجاد خطر خارجي يحاول من خلاله توحيد شعبه المهترئ والمتنازع والمختلف عليه خاصة وأن أثيوبيا تعاني خلال الفترة الاخيرة من كثير من الاضطرابات في منطقة تيغراى من جهة ونزاعات طائفية وقومية داخلية حالت دون مساعيه لاتمام العملية الانتخابية التي قام بتأجيلها الى تاريخ غير معلوم وبالتالي هو يعانى من اضطرابات داخلية صعبة ويعاني اشكالات أمنية وطائفية، وهذه الامور الصعبة يسعى آبى أحمد الى القفز عليها من خلال ايجاد خطر واهم أن مصر تسعى لتهديد عسكري لاثيوبيا، ويتغنى بهذا الامر لتوحيد الصف الاثيوبي لكن في النهاية مصر أصبحت أمام هذا التعنت الاثيوبي ترد بمنتهى الواقعية والوضوح دون أدنى مواربة وتوضح للعالم هذه اللامبالاة التي يمارسها آبى احمد من خلال ردوده التي تتجاهل حقيقة المخاطر التي تتعرض لها مصر والسودان فيما يرتبط بحصصها المائية وهذه الردود بالتأكيد ينظر لها العالم بتقدير للمواقف ومصر حريصة على ان تضع العالم في الصورة الكاملة فيما يرتبط بأزمة سد النهضة وهذا الحرص الشديد من قبل الدولة المصرية هو الذي جعل وزير الخارجية المصري سامح شكرى يقوم بعدة جولات فى دول أفريقية ودول عربية وخارجية وكذلك الى بعض الدول الاوربية للتأكيد على أن محددات الموقف المصري ومساعي الدولة المصرية , والرئيس السيسي أعلن كذلك دوما للعالم ان مصر لن تفرط في حقوقها المائية ولو اضطر الامر الى خيار عسكري فلن تتردد الدولة المصرية لحظة واحدة في عملية الحفاظ على أمنها المائي خاصة وان سد النهضة الاثيوبي لو اكتمل على هذه الشاكلة وتم الملء الثاني سيمثل وسيصبح قنبلة نووية مائية موقوتة تهدد أمن وسلامة واستقرار كل من مصر والسودان فضلا عن حالة التعطيش والمساس بالحصص المائية وهو أمر لن تسمح به مصر على الاطلاق.

إسرائيل والسد
من وجهة نظرك من الذي يقف خلف أثيوبيا في سياستها المتعنتة؟
للاسف الشديد هناك دول وقوى اقليمية تسعى دوما لمناوأة الدولة المصرية ومحاولة تضييق الخناق عليها وممارسة نوع من التربص بها بشكل غير مباشر وغير واضح هذه القوى الدولية بالتاكيد تاتى على رأسها اسرائيل والملف المائي ووزارة الري في أثيوبيا والخبراء الذين يعملون على سد النهضة كلهم من اسرائيل، واسرائيل هي التي تدير ملف التفاوض بخصوص سد النهضة في اطار مسألة التفاوض من أجل التفاوض والخروج من دائرة تفاوض الى دائرة تفاوض جديدة هذا ما تم وعانت منه مصر على مدار عقد كامل.
اسرائيل تقف بشكل واضح مع أثيوبيا في هذا الملف فضلا عن بعض القوى الدولية التي دخلت باستثمارات حقيقية في سد النهضة وتسعى لتحجيم الدولة المصرية ومضايقة مصر والدخول في عملية استثمار مع أثيوبيا بما يمثل اضرارا بالمصالح المصرية وللاسف الشديد هناك بعض القوى وبعض الدول العربية الصديقة تستثمر وتقوم باستثمارات كبيرة في سد النهضة وتساند أثيوبيا بشكل أو باخر وبالتالى حين تصل مصر الى النقطة الفاصلة وحين تصل مصر لقرار نهائي بالتاكيد ستفضح الجميع وستضع الجميع امام حقيقة مواقفه ولن تترك لا عدوا ولا صديقا في هذه اللحظة الا وستطلعه على حقيقة ما لدينا من معلومات ومصر تعلم معلومات عن سد النهضة وتفاصيل تقنية وفنية وسياسية وما يرتبط بالتمويل ومن يساهم ومن يدعم ومن يقف وراء هذا التمويل, مصر لديها تفاصيل كاملة ربما أكثر ما لدى أثيوبيا عن هذا السد كما ذكر في السابق وزير الري المصري ومصر كما يذكر الرئيس دوما لا تنسى من ساندها وقت الشدة ولا تنسى كذلك من عاندها ولن تترك حقها على الاطلاق.

سيناريوهات الحل
ما الحلول الأخرى أمام القاهرة والخرطوم وكيف ستكون المواجهة؟
لو تحدثنا عن ما هي الخيارات لدى الدولة المصرية وما لدى القاهرة والخرطوم في مواجهة مخاطر سد النهضة في البداية مصر دخلت في مسار تفاوضي طويل استمر لعشر سنوات كاملة كانت مع الخرطوم واستعانت بعمليات الوساطة الدولية منها وساطة الولايات المتحدة الامريكية وكذلك وساطة الاتحاد الافريقي بقيادة جنوب افريقيا و بعدها الكونغو الديمقراطية، لكن تلك الوساطة الاقوى التي تدخلت فيها الولايات المتحدة الامريكية كانت يد تساعد للوصول لحل يتزعمها ويقودها وزير الخزانة الأمريكي، ويد أخرى تعثر المفاوضات وتشجع أثيوبيا على الانسحاب منها بقيادة مايك بومبيو الذي كان عميلا لدولة قطر وسعى الى تعطيل وصول الدولة المصرية الى حل لازمة سد النهضة من خلال المفاوضات التي رعاها ترامب ووقعت مصر وقتها علي الاتفاقيات التي وصلت اليها الولايات المتحدة الامريكية بالاحرف الاولى لكن للاسف لم توقع أديس أبابا وكذلك لم توقع الخرطوم والان مصر وصلت لحالة توحيد الجبهات وهي نقطة هامة تمهيدية تمثلت في أن الدولة المصرية وحدت جبهتها مع شقيقتها السودان خاصة وان المخاطر واحدة والمصير واحد وكلانا متاثر بشكل كامل في حصصه المائية وأمنه المائي بسبب هذا السد الامر الثاني هو ممارسة الدولة المصرية لحالة من التطويق السياسي من خلال عقد صفقات واتفاقيات عسكرية وأمنية واستثمارية واقتصادية مع الدول الطوق على أثيوبيا كان آخرها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدولة جيبوتي وعقد اتفاقيات مهمة معها منها اتفاقيات أمنية وسياسية ودفاعية واقتصادية وكذلك عقد مصر اتفاقيات عسكرية في غاية الاهمية مع كلا من كينيا ورواندا واتفاقيات امنية وعسكرية مع جنوب السودان فضلا عن تنزانيا وغيرها من الدول ذات الصلة بالملاحة وبدول حوض النيل ,فمصر قامت بكافة الاجراءات التي يمكن من خلالها بعث رسائل غاية في الوضوح والاهمية لاثيوبيا فمصر مارست دورا هاما وطرحت الخيار التفاوضى لسنوات طويلة ولم يجدى والان مصر توحد جبهتها مع الخرطوم فى مواجهة مخاطر اديس ابابا ووضعت كافة الدول الطوق المحيطة باثيوبيا في الصورة الواضحة والكاملة لمخاطر سد النهضة وهذا التعنت الاثيوبي الواضح ومصر هنا لديها خيارات أخيرة مرتبطة بفكرة المواجهة العسكرية بعد ان أصبحت الاوراق مكشوفة للجميع حيث أصبحت مصر الان مستعدة للمواجهة العسكرية لعدة خيارات الخيار الاول هو السيطرة على بني شنقول واستعادة أراضيها المحتلة من قبل أثيوبيا للسودان وبالتالي سيكون من بين هذه الارض سد النهضة والخيار الثاني هو توجيه ضربة مباشرة لسد النهضة وشل قدراته الفنية والحيلولة دون قيام أثيوبيا باقامة وتشغيل السد وهنا سيكون الخيار الاخير تاكيدا على أن الدولة المصرية أكدت أكثر من مرة وطرحت أكثر من مرة أنها لن تقبل بأي حال من الاحوال بسياسة فرض الامر الواقع فيما يرتبط بأمنها المائي والمسألة بالنسبة للدولة المصرية هي مسألة حياة أو موت والرئيس عبد الفتاح السيسي وضع الجميع بالمجتمع الدولي أمام مسئولياته ووضع الجميع في الصورة من خلال الجولات الدبلوماسية التي قادها وزير الخارجية المصرية سامح شكري وكذلك السودان وضعت العالم في الصورة من خلال جولات وزير الخارجية السودانية مريم الصادق وكل هذه الرؤى والتجارب مطروحة لكن يبقى التعنت الاثيوبي يمثل صخرة تتحطم عليها كافة الخيارات السلمية والسياسية والفنية التي طرحتها كلا من القاهرة والخرطوم ويبدو أن الامر بالفعل يحتكم في النهاية الى الوصول الى حل عسكري.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here