سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. أعلن مجلس الوزراء المصري أن القاهرة وقعت اتفاقين مع شركة “إيميا باور” الإماراتية، باستثمارات إجمالية تُقدر بحوالي 600 مليون دولار، وذلك لتنفيذ مشروع محطة رياح بقدرة 500 ميغاوات في منطقة خليج السويس.
وأوضح البيان أن هذه الاتفاقيات تأتي ضمن الجهود المستمرة لتعزيز قدرات مصر في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تحقيق أهداف استراتيجية مصر الوطنية للطاقة المتجددة، التي تهدف إلى تحقيق 42% من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، أجرى موقع “أفريقيا برس” حوارًا مع الكاتب الصحفي والمحلل الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب لتسليط الضوء على الاتفاق وتداعياته.
ما هي تفاصيل الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع شركة “إيميا باور” الإماراتية لتطوير محطة رياح بقدرة 500 ميغاوات؟
وفقًا لبيان مجلس الوزراء المصري، فقد تم الاتفاق مع شركة “إيميا باور” الإماراتية على تنفيذ استثمارات تُقدر بحوالي 600 مليون دولار لتطوير مشروع في قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة. يهدف المشروع إلى توليد حوالي 500 ميغاوات من طاقة الرياح في منطقة خليج السويس.
هذا المشروع، كما تم الإعلان عنه، من المتوقع أن يساهم في إطلاق مشروعات أخرى مرتبطة بالتنمية الاقتصادية وقطاع الطاقة، ويأتي ضمن خطة مصر لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.
كيف سيسهم مشروع محطة الرياح في دعم استراتيجية مصر للطاقة المتجددة؟
أعتقد أن نجاح هذا المشروع، أو حتى مجرد بدء العمل فيه، سيجذب المزيد من المشروعات في قطاع الطاقة، خصوصًا أن مصر بدأت بوضع استراتيجية لزيادة إنتاجها من الطاقة المولدة من المصادر النظيفة أو صديقة البيئة. هذا النوع من الطاقة سيساهم بشكل كبير في تحقيق الاستراتيجية التي وضعتها مصر لتكون رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، بل على مستوى العالم.
هناك مخططات تسعى إلى جعل مصر الدولة الرائدة عالميًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر، ثم تصديره إلى أوروبا. لذلك، أهمية مثل هذه المشروعات، سواء مشروع إيميا باور أو غيره من مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، تصب جميعها في تنفيذ استراتيجية مصر لتصبح مركزًا رئيسيًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
ما هي الأهداف الرئيسية لمصر من زيادة استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة؟
أعتقد أن الهدف الرئيسي هو تحقيق استراتيجية مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر أو أن تصبح مصدرًا رئيسيًا له على وجه التحديد. يعتمد الهيدروجين الأخضر بشكل أساسي على مصادر طاقة نظيفة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، بشرط ألا تكون هناك أي انبعاثات تؤثر على البيئة. إذا لم تتحقق هذه الشروط، فإن الهيدروجين المنتج لن يُعتبر أخضر بل قد يكون هيدروجين أزرق يحتوي على نسبة من الكربون، وهذا لا يتوافق مع متطلبات وشروط الاتحاد الأوروبي.
الهدف الأساسي هو بالتأكيد دعم خطة مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر. إلى جانب ذلك، هناك مجموعة من الأهداف الأخرى، مثل:
1. تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود أو توقعات ارتفاعها.
2. تقليل هدر الغاز، بحيث يُستخدم الغاز في إنتاج الأسمدة بدلاً من حرقه لتوليد الطاقة.
3. تعزيز خطط التنمية والتوسع العمراني في جمهورية مصر العربية.
الاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة يعكس توجّه مصر نحو تحقيق استدامة الطاقة والتنمية الاقتصادية في الوقت نفسه.
كيف تعتزم مصر استخدام التكنولوجيا الجديدة في مشاريعها للطاقة المتجددة مثل مشروع “أبيدوس 1” و”أبيدوس 2″؟
العالم يتجه بشكل متزايد نحو احترام البيئة واعتماد اشتراطات صارمة بشأن الفعاليات الخاصة بتبادل السلع والمنتجات، مما يجعل الالتزام بالمعايير البيئية ضرورة ملحّة. في هذا السياق، أرى أن جزءًا كبيرًا من خطط مصر يتعلق بإنشاء إنتاج نظيف يراعي هذه المعايير، بحيث تكون السلع والمنتجات المصرية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
جزء مهم من التنافسية المستقبلية يتمثل في التأكد من أن المنتجات يتم إنتاجها باستخدام مصادر طاقة نظيفة ومدخلات إنتاج صديقة للبيئة. هذا التوجه يعزز مكانة مصر الاقتصادية ويجعلها قادرة على التكيف مع المتطلبات العالمية في مجال التجارة والصناعة.
ما الدور الذي تلعبه الطاقة المتجددة في تحقيق الاستقلال الطاقوي لمصر وتقليل اعتمادها على الواردات النفطية؟
حتى وقت قريب، كانت مصر من أهم الدول المصدرة للغاز، سواء الغاز الطبيعي أو الغاز المسال، بالإضافة إلى أنها أيضًا واحدة من أبرز الدول المصدرة للبترول. ورغم أنها تستورد النفط وتصدره في الوقت ذاته، كان الميزان التجاري لصالح مصر في أغلب الأحوال.
ومع ذلك، شهدت الفترة الأخيرة تغيرًا في هذا الوضع نتيجة توقف أو وجود مشكلات فنية في بعض حقول الغاز. ومع ذلك، تشير الاكتشافات والدراسات إلى أن مصر تمتلك مخزونًا كبيرًا من النفط والغاز.
لكن التوجه نحو مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة يُعد خطوة استراتيجية لاستغلال الموارد المصرية المتاحة بشكل أفضل. فمصر تتمتع بسطوع شمسي على مدار العام، ولديها مناطق تتميز برياح دائمة ومستمرة. هذا التنوع المناخي يجعلها قادرة على إنتاج طاقة بأسعار مناسبة باستخدام مصادر جديدة ومتجددة.
أعتقد أن هذا التوجه سيسهم في تقليل الضغوط على الجنيه المصري، وسيؤدي إلى خفض الواردات من النفط ومشتقاته ومن الغاز. والأهم من ذلك، أنه يمثل استغلالًا مثاليًا للموارد الطبيعية المصرية، مما يعزز من قدرة البلاد على تحقيق استقلال طاقوي مستدام.
كيف يمكن لهذه المشروعات أن تؤثر على التوظيف والتنمية الاقتصادية في المناطق المحلية مثل أسوان؟
بالتأكيد، أي مشروع يُنفذ يساهم بشكل مباشر في تنمية البيئة المحلية. فهو يعزز العمران ويوفر فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى دعم التنمية الاقتصادية. كما يؤدي إلى خلق الصناعات المغذية والمشروعات التي يحتاج إليها العاملون في هذه المشروعات.
هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على مناطق مثل أسوان، خليج السويس، الضبعة، الوادي الجديد، مرسى مطروح وغيرها. بشكل عام، المشروعات في أي منطقة تُساهم في تطوير البيئة المحلية.
أما مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، فهي تحمل أهمية خاصة لأنها تستغل الموارد الطبيعية المتاحة في المناطق، مثل الشمس والرياح، والتي غالبًا ما تكون موارد اقتصادية مهدرة. هذا الاستغلال الأمثل للموارد يساهم في تحسين البيئة الاقتصادية والتنموية في هذه المناطق.
ما هي التحديات التي قد تواجهها مصر في تنفيذ هذه المشاريع الكبيرة للطاقة المتجددة؟
التحدي الرئيسي الذي تواجهه مصر في تنفيذ هذه المشاريع هو التمويل. فجميع مشكلات التنمية في مصر ترتبط بشكل أو بآخر بتوفير الموارد المالية اللازمة.
في حال توفر التمويل، لن تكون هناك عقبات كبيرة، حيث تمتلك مصر العديد من المقومات التي تؤهلها للنجاح في هذا المجال، منها الكفاءات البشرية المدربة، والأيدي العاملة المؤهلة، إلى جانب جهاز إداري يتمتع بمستوى عالٍ من الكفاءة.
كما أن لدى مصر خبرات كافية تمكنها من تنفيذ وإدارة هذه المشروعات الكبيرة بشكل جيد، ما يجعل التمويل العامل الأهم لضمان تنفيذ هذه المشروعات بفعالية.
كيف تعزز هذه المشروعات مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة وكيف تؤثر على علاقاتها الإقليمية؟
العامل الأهم في تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة هو التعاون الجاد والحقيقي مع أوروبا، خاصة في مجال إمدادها بالطاقة النظيفة، وعلى وجه التحديد الهيدروجين الأخضر.
الهيدروجين الأخضر يعتمد بشكل أساسي على مصادر طاقة نظيفة، كما تم ذكره سابقًا. نجاح خطط مصر واستراتيجياتها في أن تصبح مركزًا عالميًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر سيؤدي إلى تعزيز التعاون مع الدول الأوروبية والدول الأخرى.
علاوة على ذلك، ستسهم هذه المشاريع في ترسيخ دور مصر المحوري في القضايا الإقليمية والدولية. تحول مصر إلى مركز لإنتاج الطاقة النظيفة سيعزز مكانتها الإقليمية والدولية، ويقوي علاقاتها مع الدول الأفريقية والأوروبية على حد سواء.
ما هي فوائد الإمارات من هذا الاتفاق؟ وهل يعزز من نفوذها الاقتصادي داخل مصر؟
بالتأكيد، الإمارات ستحقق أرباحًا كبيرة من هذا المشروع، حيث إن التكاليف في مصر ستكون أقل مقارنة بأي مكان آخر. المشروع يمثل استثمارًا ذا جدوى اقتصادية عالية، يتيح للإمارات جني أرباح كبيرة من خلال استغلال مناخ الاستثمار الجاذب في مصر.
أما فيما يتعلق بتعزيز النفوذ الاقتصادي، فإن هذه المسألة تستحق النظر. فالاستثمار هنا يشبه أي استثمار آخر، حيث تفتح مصر أبوابها لكل استثمار منتج يستفيد من البيئة الاستثمارية المتميزة في البلاد، ويحقق أرباحًا للطرفين.
من حق رأس المال البحث عن الأماكن التي تحقق له أرباحًا، ولكن لا يمكن ربط الاستثمار بزيادة النفوذ بشكل مباشر. المهم أن هذه المشاريع تصب في مصلحة الطرفين وتساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس