“استحضار الغياب”.. خيالات في ألبوم اللاوعي واستعادة لدرّية شفيق

6
"استحضار الغياب".. خيالات في ألبوم اللاوعي واستعادة لدرّية شفيق

أفريقيا برس – مصر. أحد العوامل التي تجعل من الفنون قادرةً على ترك أثرها عند المتلقّي، يتجلّى في قدرتها على التعامل مع الزمن، تجاوُزه أحياناً أو عكس ذلك، أي استحضاره وسحبه إلى المُثول واقعياً. هذه الموضوعة بالذات هي ما يقوم عليها معرض “استحضار الغياب” الذي احتضنه “مركز الصورة المعاصرة” في القاهرة، طوال الشهرين الماضيين.

تضمّنَ المعرض مشروعات لثلاث فنّانات، هُنّ: راوية صادق، وهاجر عز الدين، ونادية منير، في محاولتهنّ لاجتراح رؤيةٍ تُقاطِع ما بين الوعي النسوي وما يمثّله الغِياب، بوصفه حالةً يُمكن أن يُستعان عليها بالفنّ، خاصّةً أنّه طالما شكّل بامتداداته الاجتماعية المُختلفة تأطيراً لحضور المرأة فيه.

اتّخذت نادية منير “1988” من ألبوم الصور العائلي نقطةَ توجّه في أعمالها الفوتوغرافية التي حملت عنوان “ألبوم اللاوعي”، وصحيح أنّ هذه الالتفاتة تحملُ بُعداً عامّاً، فكلُّ عائلة بحوزتها ذلك الصندوق الذي تطوي به ذكرياتها، وتملأه بلحظات الفَقد والحنين إلى الماضي، ولكنّ منير حاولت أن توازي العامّ بالخاص، في سعيٍ منها لتشكيل صورة جديدة تتخطّى فيها نزعة الحنين وتبحث في تحوّلات العلاقة ما بين الجسد والكاميرا. تستكمل منير ما بدأته في معارضها السابقة “قالت أقسم أنّي أرى ضوءاً يخرج من جانب عيني” “2016” و”سأدافع عن نفسي” “2017”، حيث لا تعيد صورُها إنتاج الماضي – رغمَ أنّها تحاكي الوضعيات الأصلية لأبويها صاحِبَي الصور – بقدر ما تشكّك في حقيقته.

في المقابل، تناولت هاجر عز الدين في “خيالات منزلية” مفهومَ العمل المنزلي، وبالأخصّ موقع نساء الطبقة الوسطى فيه، العمل الذي يستحيل إلى منظومة حياتية تخترق التفاصيل، وتهيمن على الروح والجسد والوقت في آن واحد.
وبمجموعة من الوسائط المتعدّدة من صورٍ وأدوات منزلية وموادّ أرشيفية ترجع إلى حقبة الثمانينيات المصرية، بالإضافة إلى لقاءات مع سيّدات مصريات؛ تمكّنت عز الدين من إعادة تعريف الجَمال ومحدّداته المعيارية، الأمر الذي حوّل عمل الفنّانة إلى مساءلة كلّية للأوضاع القائمة التي تعيشها المرأة وتُحكَم بها، إنّها استراتيجيات خفيّة بالفعل، بيد أنّ قوّتها تكمن في احتجابها وقدرتها على تغييب النساء.

وفي سياق متّصل تابعَت راوية صادق “1952” ما للغياب من حضور في “وقت يتمدّد” وذلك من خلال بحثها الفنّي في سيرة المناضلة المصرية درّية شفيق “1908 – 1975” التي يُنسب إليها الفضل في حصول المرأة المصرية على حقّ الترشّح في دستور 1956، ورغم مسيرتها الحافلة بالنضال ما إن انتقدت النظام الناصري في ستينيات القرن الماضي حتى عُزلت ووضعت تحت الإقامة الجبرية، واختفى ذكرُها عن الحضور. قرأت صادق أوراقاً من تلك السيرة يوم الأحد الماضي حملت عنوان “في الغرفة: قراءة أدائية مع راوية صادق” لخّصت فيها الفعل السياسي القصدي والعامد إلى تحجيم النساء وفاعليّتهن الاجتماعية.

يُشار إلى أنّ هذه القراءة استكمال لمشروع صادق حول درّية شفيق الذي بدأته قبل سنوات بمعرض “عن الصدفة والشيخوخة والاكتئاب” “2017” ثمّ “ذاكرة للزائل: ثلاثية الزمن في ستينيات درية شفيق” “2019”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here