ارتفاع أسعار الدواجن والبيض.. إرهاق الأسر قبل رمضان

7
ارتفاع أسعار الدواجن والبيض.. إرهاق الأسر قبل رمضان
ارتفاع أسعار الدواجن والبيض.. إرهاق الأسر قبل رمضان

أفريقيا برس – مصر. مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يواجه المصريون أزمة جديدة تضاف إلى أعبائهم الاقتصادية المتزايدة، تتمثل في ارتفاع أسعار الدواجن وبيض المائدة والكتاكيت. وعلى الرغم من إعلان وزارة الزراعة فتح باب استيراد الكتاكيت وبيض المائدة لضبط الأسعار، تشهد الأسواق ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار وهو ما ينذر بملامح أزمة بدأت تلوح في الأفق خلال الشهر الفضيل الذي يشهد عادةً نشاطاً مكثفاً للبيع والشراء.

وشهدت أسعار الدواجن ارتفاعاً ملحوظاً هذه الفترة، حيث سجل سعر كيلو الفراخ الساسو 95 جنيهاً (1.9 دولار تقريباً)، والفراخ البلدي 125 جنيهاً، بينما بلغ سعر الفراخ البيضاء الأكثر مبيعاً في مصر 95 جنيهاً للكيلو داخل المزرعة، مع إضافة 10 إلى 15 جنيهاً عند البيع للمستهلك. أما الكتكوت فوصل سعره إلى 54 جنيهاً، وهو ما يشكك في جدوى هذا القرار في خفض الأسعار.

المشهد ليس مجرد رقم يتصاعد على لوحات الأسعار، بعد أن أثار قرار وزارة الزراعة بفتح باب الاستيراد جدلاً واسعاً، حيث اعتبره البعض اعترافاً غير مباشر بوجود خلل في منظومة الإنتاج المحلي، لقطاع الدواجن الذي يعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي، إذ تنتج مصر سنوياً نحو 14 مليار بيضة، و1.4 مليار طائر، باستثمارات تتجاوز 100 مليار جنيه.

فيما وصفه آخرون أنه انعكاس لعاصفةٍ تلوح في الأفق، قد تحمل معها مزيداً من الاضطرابات، ستؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار في سوق اللحوم والمنتجات المرتبطة بها في الفترة المقبلة، مما يزيد العبء على المستهلك المصري الذي يعاني فعلاً من ارتفاعات متكرّرة في أسعار عدد من السلع الغذائية.

قلق المواطنين من ارتفاع أسعار الدواجن

وأعرب العديد من المواطنين عن قلقهم إزاء الارتفاع الملحوظ في أسعار البيض والدجاج، اللذَين يعتبران من السلع الأساسية على موائد الإفطار والسحور، وتقول فاطمة عبد الرحمن، ربة منزل من الإسكندرية: “أسعار البيض والدجاج أصبحت لا تطاق، كنا نعتمد عليهما بديلاً للحوم الحمراء، لكن لم يعد هناك فرق كبير في الأسعار الآن، وهذا يشكل عبئاً إضافياً على ميزانية الأسرة، وبخاصة مع اقتراب شهر رمضان”.

ويضيف محمود علي، موظف حكومي: “إنّ زيادة الأسعار مع دخول رمضان تجعلنا نضطر لتقليل الكميات التي نشتريها؛ كنت أشتري طبق بيض كامل لأطفالي كلّ أسبوعين، والآن أكتفي بنصف الكمية”، أما نجلاء يوسف، معلمة، فعبرت عن استيائها قائلة: “لا أفهم كيف ترتفع الأسعار بهذه السرعة، كل أسبوع نجد زيادة جديدة دون مبرّر واضح، ونحن بوصفنا أسراً متوسطة الدخل لا نعرف كيف ندبر أمورنا. كان من المعتاد أن يكون رمضان شهر الخير، ولكنه الآن أصبح شهر التحديات المالية، فالأسعار المرتفعة تجعلنا نقلل من تنوع الأطعمة على المائدة”.

ويضيف الشاب كريم حسن، صاحب محل بقالة: “المستهلكون يشكون يومياً من الأسعار، ونحن التجارُ نعاني أيضاً؛ لأن ارتفاع الأسعار يقلل من حركة البيع، فالزبائن يترددون قبل الشراء، ويشترون بكميات أقل”.

موجة تضخمية في مصر

وفي السياق، يقول الدكتور أحمد منصور، الخبير الاقتصادي وعضو شعبة الدواجن بالإسكندرية “إنّ ارتفاع أسعار الدواجن هو جزء من موجة تضخمية عامة تعيشها مصر في الوقت الحالي، ولا تنفصل عن الارتفاعات الأخرى التي ستشهدها الأسواق المصرية”.

وأضاف أنّ “أسعار البروتينات الحيوانية الأخرى مثل اللحوم الحمراء والأسماك ستشهد أيضاً ارتفاعات ملحوظة في الفترة الأخيرة، وهو ما يؤثر بصورة مباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين، فتكلفة المواد الغذائية ترتفع بشكل غير مسبوق، مما يضطر الأسر إلى تقليص نفقاتها الغذائية والتوجه نحو شراء كميات أقل من اللحوم والبروتينات”.

ويؤكد الخبير الاقتصادي: أنّ المواطن المصري يعاني بالفعل من ضغوط اقتصادية كبيرة نتيجة ارتفاع معدلات التضخم في السلع والخدمات كافة، والآن يأتي ارتفاع أسعار الدواجن ليضيف عبئاً جديداً على الأسر، كما سيصعب العثور على بدائل أرخص، مطالبًا الحكومة بالتدخل لدعم المربين بشكل مباشر، وذلك من خلال تقديم تسهيلات في شراء الأعلاف أو توفير قروض ميسرة للمربين لضمان استقرار الأسعار.

ويرى أن التقلبات في أسعار الدواجن والبيض سببه عدة عوامل منها ارتفاع أسعار الأعلاف التي تُعد المكون الأساسي لتربية الدواجن، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على استيراد مكونات الأعلاف مثل الذرة الصفراء وفول الصويا، ومع تذبذب سعر الدولار وزيادة تكاليف الشحن العالمية، ينعكس ذلك على أسعار الأعلاف محلياً، وبالتالي على أسعار الدواجن والبيض.

مقترحات لحلّ أزمة ارتفاع الأسعار

في السياق ذاته، يشير الدكتور يوسف العشري، خبير الثروة الحيوانية ورئيس إحدى شركات إنتاج الدواجن، إلى أن هناك تحديات أخرى تواجه قطاع الدواجن في مصر، من بينها ارتفاع تكاليف الطاقة المستخدمة في تدفئة المزارع خلال فصل الشتاء، بالإضافة إلى العوامل البيئية مثل انتشار الأمراض الموسمية بين الدواجن، مما يؤدي إلى خسائر في الإنتاج وانخفاض المعروض، فالأمر لا يتعلق بالتكاليف الاقتصادية فحسب، بل بنقص الكفاءات في إدارة سلاسل التوريد أيضاً، ما يؤدي إلى سوء توزيع المنتجات بين المحافظات.

ويرى “العشري”: أن جزءاً من الرفع الحالي للأسعار، يتعلق بعملية تَحوّط يجريها المربون بهدف الاستفادة من زيادة الإقبال مع اقتراب شهر رمضان، لافتاً الي أن العرض والطلب يؤديان دوراً مهماً، فعندما تزداد معدلات الطلب بشكل موسمي أو نتيجة ظروف اقتصادية معينة، دون أن يقابل ذلك زيادة في الإنتاج، ترتفعُ الأسعار، وفي بعض الأحيان قد يلجأ التجار إلى تخزين كميات كبيرة من المنتجات بهدف خلق نُدرة مصطنعة في السوق.

وأضافت العشري، أن الحلول الممكنة تتطلب نهجاً متكاملاً يشمل دعم المنتجين المحليين من خلال تخفيض تكلفة الأعلاف، وتحسين البنية التحتية لسلاسل الإمداد، فضلاً عن تشجيع الاستثمار في مشروعات إنتاج الأعلاف محلياً لتقليل الاعتماد على الاستيراد. و طالب الحكومة بتشديد الرقابة على أسواق الدواجن، لضبط الأسعار ومنع الاحتكار، بالإضافة إلى توعية المستهلكين بترشيد الاستهلاك خلال فترات ارتفاع الأسعار، وتنفيذ برامج دعم طارئة للمربين، وذلك لمنع المزيد من الارتفاعات في أسعار الدواجن والمنتجات المرتبطة بها.

التجار ينتقدون قرار استيراد بيض المائدة

في المقايل يعرب أحمد نبيل، رئيس شعبة بيض المائدة في اتّحاد منتجي الدواجن، عن دهشته من قرار استيراد بيض المائدة لمواجهة ارتفاع الأسعار على الرغم من توفر إنتاج محلي يغطي الاحتياجات، مؤكداً أنه يتناقض مع توجيهات القيادة السياسية، وسيؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة وتفاقُم نسبة البطالة، مشدداً على ضرورة دعم قطاع الدواجن لزيادة الإنتاج وتحقيق الاستقرار دون الحاجة إلى الاستيراد.

ويوضح أن هذا الارتفاع لن يقتصر فقط على الدجاج، بل ستمتد تأثيراته إلى جميع مشتقات الدواجن مثل البيض والفراخ المجمّدة، كما سيؤثر على قطاع المطاعم مباشرةً، مما قد يؤدي إلى رفع أسعار الوجبات السريعة وغيرها من المنتجات المرتبطة بالدجاج.

بدوره يقول عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية، إن الدولة تسعى لضمان توفير البروتين الحيوي لجميع المواطنين خلال شهر رمضان، والذي يشهد زيادة في الطلب على الدواجن والبيض بنسبة تتراوح بين 25% و30%، معتبراً أن قرار الاستيراد يهدف لسدّ الفجوة الناتجة عن ارتفاع أسعار الدجاج المحلي وضمان استقرار السوق.

ويشير رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية، في تصريحات صحفية إن هناك عدة عوامل تجعل من الصعب تقبل هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، إذ إن أسعار الأعلاف قد انخفضت مؤخراً بشكل ملحوظ، كما أن الطقس حتى الآن لا يعاني من تقلبات كبيرة تؤثر على الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، فإن توافر الدولار في السوق يعد عاملاً مستقراً نسبياً، مما يزيل الضغوط المتعلقة بتكاليف الاستيراد.

واعتبر رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية، أن قرار الحكومة باستيراد الدواجن والكتاكيت من المفترض أن يضبط السوق والأسعار من أجل الانتهاء من هذه الأزمة وتخفيف آثارها، وبخاصة أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن أسعار الدواجن ومشتقاتها قد تستمر في الارتفاع خلال الأشهر القادمة، خاصة مع توقعات بعض المربين بزيادة تكلفة الإنتاج.

وأكد “السيد”، أن الأعلاف تمثل جزءًا كبيرًا من تكاليف تربية الدواجن، ومع انخفاض أسعارها من المفترض أن نرى استقرارًا أو انخفاضًا في أسعار الكتكوت، ولكن ما يحدث الآن يشير إلى وجود اختلالات في السوق تحتاج إلى تدخل عاجل من الجهات المختصة”.

(الدولار= 50.3 جنيها تقريبا)

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here