توقعات بتراجع الطلب العالمي على القمح بسبب مشكلات اقتصادية

8
توقعات بتراجع الطلب العالمي على القمح بسبب مشكلات اقتصادية
توقعات بتراجع الطلب العالمي على القمح بسبب مشكلات اقتصادية

أفريقيا برس – مصر. توقعت وكالة رويترز انخفاض واردات القمح العالمية هذا العام بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي لدى كبار المشترين، وارتفاع قيمة الدولار الأميركي، بالتزامن مع زيادة الإنتاج المحلي من الحبوب، مما يقلل من عمليات الشراء ويؤدي إلى ضغوط على الأسعار، رغم أن المخزونات العالمية تتجه نحو أدنى مستوياتها في تسع سنوات. وقد يؤدي انخفاض الشراء من قبل كبار المستوردين إلى الحد من ارتفاع أسعار الحبوب، حيث يعوض المخاوف من أن الطقس غير الملائم في منطقة البحر الأسود، التي تعد أكبر منطقة تصدير في العالم، وكذلك في الهند والولايات المتحدة، سيؤدي إلى تراجع الإنتاج. وفي الوقت نفسه، فقد يؤثر تراجع الاستهلاك في الصين سلبًا على المزارعين الأستراليين الذين أنهوا مؤخرًا حصاد محصول قياسي تقريبًا، والذين اعتمدوا في السنوات الأخيرة على الطلب الصيني.

وأشارت رويترز إلى أن الصين التي تعد أكبر مستورد للقمح، قد تستورد في النصف الأول من عام 2025 أقل من نصف وارداتها المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي من القمح، في حين أنه من المرجح أن يتباطأ نمو الطلب في إندونيسيا ثاني أكبر مشترٍ للقمح في العالم، ومصر التي تحتل المرتبة الثالثة بين المستوردين، وفقًا لما أفادت به مطاحن الدقيق والتجار والمحللون.

ومن المرجح أن تحد زيادة إنتاج القمح في الصين وانتعاش إنتاج الأرز في إندونيسيا من حجم الواردات هناك، بينما سيؤدي محصول أكبر في العراق إلى تقليل واردات أحد أكبر المشترين في الشرق الأوسط، وفقًا لما ذكره التجار والمحللون. وقال دينيس فوزنيسينسكي، المحلل في بنك الكومنولث في سيدني: “أحد العوامل التي قد تؤدي إلى انخفاض الطلب على المدى الطويل هي زيادة الإنتاج في الأسواق الرئيسية المستوردة، مثل الصين”.

ووفقًا لتقديرات وزارة الزراعة الأميركية الصادرة في 22 يناير/كانون الثاني، فمن المتوقع أن يرتفع إنتاج القمح في الصين بنسبة 2.6% في العام المنتهي في يونيو/ حزيران 2025 مقارنة بالفترة السابقة. كما ذكرت وزارة الزراعة الأميركية أن الواردات خلال هذه الفترة قد تنخفض بنسبة 37% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 8 ملايين طن متري، استنادًا إلى بيانات من المركز الوطني الصيني لمعلومات الحبوب والزيوت.

وأضاف فوزنيسينسكي: “البيئة الجيوسياسية المتقلبة التي نشهدها حاليًّا، بما في ذلك الحروب الفعلية والحروب التجارية، تدفع الدول المستوردة إلى زيادة الإنتاج المحلي لتقليل اعتمادها على سلاسل التوريد العالمية”. وقالت رويترز إنه من المتوقع أن يحدث انخفاض الواردات في وقت تشهد فيه المخزونات العالمية تراجعًا، حيث تتوقع وزارة الزراعة الأميركية انخفاض المخزونات إلى أدنى مستوياتها منذ تسع سنوات بحلول نهاية يونيو/ حزيران.

وقد ينخفض استهلاك القمح أيضًا في الأسواق الرئيسية بسبب تباطؤ النمو، إذ من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الصيني في عام 2025، بينما يشهد اقتصاد إندونيسيا حالة من الركود، ونما الناتج المحلي الإجمالي لمصر في 2024/2023 بمعدل أقل مما كان عليه في العام السابق. وارتفعت تكاليف استيراد القمح، أو ظلت ثابتة، رغم وصول الأسعار الدولية إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات في عام 2024، حيث انخفضت قيمة العديد من عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار.

وتأثرت قيمة اليوان الصيني بسبب النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، بينما يقترب كل من الروبية الإندونيسية والجنيه المصري من أدنى مستوياتهما التاريخية مقابل الدولار.

التأجيلات الصينية لاستيراد القمح

أجلت الصين مؤخرًا استيراد ما يصل إلى 600 ألف طن متري، ويتوقع التجار أن تنخفض عمليات الشراء في الأشهر المقبلة، إذ يقول دارين فريدريكس، الشريك المؤسس لشركة “سيتونيا كونسالتنغ” ومقرها شنغهاي، إنه يتبنى نظرة متشائمة تجاه الطلب الصيني على القمح خلال الأشهر الستة المقبلة، مضيفًا: “كان محصول القمح الصيني لعام 2024 قد شهد ظروفًا جوية شبه مثالية، مما أدى إلى تسجيل إنتاج قياسي بجودة عالية جدًّا. ليست هناك حاجة كبيرة إلى الاستيراد”.

وقام المستوردون الصينيون بحجز حوالي مليون طن من القمح للوصول في مارس/ آذار، وهو رقم أقل مما كان عليه في السنوات الأخيرة، حيث كانت المبيعات في هذا الوقت من العام تبلغ ضعفاً أو ثلاثة أضعاف هذا الرقم، وفقًا لما ذكره رود بيكر، المحلل في “أستراليان كروب فوركاسترز”.

المستوردون الآسيويون المنافسون يقلصون أيضًا عمليات الشراء.

ومن المتوقع أن ينتعش إنتاج الأرز في إندونيسيا هذا العام بعد أن أثرت ظاهرة النينيو الجوية سلبًا على المحصول في العام الماضي، حيث تتوقع الحكومة أن يرتفع الإنتاج إلى 32.8 مليون طن، مقارنة بـ30.62 مليون طن في 2024. ويساعد ذلك شركات تصنيع الأغذية على العودة إلى استخدام دقيق الأرز المحلي بدلاً من القمح المستورد. وقال مسؤول تنفيذي بارز في رابطة منتجي دقيق القمح في إندونيسيا إن ضعف الروبية الإندونيسية يؤثر أيضًا على مشتريات القمح. وقال: “القوة الشرائية انخفضت بسبب قوة الدولار”.

ومن المرجح أن تنخفض مشتريات القمح المصرية هذا العام، حيث اشترت شركة “مستقبل مصر”، المشتري الرسمي للحبوب، 1.267 مليون طن في نهاية ديسمبر/ كانون الأول، وهو ما يكفي لتغطية احتياجات البلاد حتى يونيو/ حزيران، بحسب ما أعلنت آنذاك. ومع ذلك، اشترت الشركة حوالي 250 ألف طن إضافية في يناير/ كانون الثاني. وعادةً ما كانت هيئة السلع التموينية المصرية، المشتري الحكومي السابق، تشتري ما بين 4 إلى 5 ملايين طن سنويًّا.

وفي عام 2024، استوردت مصر حوالي 14.7 مليون طن من القمح عبر كل من القطاعين الحكومي والخاص، وفقًا لبيانات تجارية استعرضتها رويترز. وقال أحد تجار الحبوب الألمان: “المستورد الكبير، مصر، يعاني مشكلات اقتصادية خطيرة، حيث يعاني ضعف النمو الاقتصادي، ويحتاج إلى تمويل من الجهات المانحة العربية لمساعدته في شراء القمح”. وأعلن العراق، أحد المشترين الرئيسيين في الشرق الأوسط، في أكتوبر/تشرين الأول، أنه سيوقف استيراد القمح لبرنامج الإعانات الخاص به، بسبب فائض محصول يبلغ 1.5 مليون طن ناتج عن حصاد استثنائي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here