إسرائيل تشهر سلاح الغاز في وجه مصر: حرب الظلمة

3
إسرائيل تشهر سلاح الغاز في وجه مصر: حرب الظلمة
إسرائيل تشهر سلاح الغاز في وجه مصر: حرب الظلمة

عادل صبري

أفريقيا برس – مصر. قررت الحكومة المصرية زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى ساعتين يومياً، بزيادة 100% عن الجدول المنفذ منذ يونيو/ حزيران الماضي. يكشف تراجع الحكومة عن وعدها بوقف انقطاع التيار، بحلول شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عن أزمة عميقة بين الأجهزة الرسمية، ظهرت في تناقض تصريحات كبار المسؤولين حول مبررات القرار الذي رفع حملات الغضب الشعبي من انقطاعات التيار في معظم محافظات مصر.

ودشن مصريون حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن استمرار غرق الأحياء والشوارع في الظلام. وأرجع مجلس الوزراء زيادة انقطاع التيار إلى ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة معدلات الاستهلاك، خلال الأسبوع الماضي، بينما تشير وزارة البترول إلى ارتفاع معدلات إنتاج الحقول المصرية من الغاز بما يكفي حاجة القطاعات الأساسية بالدولة، مع توجيه الفائض للتصدير، بينما التزمت وزارة الكهرباء، جهة الإنتاج وتشغيل المحطات، الصمت، مكتفية بالتأكيد على امتلاكها محطات توليد تكفي حاجة البلاد، مع حجبها نشر البيانات اليومية عن معدلات التشغيل والتوليد بالشبكة الموحدة.

وأكد مراقبون أن حالة انقطاعات التيار الكهربائي ستظل مستمرة إلى فترات زمنية غير معلومة، في ظل توقف استيراد الغاز من إسرائيل، منذ بدء العدوان على غزة، واستخدامها صفقة الغاز سلاحاً للضغط على مصر، وقبول ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء، وسط عدم قدرة الحكومة على تدبير الدولار لشراء احتياجات البلاد من الطاقة، مع توقف مشروع الدعم العربي لتوليد الكهرباء الذي مولته دول الخليج خلال السنوات الماضية.

منعت إسرائيل تدفق الغاز بنسبة 20% من حقلي تمار وليفايثان بعد يومين من بدء العدوان على غزة نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري. فقد أوقفت شركة شيفرون الأميركية التي تدير حقول الغاز الإسرائيلية، تدفق الغاز تماماً إلى مصر منذ أسبوعين معلنة في تصريحات صحافية أنها تمنح أولوية تسليم الغاز لإسرائيل، مع إمكانية شحن جزء من الغاز المتعاقد عليه مع مصر، دون تحديد الكمية، ولا السقف الزمني لوقف إمدادات الغاز عبر الشبكة المتصلة مع مصر مباشرة أو عبر الأردن.

وأعلن مجلس الوزراء أن توقف واردات مصر من الغاز، في تطور يعكس تأثير الحرب في غزة على مصر ومنطقة شمال أفريقيا، يهدد استئناف الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوربي. وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، سامح الخشن، في تصريحات متلفزة، أن انقطاعات التيار الكهرباء ستظل مستمرة لفترة غير محددة المدة، منوهاً بأنها لن تنتهي قريباً، مع زيادة أوقات انقطاع التيار من معدل ساعة إلى ساعتين يومياً في أنحاء البلاد.

ويبرر الخشن زيادة فترة انقطاع التيار الكهربائي بـ “الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة عن مثيلاتها في الفترة نفسها من العام السابق”، مستشهداً بجدول يبين زيادة متوسط درجات الحرارة خلال الفترة من 22 -28 أكتوبر، ما بين درجتين إلى ثلاث درجات. ويفسر الخشن تأثير زيادة الحرارة بأنه أدى إلى زيادة في معدل استهلاك الغاز الطبيعي بنحو 250 مليون قدم إلى 700 مليون قدم يومياً، بنسب تتراوح ما بين 6.5% إلى 18%، خلال الفترة نفسها.

والتزمت الحكومة ببرنامج وطني لخفض استهلاك الكهرباء، منذ يونيو/ حزيران 2023، بترشيد الاستهلاك بالمباني والمنشآت العامة والتجارية، وإنارة الشوارع والميادين، وقطع التيار الكهربائي، عبر نظام مجدول عن المناطق السكنية والصناعية، دون المناطق السياحية بسيناء، والبحر الأحمر، والساحل الشمالي.

ويؤكد خبير شؤون الطاقة، حسام عرفات، أن مصر لديها كميات كافية من الغاز للوفاء باحتياجاتها المحلية، والتي تشمل محطات التوليد، وتشغيل شبكات الغاز للمنازل، ومحطات الوقود، والمصانع، مبيناً أن مؤسسة الرئاسة حددت استخدامات هذا الغاز بمعدل 50% للسوق المحلي، وتصدير 50% للدول التي تعاقدت على شراء الغاز، ويتطلب الأمر الوفاء بالعقود معها، وضمان الحصول على عملة صعبة تمكّن الدولة من شراء كميات بديلة من الوقود، لتشغيل المحطات التي تعمل بالمازوت والسولار.

وطالب عرفات بأن يلتزم الجميع بالشفافية، مع إعلان مؤسسة الرئاسة عدة مرات أن الدولة في حاجة إلى صرف ما بين 300 مليون دولار إلى 400 مليون دولار شهرياً، لشراء الوقود من الخارج، لمحطات التوليد، بمتوسط 12 مليار دولار سنوياً، تعادل 108 مليارات جنيه من الموازنة العامة، وهو أمر يصعب تدبيره، في ظل العجز الكبير بموارد الموازنة.

كما يشير عرفات إلى أن حالة الحرب في غزة تقضي بضرورة ترشيد استهلاك الطاقة، مبيناً إمكانية قطع التيار الكهربائي خلال الأوقات النهارية، وحظرها ليلاً، لأسباب اجتماعية وأمنية، مع تخفيض وقت الانقطاعات عن المناطق الصناعية والتجارية، وزيادتها على المنازل التي تستهلك نسبة عالية من الطاقة المولدة بأنحاء الجمهورية، شرط أن تكون مجدولة بدقة ومعلومة لدى المواطنين.

وفي السياق، يشير خبير الطاقة الجديدة والهيدروجين الأخضر عادل السماحي إلى ضرورة إسراع الحكومة في إنهاء مشروعات الطاقة المتجددة المتأخر تنفيذها على مدار العامين الماضيين، وربطها بالشبكة الموحدة، لتعويض النقص في توليد الكهرباء من الغاز والمحطات الحرارية.

ويتحدث السماحي عن وجود عشرات المشروعات لتوليد الطاقة من الرياح والشمس، تحتاج إلى تمويل عاجل لبعض مكوناتها بالدولار، بما يؤهلها لتوفير نحو 5% إضافية من الطاقة المولدة حالياً بأنحاء البلاد، خلال أشهر عدة، مؤكداً أن الدولار الذي ينفق على توليد الطاقة المتجددة، يمتد أثره لمدة 25 عاماً.

وتتجه أسعار الغاز إلى الصعود نحو النسب القياسية التي شهدها العام الماضي، مع توقعات بأن تقفز أسعار خام برنت فوق مستوى 100 دولار للبرميل، مع استمرار الحرب على غزة ودفعها لحالة الاضطراب السياسي والأمني بمنطقة الشرق الأوسط، بالتوازي مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وفرض مقاطعة غربية على الغاز والمنتجات البترولية من روسيا.

وتوفر دول المنطقة نحو 33% من نفط العالم، وفي ظل مخاوف من اتساع دائرة الحرب على نطاق إقليمي، من المرجح أن تؤدي إلى ارتفاعات هائلة بالأسعار، واضطرابات في سلاسل الإمداد، وفقاً لخبراء.

وتستورد مصر الغاز من إسرائيل لتعمل على تسييله بمحطتي الإسالة في مدينتي إدكو ودمياط شمال الدلتا، في إطار اتفاق دولي ترعاه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بما يضمن توفير الغاز لأوروبا، وتنفيذ قرارات الحظر الغربي على الشركات الروسية. وحصلت الحكومة على 8.8 مليارات دولار مقابل صادراتها عام 2022، حصلت إسرائيل منها على 2.5 مليار دولار.

كذلك تبحث الحكومة المصرية تقليص نفقات الإنفاق لمواجهة أزمة اقتصادية طاحنة، تشمل شح العملة الصعبة، مع تدهور متواصل بقيمة الجنيه، وتزايد العجز المزمن بين الصادرات والواردات، وارتفاع قياسي في تضخم الأسعار، مدفوعة بزيادة أسعار السلع الغذائية والأساسية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here