إنه الاقتصاد يا غبي.. شعار يسترجعه خبراء في مصر لمواجهة ثورة مفاجئة

12
إنه الاقتصاد يا غبي.. شعار يسترجعه خبراء في مصر لمواجهة ثورة مفاجئة
إنه الاقتصاد يا غبي.. شعار يسترجعه خبراء في مصر لمواجهة ثورة مفاجئة

أفريقيا برس – مصر. استضاف المركز المصري للدراسات الاقتصادية، الدكتور جيمس أ روبنسون الأستاذ بكلية هاريسون للسياسات العامة، بجامعة شيكاغو، والخبير في تحليل الأزمات والعلاقة بين الفقر والمؤسسات السياسية، لبحث التحولات التي يمكنها أن تدفع مصر إلى إصلاح يمكنه أن يوفر للشعب السلع وجودة الحياة والرفاهية.

فاجأ مؤلف كتاب ” كيف تسقط الأمم؟”، جمهور النخبة، من كبار رجال الأعمال والاقتصاديين من الأكاديميين والمجتمع المدني والبرلمان، بتأكيده أن النظم الاستبدادية، لا تبني اقتصادا سليما، وأن الاستبداديين لا يمكن أن يتجهوا بالأوطان إلى نظم ديمقراطية.

تعتمد نظرية الخبير البريطاني، على رصد التزاوج بين الديمقراطية المستدامة، المبنية على مؤسسات مستقرة ومستقلة وتحقيق الرفاهية، والعلاقة السببية بين الاستبداد والاضطراب الاجتماعي والثورات، مركزة على أن الرئيس الذي يمتلك نظرة اقتصادية يستطيع أن يتخذ قرارات مؤثرة تخدم المجتمع وتدفع الأفراد للعمل معا، بدلا من التحدث عن الأسلحة والحشد.

يستشهد روبنسون بتوجيه النظم الاستبدادية اقتصاد الدولة لصالح بعض الأشخاص، وعدم قدرتها على مواجهة الفساد، بتجربة الصين التي تسخر نظامها لخدمة المنتمين للحزب الشيوعي الحاكم، وتحكم النخبة الحاكمة، في بريطانيا في إدارة الاقتصاد، عام 1832، التي لم تتنازل عن مكاسبها إلا بعد خسارتها الحرب وانهيار قوتها العسكرية.

الهروب من المحاسبة

أكد” روبنسون” أن الديكتاتورية تميل إلى التحكم في إدارة كل شيء، لصالح حزب واحد أو طبقة عسكرية، لتحقيق مزايا خاصة، مشيرا إلى خشية الاستبداديين من تجربة الديمقراطية، كي لا يتعرضوا لخسارة، لذلك يفضلون بقاء الوضع على ما هو عليه، هربا من المحاسبة، أو التشكيك في ثقة المواطنين بالنظام الاستبدادي.

بين الخبير أن الأفراد في النظم الاستبدادية، ربما يكونوا غير قادرين على الوصول إلى السلع والخدمات الجيدة، بينما يستطيع النظام الديمقراطي أن يوفر المناخ للنظم السياسية التي تعمل على تعميق فكرة المحاسبة، والمسئولية أمام الدولة، ويضمن تحقيق مصلحة المجتمع، بما يحول دون سيطرة فئة على السلع، وقصر توفير السلع على الطبقة الحاكمة أو النخبة المستفيدة من وجودها.

تحدث روبنسون عن أهمية التوازن بين القوى في النظم المختلفة، وكيف تؤدي الديمقراطية إلى تحقيق هذا التوازن، مستشهدا بتغيير آليات جمع القطن بالولايات المتحدة، بعد الثورة الصناعية، ما بين عام 1940 و1950، حيث استبدل الملاك عمال الجمع من الطبقة السوداء، بالآلات الحديثة، بما فجر صحوة للمطالبة بحقوق السود، لتوزيعهم على العمل بمؤسسات بديلة، والحصول على حقوقهم المدنية.

فسر خبير الأزمات، انهيار حزب ” المؤتمر” في الهند، قائد الاستقلال الوطني القرن الماضي، بأنه جاء أثر تحول اجتماعي عقب نحاج تجربة الثورة الخضراء وزيادة إنتاجية المحاصيل قضت على تحكم مالكي الأراضي في الدورات الزراعية.

وبشر روبنسون بأن الأفراد قادرون على التغيير واحداث التوازن بين قوى المجتمع، على المستوى العام، عندما يفهمون كيف يستخدمون التكنولوجيا، والآلة في تعديل سلوكهم والتعبير عن مصالحهم، منبها إلى أهمية أن يعي الجمهور كيفية الوصول إلى المقصود بما هو غير مقصود، عندما يكون ذلك الأمر من خلال نظم ديمقراطية.

الإصلاح السياسي

يرفض خبير الأزمات الذي عمل في أفريقيا لمدة 12 عاما، الدعوة إلى ” ثورات لا تحمد عواقبها” مشددا على أن يكون التغيير عبر مسارات ديمقراطية واضحة، لتكون مثمرة، وإن جاءت غير مكتملة، ” فلا شيء كاملا على إطلاقه”.

وفي حوار مفتوح أدارته الدكتورة عبلة عبد اللطيف مديرة المركز، قال أحمد جلال وزير المالية الأسبق: “لن نشهد تقدما اقتصاديا مستداما من دون أن يكون لدينا إصلاح سياسي حقيقي”.

اعتبر جلال المكلف بالملف الاقتصادي في الحوار الوطني المعطل، أن الوسائل البديلة للإصلاح السياسي عبر الثورات، لم تعد جيدة، لأن أرباح الإصلاح إيجابية وتفيد الجميع، بينما الثورات لا تصب في مصلحة الشعوب، بل تخطفها الأنظمة التي ساندتها أو انقضت عليها، مستشهدا بما حدث في إيران عام 1979.

استدعى جلال البرنامج الرئاسي الذي وضعه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون تحت عنوان” إنه الاقتصاد يا غبي” بما مكنه من هزيمة الرئيس جورج بوش الأب، بما أدركه من أهمية تحسين الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، بينما اهتم بوش الخاسر، بحشد مواطنيه خلف معارك عسكرية، في أنحاء العالم.

اقترح جلال تشكيل مجلس اقتصادي يتبع رئيس الجمهورية، أسوة بالبيت الأبيض، يضم نخبة من خبراء الاقتصاد وعلماء سياسة، من أصحاب النظريات السياسية وإدارة الدولة، ورجال أعمال من المستقلين، يساعدون الرئيس في اتخاذ القرار وتفويضهم في ممارسة دورهم بحرية.

رفض وزير المالية السابق، طريقة إدارة الحكومة للأزمة الاقتصادية المتصاعدة، خاصة المتعلقة بخفض قيمة العملة والمفاوضات مع جهات التمويل الدولية وبيع الملكيات العامة، لغير المختصين، الذين يهدرون المال العام، ويدفعون الجنيه إلى مزيد من التراجع والضغط على المستثمرين والمواطنين، مؤكدا: هناك توزيع أداور على من لا يفهم ومن لا يستحق.

ما بين الأيديولوجيا والإصلاح

كان ملفتا أن يعرب الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن خشيته من أن تؤدي ممارسة الشعب المصري للديمقراطية إلى إعادة” الإخوان المسلمين” للحكم، مؤكدا أن المصريين يبحثون عن الأمن والأمان، قبل الديمقراطية، على أن يأتي الإخوان المسلمون للحكم.

جاء رد جيمس روبنسون، من خبرته كرائد في علم الاجتماع السياسي قائلا: علينا أن نبحث عن الديمقراطية لأنها جزء من طبيعتنا الإنسانية، حتى في ظل أيديولوجيات لا تريد العيش في ظل نظم ديمقراطية يوجد من بينها من يرغب في ممارسة هذه الحياة، وعلينا أن نجرب هذا الشيء الذي يدفعنا إلى العيش في مجتمعات متقدمة، منذ آلاف السنين، بينما لم تكن هناك مؤسسات ديمقراطية.

استشهد روبنسون بدراسة علماء الاجتماع للشمبانزي، الذي يعيش في ظل العائلة والقبيلة، ولكنه لا يتطور لأن “الإنسان هو الوحيد الذي يملك سلطة التغيير بقدرته على التواصل والتغيير عبر اللغة، والتحول من مجتمعي بدائي إلى متحضر”.

قال روبنسون: “إذا كان الإخوان المسلمون لديهم تفكير مختلف، فإنه سيكون فيهم شخص ما لديه الرغبة في العيش في ديمقراطية”. أضاف روبنسون: إن كان النظام الديمقراطي له عيوب فهو أفضل من نظام ديكتاتوري سيؤدي في نهاية المطاف إلى خسائر، كما يحدث في الصين، ووقع من قبل في الاتحاد السوفييتي وانهار في ألمانيا النازية لأنه يفتقد إلى آليات الاستمرار.

عندما استشهد البعض بنجاح تجربة النهضة الاقتصادية في الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة، قال روبنسون، إذا كان هناك تجارب نجحت في الانتقال من الاستبداد إلى التفوق الاقتصادي مثل كوريا الجنوبية، في عهد الديكتاتور “ري سنغ مان” فيمكنني أن أقدم لك 20 نموذجا لدول فشلت في هذا التحول مثل الفيليبين وغيرها بينما بدأت دولة أفريقية مثل كينيا تتفوق اقتصاديا، مع تبنيها خطوات ديمقراطية ناجحة.

استدرك روبنسون بأن كوريا شهدت في عصر الاستبداد فسادا ماليا ما زال أثره مستمرا، مع لفتة من آخرين إلى المذابح الجماعية التي ارتكبها “ري” ضد أقليات عرقية، مستفيدا من دعم الأميركيين له، في حربه ضد الشيوعية خلال الفترة من 1949 إلى عام 1960. كرر خبير الإصلاح المؤسسي: الديمقراطية تأتي أولا قبل النمو الاقتصادي، مؤكدا أن الديمقراطية، تؤدي إلى احداث نمو اقتصادي بينما النمو الاقتصادي لا يؤدي إلى تحقيق الديمقراطية.

يؤمن مشاركون في الندوة بأن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، ستدفع النظام حتما إلى التغيير وإن جاء عبر طرق غير مقصودة، ليصب في صالح التغيير المقصود شعبيا. أشار برلمانيون إلى أن ثورة 25 يناير 2011 حدثت مع تطور استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتحسن شبكات الانترنت في عهد مبارك، وعندما ساءت الأحوال، أصبحت وسيلة لعرض احتجاجات الغاضبين ومجمعا للكيانات الثورية.

وأشار إلى أنه رغم الغضب الشعبي من خضوع الحكومة إلى تعليمات صندوق النقد، فإن التغيير قد يأتي عبر آليات الصندوق لدفع الحكومة إلى نشر المعلومات عن الصفقات وميزانيات الشركات العامة، وبيانات المناقصات ورواتب كبار الشخصيات والإعلان عن الوظائف، وأحكام الرقابة، من البرلمان والمجتمع المدني على إدارة الشؤون الاقتصادية، والمالية العامة.

وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الزخم، حول مطالبة الحكومة بوقف المشروعات القومية التي تهدر المال العام، ومطالبتها بمنح أولويات الإنفاق على التعليم والصحة ودعم الطبقات غير القادرة على مواجهة الغلاء الفاحش، الذي طاول جميع السلع والخدمات.

تشكلت لجان شعبية تضم برلمانيين حاليين وسابقين، وباحثين وإعلاميين لمحاربة توسع الحكومة في انشاء صناديق خاصة، بعيدا عن الموازنة العامة للدولة، والمطالبة بحظر انشاء صندوق جديد، لإدارة واستثمار أموال هيئة قناة السويس. تسببت الحملة الشعبية في تأجيل مناقشة البرلمان لصندوق قناة السويس، مع وجود تسريبات من جهات سيادية بأن الحكومة سحبت مشروع القانون من أدراج البرلمان، للحد من الغضب الشعبي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here