ارتباك سوق الهواتف المحمولة في مصر لهذا السبب

ارتباك سوق الهواتف المحمولة في مصر لهذا السبب
ارتباك سوق الهواتف المحمولة في مصر لهذا السبب

أفريقيا برس – مصر. تشهد سوق الهواتف المحمولة في مصر حالة من الارتباك، عقب وقف مرفق تنظيم الاتصالات الخدمة عن مئات الآلاف من هواتف المصريين المشتراة من الخارج والأجانب المقيمين في مصر لمدة تزيد عن 90 يوماً، وعبر موردين محليين سبق تسجيلهم لأكواد الهواتف دفعة واحدة بعدد 1.3 مليون هاتف، قبل مطلع العام الجاري 2025.

فقد اتهم مواطنون جهاز مرفق الاتصالات التابع لوزارة الاتصالات والتكنولوجيا، بقطع الخدمة عن هواتف أتوا بها من الخارج، سبق تسجيلها عند دخولهم إلى منافذ الوصول بالمطارات والموانئ المحلية، معفاة جمركياً وفقاً للقانون، وبعضها سددوا عنها قيمة الرسوم الجمركية المطلوبة من وزارة المالية، وفوجئوا بعد أشهر من التشغيل المحلي للخدمة بتوقف الهواتف عن العمل تماماً وعدم صلاحية تشغيله في مصر مرة أخرى. وقد تقدم عدد من المحامين بدعاوى ضد جهاز مرفق الاتصالات يتهمونه بـ”القطع العشوائي للخدمات الهاتفية” استدعت تحقيقات روتينية داخل مرفق اتصالات.

وقد رصدت “العربي الجديد” شكاوى تجار وشركات توزيع للهواتف، من أخطاء فنية وتقنية وإجرائية أدت إلى إيقاف خدمات هواتف مخصصة للبيع والمباعة للمستهلك النهائي، وتقليص مبيعات التجزئة وانسحاب المستهلكين من الشراء خوفا من تعقيدات تسجيل أو إيقاف الخدمة، بينما زادات مخاطر الشراء من السوق السوداء والتهريب مع القادمين من الخارج، في بديل أرخص، دفعت شعبة المحمول بالغرف التجارية لطلب اجتماع عاجل بقيادات مرفق ووزارة الاتصالات، لتحديد مسؤولية الأخطاء، ومنع سجن الموزعين المتهمين بالتهرب الضريبي.

وفي هذا الصدد، قال محام إنه تقدم بمذكرة إلى رئيس جهاز مرفق الاتصالات، لقطع السلطات الخدمة عن هاتف اشتراه من دولة الكويت، وحصل على موافقة من الجمارك بتشغيله، وفوجئ بعد 3 أشهر بوقف الخدمة، وطلب جهاز مرفق الاتصالات تغريمه 12 ألف جنيه قيمة رسوم جمركية، الأمر الذي أدى إلى رفع دعوى أمام المحكمة الاقتصادية التي حكمت له بإعادة تشغيل الخط، بدون دفع أية رسوم. بدورها كشفت شعبة “الهواتف المحمولة” بالغرفة التجارية، عن تعرض عشرات من تجار الهواتف النقالة للمحاكمة والحبس بتهمة التهرب من الضرائب، جراء أخطاء في تسجيل الهواتف النقالة بمرفق الاتصالات، والتي يجري بيعها في السوق المحلية، حيث يفاجأ المشترون بقطع الخدمة عن هواتفهم ومطالبتهم بسداد قيمتها، رغم حصولهم على شهادة من الباعة بسدادهم تلك الضريبة قبل اتمام عملية الشراء من الموزعين.

كما كشف محمد هداية الحداد، عضو مجلس إدارة غرفة الجيزة التجارية ونائب رئيس شعبة المحمول بالغرفة، أن الشعبة طالبت بعقد اجتماع عاجل مع مسؤولي مرفق تنظيم الاتصالات “نترا” NARA، المشغلة لتطبيق “تليفوني” وجهاز حماية المستهلك، للوقوف على المشكلات المتفاقمة التي يتعرض لها تجار المحمول في السوق المصري بسبب أخطاء التطبيق. وأوضح الحداد أن عدداً كبيراً من التجار تعرضوا لخسائر جسيمة وصدرت ضدهم أحكام بالحبس نتيجة أخطاء في عملية تسجيل الأجهزة على التطبيق، مشيراً إلى أن “هذه الأخطاء مسؤولية موظفي الجمارك والشركات المشغلة وليس التجار”، وأن استمرار تجاهل هذه الأزمة يهدد مستقبل المئات من الشركات والعاملين في قطاعة مبيعات الهواتف النقالة.

وطالب الحداد بوضع نظام مرجعي رقمي واضح داخل تطبيق” تليفوني” يمكن من خلاله معرفة الموظف الذي قام بعملية التسجيل ومتابعة حالة الجهاز في أي وقت، مما يمنح الثقة للتاجر والمستهلك على حد سواء، ويمنع تحميل التاجر أخطاء ليست من مسؤوليته. وأضاف أن شركة “نترا” تطبق قرار وقف الأجهزة بأثر رجعي، وتتجاهل صرخات المستهلكين وتجار المحمول الذين يواجهون مشكلات قانونية ومادية بسبب خلل التطبيق، مؤكداً أن السوق المصري من أكبر أسواق المحمول في أفريقيا، وفي الوقت نفسه تُسعَّر الأجهزة داخلياً بأسعار أعلى من الأسواق الخارجية، بما يستدعي تدخلاً سريعاً لضبط المنظومة وتحقيق العدالة بين الأطراف.

وفي السياق أكد الحداد أنه يجري حالياً إعداد مذكرة تفصيلية بالهواتف التي تم إيقافها، لإرسالها إلى كل من مصلحة الجمارك والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، لبحث سبل حل الأزمة والتوصل إلى آلية عادلة تحفظ حقوق جميع الأطراف وتمنع تكرار هذه المشكلات مستقبلًا، داعيا إلى تجميد إجراءات الحبس والغرامات على الأفراد وممثلي الشركات لحين تصحيح الأخطاء الإجرائية، التي وقعت بسوق المحمول على مدار الأشهر الماضية.

بدوره نصح خبير الاتصالات أشرف عامر المصريين العاملين في الخارج والقادمين للبلاد، في حال رغبتهم اصطحاب هواتف لتشغيلها في مصر بصفة دائمة أو منحها هدايا لذويهم بأن تكون الأجهزة مغلفة ولم يسبق استخدامها من قبل، أن يشهروا ما لديهم من أجهزة لموظفي الجمارك بالمطارات والموانئ، لتسجيل بياناتها بدقة، وحصولهم على إيصال الإعفاء الجمركي وصور من البلاغ المقدم لمرفق الاتصالات وتطبيق “تليفوني”.

ويشدد عامر على أن هذا الإجراء هو الطريقة الوحيدة التي تضمن للمصري والأجانب المقيمين لفترة تزيد عن 90 يوما، حصولهم على الإعفاء الجمركي والذي يمنح لجهاز واحد للشخص لمرة واحدة كل 3 سنوات، على أن يعيد تصدير أي أجهزة إضافية للخارج بعد انقضاء 90 يوما أو بيعها بوصفها قطع غيار لمحلات الهواتف النقالة، والتي ستقطع عنها خدمة الاتصالات فور انتهاء فترة السماح بالتشغيل داخل البلاد.

وينوّه عامر إلى أن اضطراب أسواق المحمول يرجع إلى فرض الرسوم الجمركية بنسبة 37.5% على الهواتف النقالة، منذ يناير/كانون الثاني 2025، في وقت تكدست فيه مئات الآلاف من الأجهزة لدى الموزعين، والأفراد الذين كانوا يجلبونها بكميات هائلة من الخارج، بينما كانت الدولة تسرع في ضبط أسواق المحمول استجابة لوكلاء شركات المحمول الكبرى في الداخل، الأمر الذي تسبب في سلسلة مشكلات قانونية وتجارية طاولت شريحة واسعة من التجار والمستهلكين، امتدت آثارها لتشمل المصريين العائدين من الخارج.

وينصح عامر القادمين من الخارج بعدم حمل أكثر من جهاز نقال للفرد الواحد، بينما يمكن تسجيل أكثر من هاتف للأسرة الواحدة، في حالة وجود المسافر المتمتع بالإعفاء بنفسه، على أن يلتزم بإجراءات التسجيل المقررة لرب الأسرة، وحصوله على رقم مرجعي لكل معاملة من موظف الجمارك أو منفد الوصول.

وتكشف أزمة الهواتف النقالة عن فجوة تنسيق بين الأجهزة الحكومية والتجار وغياب التدرج في فرض الضريبية الجمركية، التي تصل – وفقا لموزعين- إلى نحو 48% من قيمة فاتورة الشراء للهاتف، في وقت تحولت في تجارة الهواتف محليا إلى ممارسات شبه احتكارية، تدفع إلى ارتفاع أسعارها بمعدلات تفوق قيمتها السوقية عالميا.

من جهتها تؤكد وزارة المالية أن الضوابط الجمركية تستهدف تحقيق العدالة الضريبية، ومنع التهرب الجمركي على الأجهزة المستوردة التي تدخل البلاد، بقيمة بلغت 60 مليار جنيه خلال عام واحد، دون تسجيل رسمي، والتي تجري بالتنسيق مع الجهاز الوطني لتنظيم الاتصالات، المكلف بتسجيل كل الهواتف التي تدخل البلاد عبر المنافذ الجمركية، بما يتيح تتبعها وربطها برقم IMEI الدولي.

بحسب بيانات شعبة المحمول في الغرفة التجارية، تبلع قيمة واردات مصر من الهواتف النقالة ما بين 1.5 مليار إلى مليارَي دولار سنويا، ويغطي الإنتاج المحلي 15% من طلب المستهلكين البالغ تعدادهم 72 مليون مستخدم، بنسبة 65% من تعداد السكان المقدر وفقا لجهاز الإحصاء الحكومي بنحو 110 ملايين نسمة. ويقدر الجهاز الوطني لتنظيم الاتصالات عدد خطوط المحمول في مصر بنحو 106 ملايين خط نشط، خلال الربع الثالث من العام الجاري 2025. كذلك يشير أعضاء بشعبة المحمول إلى أن تطبيق قرار ربط الخدمة وقطعها، عبر تطبيق “تليفوني” الرسمي، دون اختبار كاف لطاقته الفنية، في يناير الماضي، أظهر ثغرات تقنية وإدارية اعترفت بها وزارة الاتصالات.

المصدر: العربي الجديد

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here