تامر هنداوي
أفريقيا برس – مصر. مصر قد تفقد 30 في المئة من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام 2040، بحسب تقرير للمفوضية المصرية لحقوق الإنسان، منظمة حقوقية مستقلة، جاء تحت عنوان “مصر والتغير المناخي.. هل سيخرج الأمر عن السيطرة؟.
وتناول التقرير، الموجات الحارة التي شهدتها مصر، وبدأت في أغسطس/ آب 2015، عندما شهدت مصر موجة حر استثنائية تسببت في وفاة أكثر من 60 شخًصا في مختلف أنحاء البلاد، معظمهم من كبار السن، مع حوالي 600 إصابة نقلت إلى المستشفيات بسبب الإجهاد الحراري، وهو فشل الجسم في التكيف مع ارتفاع درجة الحرارة بسبب تعرضه لها لفترة أطول من اللازم، مما يتسبب في مشكلات طبّية تبدأ بأعراض العطش والجفاف وقد تصل إلى صدمة حرارية يصاب خلالها الشخص بصداع شديد وتهيج في الجلد وفقدان للتركيز، وإذا استمر الأمر يمكن أن تؤدي للوفاة في النهاية، وعادة ما تصيب تلك العاملين في المهن التي تتعرض للشمس بشكل أكبر، كعّمال البناء.
وبحسب التقرير، خلال هذه الموجة، تخطت درجة الحرارة 46 مئوية في مناطق عدة بالبلاد، لكن هذا لم يكن فقط شأن مصري، بل كان العالم كله، وبشكل خاص شمال أفريقيا والشرق الأوسط، يعاني مع موجة حارة استثنائية.
ولفت التقرير إلى تزايد أعداد الموجات الحارة في مصر، وإلى أن بعض الدراسات وجدت أنه بحلول نهاية القرن، من المتوقع أن تقضي مصر على الأقل 50 في المئة من أيام موسمي الصيف والربيع في ظل ظروف موجات الحر، من ضمن 80 في المئة من مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي ستتعرض لنفس المشكلة، بالإضافة إلى ذلك سيزداد أيضًا المتوسط والحد الأقصى لدرجات.
وفي دراسة نشرت بدورية “بلوس وان”، تناولت الموجات الحرارية، جاء أن الشرق الأوسط والجزء الشرقي من أفريقيا تحديًدا سيعانيان من أكثر ظروف درجات الحرارة غير المواتية في المستقبل.
وجدت الدراسات كذلك أنه في فصل الشتاء، ازداد عدد الأيام والليالي الحارة، بينما انخفضت الأيام الباردة في معظم أنحاء مصر.
وأكد التقرير، إنه بالنظر إلى المستقبل، فإن الوضع ليس بأفضل، ولفت إلى دراسة فحصت شبه جزيرة سيناء بشكل خاص بناء على سيناريوهات الأنماط المناخية الحالية، وتوقعت أن تستمر درجة الحرارة في الارتفاع وصولاً إلى سنة 2050.
وفي دراسة أخرى فحصت بشكل خاص مدينة الإسكندرية- شمال مصر، ومحيطها، تبّين أن متوسط حرارة الهواء السنوية قد ارتفعت بمقدار 24.2 درجة مئوية، بمعدل حوالي 6 درجة مئوية كل عقد، ومن المتوقع أن يستمر هذا التزايد عقدا بعد آخر، وكانت نتائج شبيهة ظهرت في القاهرة وبورسعيد.
وفي دراسة أخرى صدرت عام 2016، وجد أنه بالتحقيق في تأثيرات ثلاثة أحداث مناخية قاسية على الزراعة من 12 محطة أرصاد جوية في مصر خلال الفترة من 1990 إلى 2016، أشارت النتائج إلى أن مدة وتواتر الظواهر الجوية المتطرفة والموجات الأكثر حرارة وبرودة في مصر قد ازدادت في السنوات الماضية، لكن المثير للانتباه في هذه الدراسة تحديدا هو أنها أكدت على تأثر المحاصيل الزراعية في مصر بارتفاع درجة الحرارة.
الجفاف القادم
وحذر التقرير، من أن الإجهاد الحراري ليس فقط المشكلة الوحيدة التي تواجه المصريين مع احترار المناخ وزيادة معدلات الموجات الحارة.
ولفت التقرير، إلى أن دراسة في ثلاث محافظات مصرية تمثل مجمل المناخ المصري (البحيرة والجيزة وقنا)، وجدت أن ارتفاع معدلات احترار المناخ يؤثر بالتبعية على إنتاج القمح والذرة في مصر، حيث أن أعلى درجة حرارة شهرية قصوى، والتي لوحظت في موسم الصيف أغسطس/ آب 2015 وأغسطس/ آب 2012، أدت إلى انخفاض إنتاجية الذرة بشكل واضح، بينما تم تسجيل أعلى درجة حرارة قصوى في فصل الشتاء من عام 2010 فأثر ذلك بانخفاض إنتاجية القمح، ومن المتوقع أنه مع ارتفاع درجات الحرارة عالمًيا، قد تفقد مصر 30 في المئة من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام 2040، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
وكانت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية كشفت عام 2016 أن الجفاف في شرق البحر الأبيض المتوسط كان الأسوأ في 900 عام الماضية، في نتائج دراسة فحصت موجة الجفاف الأخير الذي بدأ في عام 1989، متوقعة أنه من المحتمل أن يكون أسوأ جفاف خلال القرون التسعة الماضية.
كذلك فإن هناك مجموعة كبيرة من الأبحاث العلمية تدعم اتجاًها يقول إن المنطقة العربية بشكل عام، تتجه ناحية حالة من الجفاف الشامل، ذلك لأنه من المرجح أن تشهد المنطقة العربية ارتفاعات درجات حرارة سنوية أعلى بكثير، وانخفاض مستويات الأمطار السنوية، وارتفاع مستويات الإجهاد المائي خلال القرن الحادي والعشرين، ويمكن هنا تأمل دراسة هامة صدرت عن وكالة ناسا قبل عدة أعوام تقول إن موجات الجفاف الحالية حول حوض البحر المتوسط، خاصة في الجانب الشرقي، هي الأكثر قسوة منذ قرابة ألف سنة.
دلتا مصر
أزمة أخرى تناولها تقرير المفوضية المصرية للحقوق والحريات، تتعلق بزيادة ارتفاع مستوى سطح البحر، حينما يذوب الجليد في القارة القطبية الجنوبية، وأن مستوى سطح البحر أعلى بمقدار من 13 إلى 20 سنتيمتر في المتوسط مما كان عليه في عام 1900، وبحسب هذه المعدلات، فإنه بحلول نهاية القرن سيرتفع بحر الإسكندرية ما يقترب من نصف متر كامل، مع توقعات أن يقترب ارتفاع مستوى سطح البحر من متر إلى مترين بحلول نهاية هذا القرن إن تزايدت المعدلات.
في دلتا مصر مثًلا، يتوقع أنه، بنهاية القرن الحالي، قد تسافر المياه داخل ما عمقه من 20 إلى 40 كيلومتًرا من الساحل، وحينما يتخلل الماء المالح التربة لما يقترب من ثلثي مساحة الدلتا، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور إنتاجية وجودة المحاصيل، ورغم تباين التوقعات حول غرق أجزاء من دلتا مصر بفعل ارتفاع منسوب البحر، إلا أن أكثرها تفاؤًلا سوف تثير عدًدا ضخًما من المشكلات لملايين البشر، ذلك لأن الدلتا تنتج 60% من غذاء أهل مصر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس