“الجمعة البيضاء” في مصر؛ أجواء رمادية بسبب انفلات الدولار

7
"الجمعة البيضاء" في مصر؛ أجواء رمادية بسبب انفلات الدولار

عادل صبري

أفريقيا برس – مصر. شهدت الساعات الأخيرة لعروض ما تُعرف بـ”الجمعة البيضاء” في مصر، إقبالاً ملحوظاً من الجمهور على المحلات والمراكز التجارية، بينما سيطرت أجواء رمادية على حالة المبيعات، بعدما اكتشف الجمهور أنّ التخفيضات التي قررها التجار طاولت ملابس راكدة وسلعا كهربائية متقادمة تكنولوجياً أو خارج موسم استخدامها.

في المقابل، ركزت المحلات النسائية على تقديم خصومات كبيرة على مستحضرات التجميل، فشكلت طوابير الدخول لتلك الأماكن ظاهرة فريدة من نوعها، في أكثر المراكز التجارية زحاماً شرقي وغربي العاصمة.

تباينت نسب التخفيضات في الأجهزة الكهربائية، ما بين 8% و11% على أدوات المطابخ ومبردات المياه، بينما ارتفعت إلى 30% على شاشات التلفزيون الكبيرة، التي مرّ على صناعتها أكثر من 3 سنوات، وما زالت تتربع على عرش المبيعات محلياً، لعدم وجود البدائل الحديثة في الأسواق، في حين اختفت التخفيضات تماماً على أجهزة التكييف والكمبيوتر والطابعات والثلاجات.

برر أحد الموزعين لشركة كبرى تنافس على قيادة صناعة ومبيعات التكييف محلياً، عدم التزامهم بأيّ تخفيضات، بأنّ المنتجين يرفضون البيع حالياً انتظاراً لاستقرار سعر صرف الدولار.

قال موزع لشركة كبرى لمنتجات الكمبيوتر والطابعات، إنّ إدارة الشركة ترفض منح تخفيضات، ويكفي أنها ملتزمة بالسعر الذي حددته لبيع منتجاتها منذ 40 يوماً، تراجعت خلاله قيمة الجنيه، وارتفع الدولار بشكل كبير.

وأكد مسؤول المبيعات أنّ بعض الشركات الموزعة لنفس المنتج الذي يبيعه، لجأت إلى رفع الأسعار قبل عروض “الجمعة البيضاء” التي وافقت 25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ثم أعلنت عن خصومات لكنّها وهمية، لتحصل على نفس الرقم. وأضاف: “لن تجد تاجراً يرغب في عمل تخفيضات على سلع معمرة أو لها قيمة عند المستهلكين، لأنّ التجار يتبادلون في ما بينهم السلع على أساس قيمة الدولار في السوق الموازية (السوداء) التي تعادل 27 جنيهاً”.

تزاحم جمهور المراكز التجارية التي عرضت تخفيضات (حسومات) على المنظفات، وعلى رأسها مبيضات الغسيل، إذ تراوحت نسبة الخصم ما بين 10% إلى 20%، بينما ظلت أغلب السلع الغذائية عند حدودها السائدة في الأسواق، خاصة المعجنات والبقوليات، بينما شهدت الأسماك ارتفاعاً يصل إلى 15% عن الشهر الماضي، وكذلك ارتفعت اللحوم الحمراء بنسبة 10%، متأثرة بارتفاع تكاليف الإنتاج والأعلاف.

حرصت سلاسل المحلات الكبرى على عرض الملابس والمنتجات الجديدة، التي ظهرت لأول مرة منذ بدء البنك المركزي تحريك القيود الشديدة على الواردات، التي طبقها منذ مارس/آذار الماضي.

وقال مدير سلاسل لشركة تركية إنّ الجمارك سمحت لإدارة الشركة بدخول بعض مكونات الإنتاج المكدسة في الموانئ، منذ عدة أشهر.

وأكد تحمّل شركته زيادة هائلة في التكاليف وفروق الدولار الجمركي الذي كان يبلغ 15.6 جنيهاً في مارس/آذار الماضي، بينما وصل حالياً إلى 24.60 جنيهاً، ما أجبر الإدارة على رفع أسعار المنتجات الجديدة.

ورصدت “العربي الجديد” ارتفاعاً في جميع أسعار المنتجات، مررتها الشركة التركية عينها إلى الجمهور، متخلية عن تقديم أي تخفيضات.

وسارت على النهج مجموعة زارا الإسبانية، التي امتنعت عن المشاركة في تخفيضات “الجمعة البيضاء” ورفعت أسعارها بما يعادل 100% من أسعار العام الماضي لجميع المنتجات.

فضلت الشركة أن تحافظ على مستوى جودة المنتج وأن تتعامل مع مستويات دخل أعلى، بعدما انتشرت بين المستهلكين المصريين بتخصصها في مبيعات طبقة الموظفين والشباب محدودي الدخل، كما يذكر أحد مسؤولي المبيعات في أحد فروع غربي القاهرة.

قلدت “زارا” العديد من السلاسل الأجنبية التي أصبحت تخاطب الطبقات الوسطي العليا وذوي الدخل المرتفع، متأثرة بعدم وضوح الرؤية في سوق متعثر مالياً، يعاني من الركود والتضخم وتراجع العملة المحلية، وما زال ينتظر السياسات الجديدة التي ستتبعها الحكومة مع الموردين في حالة رفع القيود على الاستيراد التي وضعها البنك المركزي نهاية الشهر المقبل.

وقد أدت التحولات الاقتصادية التي يمر بها المصريون إلى ضعف الإقبال على الملابس والمستلزمات الشخصية، ظهر أثرها في انقسام الأسواق إلى نوعين: أحدهما للمنتجات الشعبية منخفضة الجودة مقابل الثبات النسبي للأسعار، لتكون في متناول الأغلبية الساحقة من الجمهور، والآخر يخاطب الشرائح الوسطى والعليا، التي تضم سلاسل التوريد العالمية وبعض الشركات المصرية.

بينما تراجعت أهمية المحلات التي تخاطب الطبقات العليا بمفردها، والتي توسعت في المراكز التجارية الكبرى، وأعادت أغلبها إغلاق منافذ البيع لها خلال العام الحالي.

وفقد الجنيه أكثر من 57% من قيمته مقابل الدولار منذ 21 مارس/آذار الماضي، إثر اتخاذ البنك المركزي قرارين بتعويم العملة المحلية في غضون 7 أشهر فقط، وسط النقص الحاد في موارد البلاد من النقد الأجنبي، وزيادة فاتورة استيراد السلع، ارتباطاً بتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا منذ نهاية فبراير/شباط الماضي.

ترفض الغرف التجارية تقديم أيّ مؤشرات عن حجم المبيعات في الأسواق، مكتفية بانتظار أن تأتي المعلومات من جهاز التنظيم والإدارة التابع للدولة أو وزارة التموين والتجارة الداخلية، التي تصدر تلك البيانات عادة بعد شهرين من الحدث.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here