سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. يرى الكاتب والمحلل السياسي إلهامي المليجي، أن قرار الحكومة برفع أسعار الوقود بنسبة 15% يأتي في توقيت حساس اقتصاديًا واجتماعيًا.، إلا أنه يعتبر أن تحميل المواطن العبء دون حوار مجتمعي يزيد الفجوة بين الدولة والمواطنين.
وفي حوار مع “أفريقيا برس”، طرح المليجي بدائل مثل ترشيد الإنفاق الإداري وفرض ضرائب تصاعدية على القطاعات الأعلى ربحًا.
ويشير المليجي إلى تأثير الزيادات على التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والخدمات، ويشدد على ضرورة إعادة تقييم شبكة الأمان الاجتماعي لتكون أكثر شمولًا. كما ينتقد عدم وجود دعم فعّال لصغار الفلاحين في ظل الزيادات الأخيرة.
ورفعت مصر أسعار الوقود 15% ضمن مساعي الحكومة لخفض دعم الوقود استجابة لشروط القرض الذي يقدمه صندوق النقد الدولي، وسط انتقادات محلية، وتطمين حكومي بتلافي توابع الزيادة، التي من شأنها رفع مستويات الأسعار وفق معنيين.
وتعد هذه الزيادة الأولى في هذا العام بعد عدة زيادات في السنوات الماضية. وكشفت بيانات رسمية ارتفاع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن إلى 13.1% في مارس/آذار الماضي مقابل 12.8% في فبراير/شباط السابق عليه، قبل أن تعلن وزارة البترول والثروة المعدنية، اعتبارًا من صباح الجمعة 11 أبريل/نيسان زيادة في أسعار المحروقات، وذلك بعد أسابيع من موافقة صندوق النقد الدولي على صرف حزمة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار من القرض البالغ 8 مليارات دولار للقاهرة.
كيف تقيّمون قرار الحكومة رفع أسعار الوقود بنسبة 15%؟ وهل كانت هناك بدائل أخرى مطروحة لتقليل العبء على المواطنين؟
قرار رفع أسعار الوقود بنسبة 15% يأتي في توقيت شديد الحساسية اقتصاديًا واجتماعيًا، ورغم تفهّم الضغوط التي تواجهها الحكومة، فإن تحميل المواطن هذا العبء المباشر دون حوار مجتمعي أو تمهيد كافٍ يزيد من الفجوة بين الدولة والمواطنين. كان من الممكن دراسة بدائل مثل ترشيد الإنفاق الإداري، وفرض ضرائب تصاعدية على القطاعات الأعلى ربحًا، أو دعم التحوّل إلى وسائل نقل جماعي أكثر كفاءة.
ما مدى التزام الحكومة بالجدول الزمني الذي أعلنه صندوق النقد الدولي لرفع دعم الوقود؟ وهل نحن بصدد زيادات جديدة في أكتوبر كما يُشاع؟
الحكومة تسير على المسار المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي بشكل دقيق، خصوصًا فيما يتعلق برفع الدعم التدريجي. ما يتردّد عن زيادات جديدة في أكتوبر له وجاهته، لا سيما في ظل استمرار فجوة سعر الصرف العالمي واحتياجات الميزانية. المؤشرات توحي بأن هناك التزامًا كاملًا بالبرنامج، حتى لو كان الثمن هو تحمّل المواطن لمزيد من الأعباء.
كيف ستنعكس هذه الزيادة على معدل التضخم في النصف الثاني من العام الجاري، خصوصًا في ظل الارتفاعات الأخيرة؟
الزيادة في أسعار الوقود تعني تلقائيًّا ارتفاعًا في تكاليف النقل والتوزيع، ما يؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، خاصة في الغذاء والخدمات. لذلك، من المرجّح أن نشهد تضخّمًا متزايدًا في النصف الثاني من العام، ما لم تتخذ الحكومة إجراءات فعّالة للرقابة على الأسواق أو تدشّن تدخلات اجتماعية عاجلة لفرملة الآثار السلبية.
رغم إعلان الحكومة عن حزمة للحماية الاجتماعية، يرى البعض أنها لا تكفي لمواجهة آثار الزيادة. ما تعليقكم؟
صحيح أن الحكومة أعلنت عن حزمة اجتماعية جديدة، لكنها تظل محدودة في تغطيتها الزمنية والجغرافية، ولا تشمل جميع المتضررين. فالفئات التي تعمل في القطاع غير الرسمي أو التي تقع خارج مظلة الدعم المباشر ما تزال تواجه ضغوطًا متزايدة. المطلوب هو إعادة تقييم شامل لشبكة الأمان الاجتماعي لتكون أكثر شمولًا ومرونة.
ما الإجراءات الرقابية التي اتُّخذت لضبط أسعار المواصلات والتأكد من عدم استغلال السائقين للزيادة؟ وهل هناك نتائج ملموسة لذلك؟
أعلنت الحكومة عن تشكيل لجان متابعة وغرف عمليات في المحافظات، لكن على أرض الواقع هناك تفاوت كبير في التطبيق. يشكو كثير من المواطنين من زيادات غير مبررة في أجرة المواصلات، خاصة في المناطق البعيدة أو غير الخاضعة لرقابة مباشرة. غياب الردع الحقيقي سمح لبعض السائقين باستغلال الموقف ورفع الأسعار بما يفوق نسبة الزيادة الرسمية.
هل ترى أن تثبيت سعر الخبز المدعّم كافٍ لحماية الفئات الأكثر احتياجًا؟ وماذا عن أسعار باقي المواد الغذائية الأساسية؟
تثبيت سعر الخبز المدعّم هو إجراء مهم، لكنه أشبه بمُسكِّن لا يعالج أصل المشكلة. أسعار الأرز والزيت والبقوليات ارتفعت مؤخرًا بشكل لافت، ما يجعل العبء الإجمالي على الأسرة الفقيرة أكبر بكثير من مجرد ثمن رغيف الخبز. لذلك، يجب أن تكون هناك خطة متكاملة لضبط أسعار الغذاء، وليس الاكتفاء بخبز التموين فقط.
ما تفسيركم للمساواة في قيمة الزيادة بين بنزين 80 و95، رغم اختلاف طبيعة مستخدمي كل نوع؟
المساواة في نسبة الزيادة بين بنزين 80 و95 تثير تساؤلات كثيرة، خصوصًا أن بنزين 80 يُستخدم في السيارات القديمة ووسائل النقل الجماعي، أي أنه يمسّ الفئات الأفقر. في المقابل، يُستخدم بنزين 95 غالبًا للسيارات الحديثة، ما يعني أن مستهلكه أكثر قدرة على التحمّل. كان من المنطقي أن تكون الزيادة تصاعدية، لا متساوية، مراعاةً للعدالة الاجتماعية.
كيف تؤثر هذه الزيادات على قطاعي الزراعة والنقل، خصوصًا في ظل اعتماد صغار الفلاحين على السولار؟ وهل هناك دعم خاص لهؤلاء؟
الزيادات تضرب قطاع الزراعة في العمق، لأن السولار هو شريان الحياة للمزارعين في تشغيل آلات الري والنقل. ومع ضعف هامش الربح وصعوبة التسويق، فإن صغار الفلاحين سيكونون أول المتضررين. وحتى الآن، لا نرى دعمًا فعليًا أو مخصصًا لهم، ما قد يدفع بعضهم إلى ترك الأرض أو تقليص الإنتاج، وهو ما يشكّل خطرًا حقيقيًا على الأمن الغذائي.
في ظل الاعتماد على الاستيراد، هل هناك خطة حكومية واضحة لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الضغط على السوق والأسعار؟
رغم التصريحات المتكررة بشأن دعم الإنتاج المحلي، إلا أن الإجراءات الفعلية لا تزال بطيئة. ما نحتاجه هو خطة واضحة بأهداف زمنية لدعم الصناعة والزراعة المحلية، خاصة في السلع الأساسية. فخفض الاعتماد على الاستيراد لا يوفّر فقط العملة الصعبة، بل يقلّل أيضًا من تأثرنا بالأزمات العالمية. للأسف، حتى الآن ما زالت السوق هشة وتعتمد بدرجة كبيرة على الخارج.
ما الرسالة التي توجهونها للمواطن الذي يشعر أن هذه الزيادات تأتي على حسابه المباشر في ظل ضعف دخله وثبات راتبه؟
نقول للمواطن: أنت لست مخطئًا في شعورك، فالفاتورة تقع بالفعل على المواطن البسيط. لكن، في المقابل، يجب عليك أن تتمسك بحقك في التعبير والمطالبة بحلول أكثر عدالة. المطلوب ليس فقط التحمل، بل أن يكون هناك وعي جماعي للضغط من أجل إصلاح اقتصادي يحمل القادرين العبء الأكبر، ويضمن للغالبية حياة كريمة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس