“بيض السمان” بديل رخيص لمواجهة الغلاء

10
"بيض السمان" بديل رخيص لمواجهة الغلاء

أفريقيا برس – مصر. ظهرت في الأسواق المصرية أنواع جديدة من بيض المائدة، تباع في فروع المحلات الشهيرة والتجمعات التجارية، حول العاصمة، بعد أن تسبب ارتفاع أسعار بيض الدجاج، في أزمة خلال الأسبوعين الماضيين.

فوجئ المستهلكون بعرض المحلات “بيض السمان” (يسمّى بيض الفرّي في بعض البلدان العربية) للبيع للمرة الأولى، في علب بلاستكية، تضم كل منها 12 بيضة، بسعر 7 جنيهات.

وتعرض البيضة الواحدة بسعر جنيه واحد، في حالة البيع بالقطعة. شجع إقبال المستهلكين الشركة الشهيرة التي توزعه عبر فروعها للبقالة، وتسويقه، في المجمعات التجارية “المولات”، على التوسع في عروضها، في وقت حولت الحكومة أزمة النقص الحاد في إنتاج البيض، إلى قضية أمن قومي.

استهدفت شركات توزيع بيض السمان، القفز على حصة جيدة في الأسواق، بعد نجاح التجربة التي اعتمدت على تسويق إنتاج المزارع الخاصة، في مناطق كرادسة، و6 أكتوبر غرب العاصمة، والتي تعمل منذ سنوات، في مشروعات تربية السمان البري. توفر تلك المزارع نحو 500 ألف زوج من لحوم السمان سنويا، الذي يربي في بيئة خاصة بطريق مصر – الإسكندرية الصحراوي وفوق أسطح المنازل الشعبية، لبيعه لمحلات المشويات، مع وجبات الحمام والدجاج المشوي.

يشير مصطفي أبو طالب، مدير محل مشويات عربية بمنطقة كرداسة السياحية، في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن الناس اعتادت على تربية السمان، الذي كان يأتي إلى البلاد مهاجرا من أوروبا وقت الخريف، وتدريجيا جرى تدجينه، في المنازل ثم المزارع، ومع ارتفاع أسعار البيض البلدي، فكر أصحاب المزارع في بيع البيض غير المخصص للفقس، لتدبير جزء من نفقات تشغيل المزارع.

اعتاد المربون على استخدام بيض السمان- الذي تزن 3 بيضات حجم بيضة الدجاج- بإعادة تصنيعه في تركيبة الطعام اليومية، للسمان والدواجن، التي تتكون عادة من 70% ذرة صفراء و20%، دقيق فول الصويا و3.4%، نخالة قمح، و1.9% مركزات أسماك ومخلفات اللحوم، وفقا للخبير الزراعي محمد إبراهيم.

ويؤكد أبو طالب أن بيض السمان لن يغني عن شراء المواطنين لبيض المائدة، حيث ستظل الكمية المطروحة منه قليلة للغاية، في سوق يستهلك نحو 14 مليار بيضة دجاج سنويا. ورغم مشاركة الحظائر المنزلية في المناطق الريفية والشعبية، في إنتاج بيض المائدة، من الدجاج والبط، إلا أن بيض المائدة تحول إلى صناعة عملاقة، بلغت استثماراتها، نحو 90 مليار جنيه (الدولار = نحو 19.15 جنيه)، وفقا لبيانات اتحاد منتجي الدواجن لعام 2021.

يستهلك الفرد 130 بيضة في المتوسط سنويا، كما يشير جهاز الإحصاء والتعبئة لعام 2021، إلى توفر 25 ألف مزرعة دواجن حاصلة على شهادات طبية رسمية، و13 ألف مزرعة صغيرة ومصانع أعلاف ومجازر ومحلات لبيع الأدوية البيطرية متداخلة من الكتل السكنية. يعمل نحو 3 ملايين عامل، على تربية 320 مليون دجاجة، توفر البيض ولحوم الدواجن للمصريين، وأحيانا يفيض جزء من الإنتاج يصدر للأسواق العربية، كما يذكر الدكتور طارق سليمان رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة المشرفة على أنشطة انتاج البيض واللحوم بأنواعها.

في جولة لـ “العربي الجديد” بالأسواق، اطلعنا على أسعار البيع، التي تراوحت ما بين 62 جنيها لطبق البيض الأبيض، و69 جنيها للبيض الأحمر، في المناطق المتوسطة، وتراجعت من 80 إلى 75 جنيها في المناطق الراقية، وفي المناطق الشعبية، ما بين 58 جنيها للأبيض و62 جنيها للأحمر، ومن بينها المجمعات التي تديرها الجهات الحكومية.

يُبدي محمد عبد الفتاح، صاحب مزارع لدواجن البيض واللحوم بمنطقة النوبارية، شمال غرب القاهرة، اندهاشه من تصرفات الجهات الحكومية، التي أحالت أسباب أزمة أسعار بيع البيض إلى المربين والتجار، مؤكدا أن الحكومة تعلم أسباب الأزمة منذ أشهر، وبدلا من مشاركتها المنتجين في الحلول، تلاحقهم أمنيا وعبر وسائل الإعلام، لتجبرهم على خفض الأسعار، بما يخالف قواعد السوق والتشغيل.

وأكد عبد الفتاح أن سعر البيض يتصاعد شهريا، منذ بداية العام الحالي، وزاد مع تطورات الحرب الروسية في أوكرانيا، وعدم قدرة الحكومة على توفير الدولار للمستوردين منذ 4 أشهر.

يشرح عبد الفتاح بداية الأزمة، مع ارتفاع قيمة شحن الواردات التي رفعت سعر طن الذرة والأعلاف من الخارج بنسبة 20%، حتى مارس/ آذار الماضي، وبعد توقف تصدير الذرة من أوكرانيا، تصاعدت أسعار الذرة بنسبة 40%، فكان طبيعيا، وفقا لعبد الفتاح، أن تتحرك الأسعار إلى أعلى ليصل سعر الطبق، من 50 جنيهاً في المتوسط نهاية عام 2021 إلى 70 جنيهاً الشهر الماضي.

ويوضح أن قلة المعروض من البيض في الأسبوعين الأخيرين من شهر يوليو/تموز، يرجع إلى طول إجازات العمال، خلال فترة عيد الأضحى، وتخفيض الإنتاج بالمزارع، مع ارتفاع أسعار الذرة التي تتعرض للنضوب من السوق المحلية.

تظهر بيانات وزارة الزراعة أن إنتاج الذرة في مصر لا يتعدى 3 ملايين طن سنويا، بما يدفع الدولة إلى استيراد ما بين 9 إلى 10 ملايين طن من الذرة سنويا.

تأتي 25% من كميات الذرة من أوكرانيا، بينما تصل كميات ضخمة من الأرجنتين بنحو 3.4 ملايين طن والبرازيل 2.92 مليون طن، والولايات المتحدة 466 ألف طن، مع استيراد الأدوية البيطرية من الخارج.

اعتبر مستهلكون أن الإقبال على شراء بيض السمان نوع من التمرد على سلعة مهمة للأسر، في ظل أزمة يأملون أن تمر سريعاً. في المقابل، يتخوف آخرون، مع حلول موسم دخول المدارس واعتدال الجو، في سبتمبر/ أيلول المقبل، الذي يتزايد فيه الإقبال على الشراء، أن يصبح وجود طبق البيض أمرا مستحيلا على مائدة الأسرة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here