أفريقيا برس – مصر. تتجه الأنظار إلى البنك المركزي المصري، حيث تعقد لجنة السياسة النقدية اجتماعًا حاسمًا مساء الخميس المقبل، وسط ترجيحات قوية باتخاذ خطوة جديدة على طريق التيسير النقدي عبر خفض أسعار الفائدة، وذلك للمرة الثانية على التوالي منذ مارس/آذار 2024، بعد نحو ثلاث سنوات من سياسة نقدية تشديدية. وأظهرت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات مالية وبحثية، أن خمسة من أصل ثمانية محللين يتوقعون خفضًا جديدًا في أسعار الفائدة، مرجّحين أن يتراوح الخفض المرتقب بين 100 و200 نقطة أساس. ويأتي ذلك بعدما خفّض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس في اجتماعه السابق في إبريل/نيسان، ليصل سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 25%، وعلى الإقراض إلى 26%.
ويشير محللون إلى أن مواصلة دورة التيسير النقدي باتت ضرورية للحفاظ على اتساق السياسة النقدية، خاصة بعد إشارة التحول القوي التي أطلقها البنك المركزي في اجتماعه الماضي. وفي هذا السياق، تقول آية زهير، رئيسة قطاع البحوث في “زيلا كابيتال”، إن وقف دورة التيسير بعد خفض واحد فقط “قد يربك الأسواق ويبعث إشارات متضاربة”. من جهته، يرى هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في “الأهلي فاروس”، أن الظروف الحالية تبرر خفضًا جديدًا للفائدة، في ظل تباطؤ وتيرة تراجع معدلات التضخم، والذي من المتوقع أن يستقر حتى نهاية العام. ويرجّح أن يكون خفض بمقدار 150 نقطة أساس هو السيناريو الأقرب للتحقق.
مخاوف من تسريع وتيرة خفض الفائدة
هذا وسجل التضخم السنوي في المدن المصرية ارتفاعًا طفيفًا في إبريل إلى 13.9% مقابل 13.6% في مارس 2025، لكنه لا يزال بعيدًا عن الذروة التي بلغت 40.1% في سبتمبر 2023، ما يعزز وجهة النظر التي ترى وجود مساحة لمزيد من التيسير النقدي. وفي هذا الصدد، أشار الخبير الاقتصادي محمد عبد العال إلى أن مصر، شأنها شأن العديد من الدول التي تجاوزت فترات تضخم مرتفع، تتجه نحو تبني سياسات نقدية أكثر تحفيزًا. في المقابل، يحذر بعض الخبراء من التسرّع في خفض الفائدة، إذ يرى هاني أبو الفتوح أن معدلات التضخم لا تزال مرتفعة ولا تسمح بخفض جديد في الوقت الراهن، خشية أن يؤثر ذلك سلبًا على استقرار الأسعار.
ويؤيده في الرأي عمرو الألفي، مدير البحوث في “ثاندر”، معتبرًا أن تثبيت الفائدة مؤقتًا قد يكون خيارًا أكثر أمانًا لتقييم أثر السياسات الأخيرة، رغم تحسّن مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل تحسن ميزان المدفوعات وتعافي صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 48.1 مليار دولار في إبريل.
المعطيات الداعمة لخفض الفائدة
إلى ذلك، أكدت هبة منير، محللة الاقتصاد الكلي في “إتش سي” للأوراق المالية، أن تحسّن المؤشرات الخارجية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب استقرار سعر الصرف، وارتفاع إيرادات قناة السويس، كلها عوامل تدعم خفضًا محتملًا للفائدة، متوقعة خفضًا بواقع 200 نقطة أساس في الاجتماع المقبل.
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي علي متولي إلى أن التضخم مرشح لمزيد من التراجع ليبلغ متوسط 15% خلال عام 2025، ما يمنح البنك المركزي مرونة أكبر في قراراته، وإن ظلّت الضغوط على الجنيه والسيولة الدولارية من أبرز الاعتبارات القائمة. بدوره، يتوقع محمد أبو باشا، المحلل في “هيرميس”، أن يتم خفض الفائدة هذا الأسبوع، مع ترجيح تثبيتها لاحقًا في يوليو/تموز أو أغسطس/آب، في انتظار وضوح أثر التعديلات الضريبية المرتقبة وزيادات أسعار الوقود على مسار التضخم.
وعلى المستوى الدولي، تتماشى مصر مع الاتجاه العالمي نحو تخفيف السياسات النقدية، بعدما أقدم البنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على خفض معدلات الفائدة في الأشهر الماضية، في مسعى لدعم النمو دون إشعال موجات تضخمية جديدة.
قرار الفائدة المرتقب
في ضوء هذه المؤشرات، يرجّح أن يُقدِم البنك المركزي المصري على خفض جديد في أسعار الفائدة هذا الأسبوع، مستندًا إلى تباطؤ التضخم وتحسّن الأداء الاقتصادي وزيادة التدفقات الأجنبية، في خطوة قد تدعم النمو وتخفف الأعباء عن القطاعات الإنتاجية. إلا أن الأنظار ستبقى شاخصة إلى ما سيقرره اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس، وسط توازن دقيق بين الحذر وتحفيز الاقتصاد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس