أفريقيا برس – مصر. قبل أيام من حلول عيد الأضحى، فوجئ المستهلكون المصريون بقرار حكومي يقضي بزيادة أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في الطهي والتدفئة بالمنازل، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ بداية من شهر يونيو/حزيران الجاري. سبَّب إعلان الزيادة موجة من الغضب الشعبي، على وسائل التواصل الاجتماعي، لما تمثّله من عبء إضافي على الأسر التي تعاني بالفعل ضغوطاً معيشية متراكمة.
رفعت الزيادة الجديدة سعر الغاز لكل الشرائح، بنسبة تصل إلى 25% حدّاً أدنى، حيث زاد سعر الشريحة الأولى التي تغطي استهلاك أقل من 30 متراً مكعباً من ثلاثة جنيهات إلى أربعة جنيهات للمتر المكعب، بينما ارتفع سعر الشريحة الثانية (من 31 إلى 60 متراً مكعباً) من أربعة إلى خمسة جنيهات، والشريحة الثالثة (أكثر من 60 متراً مكعباً) من خمسة إلى سبعة جنيهات (الدولار = نحو 49.8 جنيهاً). تعد الزيادة الجديدة الثانية التي تقرها الحكومة خلال أقل من عام، في إطار ما تسميه “خطة لإعادة هيكلة الدعم وترشيده”.
بررت وزارة البترول في بيان رسمي، القرار بتزايد تكلفة الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، إلى جانب ارتفاع كلفة استيراد كميات إضافية لتغطية الطلب، مشيرة إلى أن الدولة لا تزال تتحمل جزءاً من تكلفة التوصيل والتوزيع.
لم تلق التبريرات قبولاً شعبياً واسعاً، خصوصاً أن قرار الزيادة جاء في توقيت حساس، إذ تتزامن هذه الزيادة مع موسم عيد الأضحى، الذي ترتفع فيه النفقات الأسرية بطبيعة الحال، خاصة لدى الشرائح المتوسطة ومحدودة الدخل. واعتبر كثير من المواطنين أن هذه الخطوة تُعمّق من شعورهم بالضغط الاقتصادي، في ظل استمرار غلاء أسعار السلع الأساسية وتراجع القوة الشرائية للجنيه.
وقال الباحث الاقتصادي، وعضو المكتب السياسي لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلهامي الميرغني، إن الزيادة الجديدة في أسعار الغاز ليست مجرد رقم جديد يُضاف إلى الفاتورة، بل تعبير صريح عن سياسة اقتصادية تُحمّل الفقراء ومحدودي الدخل كلفة ما يسمى بـ”الإصلاح المالي”. وأوضح أن ما حدث بين عامي 2014 و2025 يعكس اختلالاً حاداً في المعادلة المعيشية للمصريين.
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه الأجور الرسمية من 1200 إلى 7000 جنيه بنسبة 583%، والمعاشات من 300 إلى 1495 جنيهاً بنسبة 498%، شهدت أسعار الغاز قفزات أكبر بكثير: فالشريحة الأولى -التي تشمل الاستهلاك المحدود- ارتفعت من عشرة قروش إلى أربعة جنيهات، أي بنسبة 4000%. أما الشريحة الثانية فزادت من نصف جنيه إلى خمسة جنيهات، بنسبة 1000%.
وأشار الميرغني إلى أن أكثر ما يثير القلق هو أن الزيادات الكبرى وقعت على الشريحتين الأولى والثانية، أي على الشرائح ذات الاستهلاك المنخفض، ما يعني أن الفئات الأفقر هي من تدفع الثمن الأكبر.
وأضاف أن هذا الاتجاه لا يقتصر على الغاز، بل يشمل كل السلع والخدمات، حيث ارتفع سعر أنبوبة البوتاغاز مثلاً من خمسة جنيهات إلى 200 جنيه، وتحولت مواد غذائية أساسية كالدواجن واللحوم إلى سلع خارج متناول أصحاب الدخل المتوسط.
وشدد الميرغني على أن ما يُقال عن زيادات في الأجور بنسبة 3% في القطاع الخاص و10% في الجهاز الحكومي و15% للمعاشات، لا يرقى إلى مواجهة حقيقة الغلاء.
وتواجه مصر ضغوطاً كبيرة لتلبية الطلب المحلي، إذ تحتاج إلى نحو 6.2 مليارات قدم مكعبة من الغاز يومياً، بينما يغطي الإنتاج المحلي فقط 4.4 مليارات قدم. وتعتمد البلاد بشكل متزايد على واردات الغاز الطبيعي المسال، ومن المتوقع أن تستورد ما يصل إلى 160 شحنة خلال عام 2025، إضافة إلى استئجار وحدات جديدة لإعادة التغويز لمواكبة ذروة الاستهلاك.
وتُعد واردات الغاز الإسرائيلي أرخص نسبياً من الغاز المسال، لكنها قد لا تظل كذلك، وسط أنباء عن ضغوط لرفع الأسعار في ظل ارتفاع الطلب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس