شظايا أزمة البحر الأحمر تصل الأردن ومصر

5
شظايا أزمة البحر الأحمر تصل الأردن ومصر
شظايا أزمة البحر الأحمر تصل الأردن ومصر

ليث الجنيدي

أفريقيا برس – مصر. بدأت تبعات أزمة جنوبي البحر الأحمر، تطال اقتصادات كل من الأردن ومصر بشكل غير مباشر، وسط مخاوف من تأزم الأوضاع الأمنية على مضيق باب المندب، بعد التطورات الأخيرة.

وفجر الجمعة، أعلن البيت الأبيض في بيان مشترك لـ 10 دول، أنه “ردا على هجمات الحوثيين (..) ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، قامت القوات المسلحة الأمريكية والبريطانية بتنفيذ هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن”.

وصدر البيان المشترك باسم حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، وفق ما نشره البيت الأبيض.

وللأردن منفذ بحري وحيد وهو خليج العقبة على البحر الأحمر جنوبي المملكة، فيما تعتبر قناة السويس، المنفذ المائي الوحيد من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط.

يقول الخبير الاقتصادي عاطف قبرصي، إن الأردن سيدفع ثمنا لتداعيات الأزمة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والتي نشأت إثر موقف جماعة الحوثي اليمنية؛ ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.

واعتبر قبرصي -وهو كندي من أصول لبنانية وأستاذ الاقتصاد في جامعة ماكماستر- أن مصر ستتضرر بشدة من هذه الأزمات جنوبي البحر الأحمر.

وخلال الأسابيع الماضية، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، “تضامنا مع غزة”.

وفي 18 ديسمبر/كانون أول الماضي، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تشكيل قوة عمل بحرية باسم “حارس الازدهار”، تضم 10 دول بينها دولة عربية وحيدة، هي البحرين، لمواجهة تلك الهجمات والحفاظ على خطوط التجارة البحرية.

الأردن كغيره من الدول، يراقب مآلات ما يحدث في البحر الأحمر؛ وعلى الرغم من تطمينات رسمية بخصوص استمرار سلاسل التوريد بالعمل وتلبية احتياجات السوق المحلية، إلا أن مراقبين اقتصاديين يتوقعون اقتراب المملكة من “موجة غلاء” قريبة.

والخميس من الأسبوع الماضي، أعلن الأردن، حظر تصدير وإعادة تصدير سلع غذائية أساسية، وسط ارتفاع شهدته كلفة الشحن الوارد للسوق الأردنية، بفعل أزمة البحر الأحمر.

وذكر بيان صادر عن وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني يوسف الشمالي، قوله، إن بلاده منعت تصدير وإعادة تصدير مجموعة من السلع، بعد توصية من مجلس الأمن الغذائي، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن الناتج عن التوترات في البحر الأحمر.

وبحسب القرار الحكومي، يشمل المنع كلا من سلع الأرز والسكر والزيوت النباتية (زيت الذرة، زيت عباد الشمس، وزيت النخيل، وزيت الصويا)، دون تحديد موعد لوقف العمل بالقرار.

تفاهم عربي

“قبرصي” -وهو الأمين العام السابق بالوكالة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)- قال إن البضائع للأردن “تأتي من الصين والهند إلى العقبة، وفي ظل أزمة البحر الأحمر فإن التجارة تحتاج للمرور عبر إفريقيا، وبالتالي ازدياد في التكاليف”.

ولم يعلن الأردن منذ بدء توترات مضيق باب المندب، عن أية هجمات تعرضت لها تجارته الواردة عبر البحر الأحمر، خاصة وأن جماعة الحوثي أكدت مراراً أن هجماتها مرتبطة بالسفن ذات العلاقة بإسرائيل.

وزاد قبرصي: “سيدفع الأردن ثمناً كبيراً، ولا بد من توضيح كامل بالنسبة لواقعه وما هو محتمل؛ لذا فلا بد من الاعتماد على تفاهم عربي، يبقي الشحن سالكا إليه ويتوقف عنده، ولا يستمر إلى إسرائيل”.

وأشار إلى نفي “الأردن بشكل قاطع مرور جسر بري من الإمارات عبر أراضيه إلى إسرائيل، ولكن الأخيرة أكدت أنها تعتمد على البضائع القادمة من الأردن لتعويض الفاقد من البحر الأحمر”.

وفي 16 ديسمبر/كانون أول الماضي، نفى الأردن ما سماها “ادعاءات” تتعلق بمرور جسر بري عبر المملكة لنقل البضائع إلى إسرائيل.

ويرتبط الأردن مع إسرائيل بثلاثة معابر هي الشيخ حسين (نهر الأردن من الجانب الإسرائيلي) وجسر الملك حسين (ألنبي من جانب إسرائيل) ووادي عربة (إسحاق رابين من جهة إسرائيل).

والشهر الماضي، أعلن شركة “الجسر العربي” (تحالف أردني عراقي مصري) عن تشغيل الخط العربي للنقل البري والبحري بين ميناء العقبة الأردني والموانئ المصرية على البحر المتوسط، كبديل عن البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

مصر الخاسر الأكبر

بين الخبير الاقتصادي العربي أن “من 12 إلى 15 بالمئة من حركة التجارة الدولية تمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس، و30 بالمئة من الحاويات الأساسية في عملية التجارة، تمر عبر القناة”.

وتابع: “مصر تجني حوالي 10 مليارات دولار سنويا، تدفع كرسوم للسفن العابرة لقناة السويس” من الشمال والجنوب.

“أكثر البضائع التي تمر، تأتي من الصين والهند واليابان إلى أوروبا، ثم تمر بالبحر الأحمر، كما أنها تأتي إلى إسرائيل وأثيوبيا وعدد من الدول الإفريقية”.

ومضى: “البضائع الأساسية التي تمر هي بضائع صناعية، كما أن قناة السويس تعد ممراً للبترول من دول الخليج إلى أوروبا.. إذا لم تكن هذه الطريق سالكة، ينبغي على الدول أن تنقل بضائعها عبر إفريقيا، وستحتاج 3 أسابيع إضافية”.

واعتبر قبرصي، أن “مصر لم ترتقِ في موقفها، ويتوجب عليها حماية المصادر التمويلية التي توفرها قناة السويس، بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية التي تقدمها لمصر لسيطرتها على أهم الممرات المائية”.

كما دعا إلى “مسؤولية عربية مشتركة بالدفاع والحفاظ على المواقع الاستراتيجية، التي تضمن للعرب دوراً أساسياً في المعترك الدولي”.

وقالت شركة “Freightos.com” متعددة الجنسيات والمختصة في عمليات الشحن ورصد البيانات المتعلقة بصناعة النقل البحر، في تقرير سابق لها، إن أسعار شحن الحاويات على المدى القصير، بين آسيا وأوروبا والولايات المتحدة زادت بنسبة 173 بالمئة، بفعل انخفاض الطاقة الاستيعابية، وذلك على إثر التهديدات المستمرة لسفن الشحن في البحر الأحمر.

وبلغ السعر الفوري لشحن البضائع في حاوية 40 قدماً من آسيا إلى شمال أوروبا يتجاوز الآن 4 آلاف دولار، صعودا من متوسط 1900 دولار سابقا، بحسب الشركة.

وزادت: “وبين أسواق آسيا والساحل الشرق الأمريكي، ارتفعت الأسعار بنسبة 55 بالمئة تقريبا، إلى 3900 دولار للحاوية التي يبلغ طولها 40 قدماً”.

الحاجة لموقف عربي أكثر جدية

وبسؤاله حول إمكانية تجنب الدول العربية لمزيد من التداعيات جراء الأزمة في البحر الأحمر، ومن بينها الأردن، اعتبر قبرصي أن الدول العربية اقتصرت على الضغط “السياسي والإعلامي” بالنسبة للحرب على غزة.

“المطلوب موقف أكثر جدية؛ للضغط على إسرائيل وحلفائها من حرب الإبادة التي تمارسها، كنتيجة لما يتطلبه وما تصبو إليه شعوبها التي تريد أن تكون مواقفها أكثر مؤازرة للشعب الفلسطيني”.

ودعا إلى ما وصفه “توحيد الصفوف”؛ لتكف إسرائيل عن حرب الإبادة، لافتا إلى أن “هناك ما يمكن أن يكون برامج وإجراءات ممكن أن تأخذها”، دون أن يوضح قبرصي تفاصيل ذلك

أهداف استمرار الحرب

في سياق متصل، تطرق قبرصي إلى أهداف الحرب على غزة؛ وقال: “إن الهدف من حرب إسرائيل على غزة والفلسطينيين هو اقتصادي وسياسي، وليس سياسي فقط”.

“إسرائيل تفكر في منع الفلسطينيين من استغلال الغاز الذي يتواجد بكثافة مقابل البحر في غزة (في إشارة إلى حقل غزة مارين)”.

وزاد: “كما أنها تريد أن تستعيض عن قناة السويس بقناة بن غوريون، وهي لا يمكن أن تكون فعالة ومريحة وموجودة إلا إذا تمكنت من تفريغ غزة من شعبها.. إسرائيل تحاول إفراغ غزة حتى تتضمن إنشاء هذه القناة”.

وتهدف قناة بن غوريون إلى ربط ميناء إيلات على البحر الأحمر بميناء عسقلان على البحر المتوسط والمتاخم للحدود الشمالية لقطاع غزة، والتي من المتوقع أن تكون منافساً لقناة السويس.

ويرى مراقبون أن إسرائيل تهدف من إنشاء هذه القناة إلى السيطرة على خطوط الملاحة الأهم عالميا، لتصبح حلقة وصل بين آسيا وأوروبا، وتحقيق منافع سياسية واقتصادية على حد سواء.

الخبير العربي، تناول هدفاً آخراً من استمرار الحرب على قطاع غزة، وهو أن” الولايات المتحدة تفكر في أن تجمع بين السعودية والإمارات وإسرائيل والهند، كبديل عن طريق الحرير الصيني”.

وطريق الحرير، هو مشروع صيني عملاق تشارك فيه أكثر من 60 دولة، تريد بكين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية والوسطى.

وأكد قبرصي “لا أعتقد أن وحشية الضربات الإسرائيلية هي فقط ضد حماس؛ لأنها لا تفرق بين أحد، المطلوب إبادة الشعب وترحيله ليتسنى لإسرائيل تمرير مشاريعها”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here