طفرة في صادرات الإسمنت المصري إلى إسرائيل بعد حرب غزة

3
طفرة في صادرات الإسمنت المصري إلى إسرائيل بعد حرب غزة
طفرة في صادرات الإسمنت المصري إلى إسرائيل بعد حرب غزة

أفريقيا برس – مصر. كشف مسح أجراه “العربي الجديد” عن طفرة تاريخية بقيمة صادرات الإسمنت المصري إلى إسرائيل وحجمها بعد حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأظهرت نتائج المسح الذي استند إلى بيانات المجلس التصديري لمواد البناء في مصر، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن قيمة صادرات الإسمنت المصري إلى إسرائيل في 2024 (بعد عام من الحرب) قفزت 29 ضعفاً مقارنة بعام 2022 (قبل عام من الحرب). وزاد حجم صادرات الإسمنت المصري المصدرة إلى إسرائيل 45 مرة خلال عامين فقط.

وأظهرت البيانات الرسمية المصرية والإسرائيلية أن كميات الإسمنت المصري المصدرة إلى إسرائيل قفزت من 52.3 ألف طن فقط في 2022 إلى 2.4 مليون طن في 2024، بزيادة تتجاوز 45 مرة خلال عامين فقط، بالتوازي مع قفزة في القيمة من 16.43 مليون شيكل (4.9 ملايين دولار)، إلى 525.73 مليون شيكل (142 مليون دولار)، أي قرابة 29 ضعفا عند القياس بالدولار بين عام قبل الحرب وعام بعدها. وبحسب المسح، كان عام 2023 محطة انتقالية تضاعفت فيها القيمة قرابة 3.8 مرات عن 2022، وارتفعت الكميات بأكثر من خمسة أضعاف، قبل أن يتحول عام 2024 إلى سنة الطفرة الكبرى في الأحجام بقفزة تقارب 8.5 مرات إضافية على مستوى الكمية ونحو 7.7 مرات إضافية على مستوى القيمة مقارنة بعام 2023، ما يعكس طلبا متصاعدا ومستقرا لا شحنات طارئة عابرة.

وأوضحت البيانات أن واردات إسرائيل من الإسمنت المصري قفزت في النصف الثاني من العام 2024 إلى 391.4 مليون شيكل (105.8 ملايين دولار)، مقارنة بـ134.31 مليون شيكل (36.3 مليون دولار)، في النصف الأول من العام نفسه. وبحسب البيانات الشهرية، حافظت الأشهر من يونيو/حزيران إلى ديسمبر/كانون الأول جميعها على مستوى “مرتفع دائماً” يتجاوز 50 مليون شيكل (13.5 مليون دولار)، للشهر الواحد، وبرز ديسمبر 2024 كذروة منفردة بقيمة 88.9 مليون شيكل (24.0 مليون دولار)، تمثل قرابة 16.9% من إجمالي العام، ما يعكس انتظام التدفقات وتنامي الاعتماد على الإسمنت المصري عبر معظم شهور النصف الثاني من العام 2024، ما يثبت أن ما جرى ليس قفزة عابرة بل مسار توسع مستمر في صادرات الإسمنت المصري إلى إسرائيل بعد حرب غزة، على نحو غير مسبوق.

مصر تملأ فراغ تركيا

وكشفت جداول المجلس التصديري لمواد البناء، أن إسرائيل انتقلت من المركز المركز الخامس والثلاثين في قائمة صادرات الإسمنت المصري عام 2022 إلى المركز الرابع خلال الأشهر العشرة الأولى من 2024، ما يعني أن إسرائيل تحولت إلى واحدة من أكبر أربع وجهات للإسمنت المصري بعد حرب غزة. وتزامنت الزيادة الحادة في تدفقات الإسمنت المصري إلى إسرائيل مع قرارين متتاليين لتركيا ضد إسرائيل، الأول في التاسع من إبريل/نيسان 2024 قيدت فيه أنقرة تصدير 54 مجموعة سلعية إلى إسرائيل شملت مواد البناء وعلى رأسها الإسمنت، ثم في الثاني من مايو/أيار 2024 أعلنت تركيا وقفا كاملا للتجارة مع إسرائيل حتى تحقيق وقف لإطلاق النار والسماح بتدفق المساعدات إلى غزة.

قبل هذا التحول كانت تركيا المورد الأول للإسمنت لإسرائيل، ففي عام 2023 استوردت إسرائيل من تركيا نحو 282 مليون دولار من الإسمنت مقابل حوالي 16.8 مليون دولار فقط من مصر، ما يوضح حجم الفجوة التي خلفها التوقف التركي وضرورة تعويضها سريعا من مصادر بديلة. ووفق بنك إسرائيل، كان حوالي 45% من الإسمنت المستخدم في إسرائيل يأتي من تركيا. لكن بعد قرار أنقرة قطع علاقاتها التجارية مع إسرائيل سارعت مصر، وفق تفسيرالإحصائيات الرسمية، بملء الفجوة في سوق الإسمنت الإسرائيلي. وهو ما عكسته السلاسل الشهرية لتوريد الإسمنت المصري إلي إسرائيل، التي أظهرت من يونيو/حزيران إلى ديسمبر/كانون الأول 2024 مستويات تدفق “مرتفعة دائما” تجاوز فيها كل شهر 50 مليون شيكل (13.5 مليون دولار)، وبلغت الذروة في ديسمبر 88.9 مليون شيكل (24 مليون دولار).

المستهلك المصري يدفع الثمن

وكشفت نتائج المسح عن مفارقة لافتة على مستوى الأسعار تزامنت مع الطفرة غير المسبوقة لصادرات الإسمنت المصري إلى إسرائيل، حيث أظهرت البيانات أن تراجعا مستمرا في سعر طن الإسمنت المصري المتجه إلى إسرائيل مقابل ارتفاع سعره في السوق المصري (المحلي). فبحسب سجلات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي تراجع متوسط كلفة طن الإسمنت المصري المستورد من نحو 93.6 دولارا للطن في 2022 إلى نحو 66.6 دولارا للطن في 2023 ثم إلى نحو 59.8 دولارا للطن في 2024، وهو ما يعني أن مصر صدرت الإسمنت لإسرائيل بعد الحرب على غزة بأقل من أسعار ما قبل الحرب، وهو ما حال دون حدوث قفزات سعرية كبيرة في قطاع الإسمنت بالسوق الإسرائيلي بعد الحرب.

وفي المقابل أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن متوسط سعر كيس الإسمنت البورتلاندي العادي بوزن 50 كجم بلغ 140.21 جنيها (2.8 دولار)، في يناير/كانون الثاني 2025، مقابل 111.93 جنيها (2.2 دولار)، بنسبة زيادة بلغت 25.3%. وهذه مفارقة تؤكد أن الطفرة التصديرية المصرية ارتبطت بتخفيف الضغط السعري في إسرائيل في سوق الإسمنت، لكنها أثرت سلبا على المستهلك المصري.

وتعد مصر أكبر منتج للإسمنت في أفريقيا، والحادية عشرة عالميا، بطاقة إنتاجية تقترب من 92 مليون طن سنويا وفق تصريحات رسمية، فيما تظهر قواعد بيانات الصناعة العالمية طاقة اسمية تقارب 94.3 مليون طن موزعة على نحو 25 مصنعا متكاملا، وقد ساهم دخول مصنع العريش للإسمنت في بني سويف بستة خطوط إنتاج منذ 2018 في رفع الفائض الهيكلي بالقدرات، ما دفع جهاز حماية المنافسة إلى إقرار تخفيضات مؤقتة للإنتاج بدءا من يوليو/تموز 2021 وتم تجديدها لاحقا، بينما اتجهت المصانع منذ 2014 لاستخدام الفحم وفحم البترول مصدر طاقة بعد قرار حكومي بالسماح به لتجاوز نقص الغاز.

المصدر: العربي الجديد

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here