مصر تستعد لاقتراض ملياري دولار عبر الصكوك وسط تحذيرات

1
مصر تستعد لاقتراض ملياري دولار عبر الصكوك وسط تحذيرات
مصر تستعد لاقتراض ملياري دولار عبر الصكوك وسط تحذيرات

أفريقيا برس – مصر. تجهز وزارة المالية المصرية لإصدار صكوك قبل نهاية يوليو/ تموز الحالي، في إطار خطتها لإصدار الصكوك على عدة شرائح حتى نهاية عام 2025، بقيمة إجمالية تصل إلى نحو ملياري دولار، بالتوازي مع الدخول في سوق السندات الدولية “يورو بوندز” و”غرين بوندز” في حدود ملياري دولار أيضاً، متجاهلة تحذيرات واسعة أطلقها برلمانيون وخبراء اقتصاد من خطورة انفراد وزارة المالية بإصدار السندات السيادية وإدارة إصدارها، دون رقابة مشددة من البرلمان ومشاركة البنك المركزي، على طريقة إصدارها وتوظيف عوائدها.

تستهدف وزارة المالية استخدام النسبة الغالبة من عوائد السندات الأجنبية في مواجهة شح العملة، وسداد الديون المتراكمة على الدولة، وإعادة تدوير الديون قصيرة الأجل، بتحويلها إلى ديون متوسطة وطويلة الأجل، وفق تصريحات رسمية، بما يضمن تقليص الدين الخارجي في حدود ملياري دولار، بنهاية العام المالي الجديد 2025-2026، وزيادة الاحتياطي النقدي، وسداد سندات مستحقة بقيمة مليار دولار، أصدرتها الحكومة في يونيو/ حزيران 2015.

ويبدأ العام المالي في مصر بداية شهر يوليو/ تموز كل عام، وينتهي في 30 يونيو/ حزيران من العام التالي. وأكد خبراء أن سندات اليورو بالعملة الأجنبية، سببت ارتفاعاً حاداً في إجمالي الدين الخارجي، مع ارتفاع عائد الإقراض التجاري، مشيرين إلى أن معظم سندات اليورو وأدوات الدين الجديدة بالأسواق، لم تُعَد هيكلتها بشكل سليم، ما أدى إلى تضاعف قيمتها مع صعوبة احتمالات مخاطرها السيادية، الناتجة من نقص خبرة مسؤولي إدارة الديون بوزارة المالية في التفاوض على شروط أي صفقات ديون والإشراف على إصدار السندات، ولجوئهم إلى التواصل مباشرة مع البنوك الاستثمارية ووكلاء التصنيف الائتماني لتكليفهم إصدار السندات.

تحذير من انفراد وزارة المالية بإصدار أدوات الدين

وقال خبير التمويل والاستثمار رشاد عبده، إن اصدار سندات اليورو والمصدرة بعملات أجنبية، يحتاج إلى هندسة مالية متقدمة، تتضمن نماذج التسعير وفهماً عميقاً لأسواق المال، ومهارات السياسات العامة بما في ذلك إدارة الديون وتحليل المخاطر ومعالجة معاملات الديون، مبيناً أن مسؤولي الديون السيادية يجري تهميشهم في مفاوضات إصدار السندات الدولية، وعمليات التنفيذ للإصدار، حيث تقتصر مهمتهم على الدعم الإداري للوزير المختص، الذي ينفرد بالقرار لإتمام مهمته بأسرع وقت في عملية قانونية معقدة.

وحذر عبده من تجاهل المسؤولين عن إصدار السندات، قواعد آليات الشفافية في إصدار السندات، بما يؤدي إلى عقود غير تنافسية وغامضة تصب في صالح المستثمرين والبنوك الذين يفضلون التعامل مع الوزراء لتسريع توقيع صفقات إصدار السندات، التي يحتمل قبولها بشروط مجحفة للدولة. ويذكر خبير التمويل والاستثمار أن مخاطر إصدار السندات باليورو وأدوات الدين بالعملات الاجنبية تتفاقم بسبب غياب الفصل بين دور الوزير مخططاً ومفاوضاً وصاحب التوقيع على إصدار السندات، وتغييب دور البرلمان والأجهزة الرقابية والصحافة والمجتمع المدني في المساءلة عن قرارات الدين العام، التي يتحمل توابعها المجتمع بأسره.

تهميش دور البرلمان في إصدار الصكوك

وأوضح عبده أن القرار التنفيذي والتفاوض على أسعار السندات الدولية والشروط والتوقيت تجري في مكتب الوزير المختص، وتصب في النهاية بمكتب وزير المالية مباشرة. ويستبعد الخبير الاقتصادي أن يكون للبرلمان دور في الرقابة على إصدار الصكوك السيادية، لأنه يتشكل عبر تحالفات بين الحكومة والأجهزة التنفيذية التابعة لها، فأصبح لا يملك القدرة على الرقابة، بل الاعتماد والموافقة على القروض التي تترتب عن أصدار السندات في السوق الدولية. وأشار إلى أن توصيات البرلمان بتوظيف عوائد السندات السيادية والقروض التي تأتي للمشروعات الحكومة والعامة، تظل غير ملزمة للحكومة، التي تروج لإنجازات اقتصادية لا يراها المواطنون على أرض الواقع.

من جانبه، قال البرلماني ورئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، إن رغبة الخبراء في الحد من قدرة وزير المالية والحكومة على إصدار السندات، تعود إلى أنهم يعيشون “في أحلام وردية”، مؤكداً أن البرلمان بمجلسيه، الشيوخ والنواب، بصفتهم يأتون بتعليمات حكومية، أسوة بالدول النامية الأخرى، تحول إلى مجرد ديكور سياسي واجتماعي لا يملك حق مناقشة تمرير صفقات إصدار الصكوك، بل اعتماد ما يترتب عنها من تبعات على الدولة، بعد تنفيذها.

وأكد أن ما يصدره البرلمان من توصيات حول الديون السيادية والموازنة العامة، يظل أمراً غير ملزم للحكومة للأخذ بها، بما يمكن للدولة الاستفادة الكاملة من القروض المترتبة عن الديون وقيمة السندات المطروحة بالعملة المحلية أو الأجنبية. وأوضح الشهابي أن خدمات الدين العام التي تشمل الفوائد والأقساط المستحقة للأجانب تمتص أكثر من 65% من إيرادات الموازنة العامة للدولة، وزيادة إصدار الصكوك لمجرد الحصول على السيولة لسداد ديون أقدم تهدر فرص استثمار النقد الأجنبي في أي مشروعات تنموية وتدخلنا في دائرة ديون جهنمية خطيرة.

بينما دعا الخبير الاقتصادي هاني توفيق، الحكومة إلى عدم التعويل على بيع أدوات الدين الحكومية والأموال الساخنة في توفير النقد الأجنبي، معتبراً توريق الأصول عبر إصدار السندات السيادية، من السياسات الجيدة لتدبير العملة الصعبة، مشترطاً توظيف تلك العوائد في إقامة مشروعات إنتاجية مدرة للعائد، بدلاً من توجيهها إلى سداد ديون أخرى، بما يدخل البلاد في دائرة ديون غير منتهية المدة ومتصاعدة القيمة، بما تضيفه من أعباء الفوائد وخدمات الدين. وأشار توفيق في تصريحات صحافية إلى ضرورة تركيز الحكومة على تذليل المعوقات التي توضع أمام المستثمرين، مشيراً إلى أن جذب الاستثمارات الخارجية والخاصة المحلية هو المنقذ الوحيد للبلاد من دائرة الإفلاس التي نعيش على حافتها منذ فترة.

وطرحت وزارة المالية إصداراً من الصكوك السيادية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في بورصة فيينا نهاية يونيو/ حزيران الماضي، بقيمة مليار دولار، في صورة طرح خاص لصالح بيت التمويل الكويتي، بأجل استحقاق مدته 3 سنوات، بعائد سنوي 7.87%. وجاء الطرح الثاني من نوعه على الإطلاق، مع توقعات بتحويل ودائع الكويت المباشرة لدى البنك المركزي، بقيمة 4 مليارات دولار إلى صكوك سيادية، وذلك في أول إصدار للصكوك السيادية جرى منذ عام 2023، ضمن برنامج دولي لإصدار صكوك سيادية بقيمة 5 مليارات دولار.

ولجأت وزارة المالية إلى إصدار سندات بفائدة مرتفعة فاقت 11% بقيمة 1.5 مليار دولار خلال الفترة من 2022-2024، لمساعدتها في سداد ديون خارجية خلال العام المالي 2024-2025، بنحو 21 مليار دولار بنهاية يونيو/ حزيران الماضي. ويشكل إجمالي الدين الخارجي حوالى 43% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2024، بما يقارب نحو 155 مليار دولار، بينما يمثل الدين المحلي نسبة 90.9% من إجمالي الناتج المحلي، بينما يقدر رسمياً بنحو 360 مليار دولار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here