مصر توقّع اتفاقيات لاستيراد شحنات غاز مسال بـ8 مليارات دولار

5
مصر توقّع اتفاقيات لاستيراد شحنات غاز مسال بـ8 مليارات دولار
مصر توقّع اتفاقيات لاستيراد شحنات غاز مسال بـ8 مليارات دولار

أفريقيا برس – مصر. كشفت مصادر مطلعة في قطاع الطاقة أنّ مصر أبرمت اتفاقيات مع عدد من شركات الطاقة العالمية، من بينها “أرامكو” السعودية و”ترافيغورا” سنغافورة و”فيتول” هولندا، لشراء ما بين 150 و160 شحنة من الغاز الطبيعي المسال بقيمة تتجاوز ثمانية مليارات دولار، لتأمين احتياجاتها من الكهرباء حتى نهاية عام 2026، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.

ويأتي هذا التحرك في إطار توجه استراتيجي يهدف إلى تأمين إمدادات مستقرة من الغاز وتقليل الاعتماد على السوق الفورية، في ظل انخفاض الإنتاج المحلي وتزايد الضغط على الشبكة الوطنية للطاقة. هذا التحول المفاجئ أثّر بشكل واضح على صادرات الغاز، لا سيما من خلال محطة “إدكو” التي شهدت انخفاضاً في عدد الشحنات المصدّرة بنسبة وصلت إلى 35% خلال العام الماضي، بحسب بيانات منصة “كبلر” المتخصصة بتتبع الشحنات.

ووفقاً لتقارير “بلومبيرغ نيوز”، فإن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيغاس” وقّعت اتفاقات إضافية مع شركات مثل “هارتري بارتنرز” و”بي جي إن” و”شل”، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى احتواء آثار أزمة العملة الصعبة وتثبيت تكلفة واردات الطاقة من خلال عقود متوسطة الأجل في ظل تباطؤ الإنتاج المحلي. فقد أدى تراجع الإنتاج من الحقول المحلية، بالتزامن مع تزايد عدد السكان وارتفاع درجات الحرارة، إلى زيادة الطلب محلياً، ما جعل مصر مستورداً رئيسياً ومساهماً في تشديد الأسواق العالمية.

وكانت مصر حتى عام 2022 من بين الدول المصدّرة للغاز المسال في المنطقة مدعومة بحقول ضخمة مثل “ظهر”. غير أن تراجع الإنتاج منذ النصف الثاني من عام 2023 إلى متوسط 4.4 مليارات قدم مكعبة يومياً، مقارنة باحتياجات داخلية تتجاوز 6.2 مليارات قدم مكعبة، دفع البلاد إلى سدّ فجوة استهلاك يومية تقدّر بـ1.8 مليار قدم مكعبة من خلال الواردات.

وسيُستخدم ما بين 50 و60 شحنة لتغطية الطلب خلال الصيف هذا العام، والباقي حتى 2026. ويأتي ذلك بالإضافة إلى 75 شحنة اشترتها القاهرة بالفعل هذا العام. وسيبلغ إجمالي الشحنات 235 شحنة للعامين الحالي والمقبل. وجاء سعر الشحنات بعلاوة تتراوح بين 0.70 و0.75 دولار عن سعر الغاز القياسي الأوروبي في مركز “تي.تي.إف” الهولندي، مع إمكان تأجيل الدفع تسعة أشهر. وتضمن الصفقات للقاهرة مرونة في ما يتعلق بتأجيل الشحنات، كما أن بعض الشركات لديها خيار تزويد مصر بشحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال عند الحاجة.

وفي إطار الاستعداد لفصل الصيف الذي يشهد عادة ذروة في استهلاك الكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاعتماد على أجهزة التكييف، عززت مصر قدرتها على إعادة تغويز الغاز المسال من خلال وحدات عائمة جديدة. فقد وصلت مؤخراً وحدة “إنرجوس إسكيمو” بقدرة تبلغ نحو 750 مليون قدم مكعبة يومياً، لتنضم إلى وحدة “إنرجوس باور” العاملة في منطقة العين السخنة. كما من المنتظر أن تنضم وحدة ثالثة تابعة لشركة “بوتاش” التركية مع نهاية 2025 أو بداية 2026، ما سيرفع القدرة الإجمالية لإعادة التغويز إلى أكثر من 2.25 مليار قدم مكعبة يومياً.

ومع هذا التوسع، يُتوقع أن تصل فاتورة واردات الغاز إلى نحو 3 مليارات دولار شهرياً خلال فصل الصيف، مقارنة بملياري دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب مصادر مطلعة. وبحسب محللين من عدة شركات، فإن مصر قد تتمكن من استعادة موقعها مصدراً صافياً للغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2027، شرط أن تتمكن من جذب استثمارات جديدة في مجال الاستكشاف والإنتاج، لا سيما في شرق البحر المتوسط والامتيازات الجديدة في البحر الأحمر التي بدأت تحظى باهتمام شركات طاقة دولية.

ورغم هذه التحديات، فإن هناك تفاؤلاً حذراً بإمكانية رفع الإنتاج المحلي في حال جرى تجاوز العقبات المرتبطة بتمويل مشاريع البنية التحتية وتفعيل دورة الاستثمار في القطاع. وشهدت مصر خلال العامين الماضيين انقطاعات كهربائية متكررة نتيجة تراجع إمدادات الغاز. وبلغ إنتاج البلاد في فبراير/شباط الماضي أدنى مستوياته خلال تسعة أعوام. كما أدى شح العملة الصعبة إلى تأخير سداد المستحقات المالية لشركات النفط العالمية، ما انعكس سلباً على أنشطة الاستكشاف وأبطأ وتيرة الإنتاج. وبهذا، تجد مصر نفسها مضطرة إلى إعادة التكيف مع وضع جديد، تتحول فيه إلى مستورد رئيسي للغاز بعد سنوات من تطلعها لتكون مركزاً إقليمياً للطاقة، في وقت تواجه فيه تحديات اقتصادية وضغوطاً على احتياطياتها من النقد الأجنبي.

ونقلت “رويترز” عن رئيس تسعير الغاز الطبيعي المسال في أرغوس مارتن سينيور أنه بناء على شحنة بحجم قياسي 72 ألف طن، فإن “هذا أقل بقليل من ثمانية ملايين طن سنوياً إذا وُزِّعت عمليات التسليم بالتساوي على مدى العامين”. وأضاف أن هذا الرقم يفوق إنتاج الغاز الطبيعي المسال السنوي لكل من ترينيداد وتوباغو والإمارات، وهو أعلى من واردات بلجيكا أو بريطانيا أو الكويت. واستبعد أن تسبب أحجام الواردات الكبيرة في مصر شحاً كبيراً في السوق العام المقبل مع دخول المزيد من طاقة التسييل حيز التشغيل.

وتشير بيانات ستاندرد أند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس إلى أن مصر اشترت 2.25 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال هذا العام، فيما يمثل نحو 90% من إجمالي وارداتها لعام 2024. وقد يرتفع هذا الرقم إذا أضيفت الواردات عبر الأردن. كما نقلت رويترز عن مدير شؤون شركة “أتلانتيك إل إن جي” في ستاندرد أند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس علي بلاكواي قوله إن أحدث مشتريات مصر تأتي في الوقت الذي تجرى فيه أعمال الصيانة في الولايات المتحدة والنرويج، وفي الوقت الذي تبدأ فيه أوروبا دورة ضخ الغاز الصيفية.

وأضاف أنه من المتوقع أيضاً أن يرتفع الطلب الآسيوي في أغسطس/ آب. وأردف: “مع استمرار حاجة أوروبا إلى إعادة ملء خزاناتها قبل الشتاء وتوقع اهتمام كوريا وتايوان بالشراء خلال أشهر الذروة الصيفية، فقد يؤدي عرض مصر لشراء الغاز الطبيعي المسال إلى مزيد من المنافسة هذا الصيف على شحناته المنقولة بحراً”. وتعمل مصر على تحديث بنيتها التحتية في الإسكندرية والعين السخنة لاستيعاب كميات شحنات الغاز الطبيعي المسال المتزايدة. وتشغل حالياً ثلاث وحدات عائمة للتخزين وإعادة التغويز، ومن المتوقع أن تقوم شركة الطاقة التركية الحكومية بوتاش بتوريد وحدة رابعة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here