أفريقيا برس – مصر. يوضح مقال لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن أزمة الطاقة المصرية، الناتجة عن مزيج من زيادة الاستهلاك وانخفاض إنتاج حقول الغاز، تمثل فرصة لإسرائيل لتوثيق العلاقات مع مصر التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2016.
وكانت العلاقات بين القدس والقاهرة في الآونة الأخيرة في حالة انحسار منخفضة، بحسب موقع “غلوبس” الإسرائيلي، لكن حقل الغاز الموجود أمام غزة قد يكون بمثابة الرافعة لتعزيزها مرة أخرى، حيث إن 86% من التجارة بين مصر وإسرائيل تعتمد على الطاقة.
وشرح مقال المعهد الذي كتبه أوفير وينتر أن مصر هي الدولة التي أنهت أخيرًا صيفها الثاني على التوالي بانقطاع مزمن للكهرباء، حيث يعتمد 76.8% من إنتاج محطات توليد الكهرباء على الغاز الطبيعي. ويعود نقص الطاقة الذي تواجهه الإدارة في القاهرة إلى عدة عوامل، أولها انخفاض إنتاج حقول الغاز المصرية المحلية.
تصاعد أزمة الطاقة
وإلى جانب تضخم الديون المصرية لشركات الغاز الأجنبية، هناك مشكلة غير عادية تتمثل في سرقة الكهرباء على نطاق واسع من شبكة الكهرباء، والتي تصل في بعض الأماكن إلى 45%. في الوقت نفسه، هناك قضيتان مستمرتان في سوق الغاز المصري: تضاعف الاستهلاك خلال عقدين من الزمن، بسبب الزيادة السكانية وبسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وفي كل صيف هناك انخفاض موسمي بنسبة 8% في العرض بسبب زيادة الاستهلاك في السوق المحلية.
لكن الأزمة المصرية تحمل فرصا لإسرائيل لتعزيز العلاقات، بحسب المعهد الإسرائيلي. وفقًا لجمعية الغاز الطبيعي، ستصدر إسرائيل في عام 2023 8.7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر، أي حوالي سدس استهلاكها. وبلغت هذه الإيرادات الإجمالية سبعة مليارات شيكل، ومن المتوقع أن تنمو مع تطوير البنية التحتية الإضافية لنقل الغاز من إسرائيل إلى مصر.
وتوضح هذه النتائج، وفق المعهد، أنه على الرغم من التوترات بين القدس ومصر بسبب الحرب حول قضايا مثل محور فيلادلفيا، فإن تجارة الطاقة لا تزال مستقرة. وكانت فترة غير عادية في الأسابيع الخمسة الأولى من الحرب عندما توقف نشاط منصة تمار، وتوقف نشاط خط أنابيب غاز شرق المتوسط من عسقلان إلى العريش. ونتيجة لذلك، حدث خلال هذه الفترة انخفاض في الإمدادات إلى مصر بنسبة تزيد عن 50%.
وعلى النقيض من هذه الفترة، لم يكن لتبادل الضربات بين إيران وإسرائيل تأثير مادي حتى الآن على إمدادات الغاز الإسرائيلي وتصديره إلى مصر. فخلال الهجوم الصاروخي في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، على سبيل المثال، حدث انقطاع قصير في الإنتاج في ليفياثان وتمار، وهو ما لم يؤثر على العرض. ومن المتوقع أن يكون هناك تأثير كبير على خطط التنمية، وهو ما سيحد من القدرة على زيادة الإمدادات إلى مصر. وفي الشهر الماضي، أعلنت شركة شيفرون عن تأخير لمدة ستة أشهر على الأقل في مد خط أنابيب آخر تحت الماء، مصمم لنقل الغاز من حقل ليفياثان إلى منصة الإنتاج.
أزمة الغاز في مصر
المشكلة الخطيرة في مصر هي أن أزمة الطاقة لا تقتصر على التأثيرات الموسمية. وكان وزير النفط المصري كريم بدوي قد صرح الشهر الماضي بأن حجم إنتاج الغاز في مصر انخفض بنسبة 25% خلال عامين. وفي النصف الأول من عام 2024، انخفض إنتاج الغاز المصري بنحو 15% مقارنة بعام 2023، وكان الربع الثاني من عام 2024 هو الأسوأ من حيث إنتاج الغاز في البلاد منذ عام 2017. في المقابل، بلغ هذا العام قفزة بنسبة 12% في استهلاك الكهرباء، مقارنة بعام 2022. وهكذا، للمرة الأولى منذ عام 2018، فقدت القاهرة استقلالها في مجال الطاقة، واضطرت إلى استيراد الوقود بكلفة تبلغ نحو مليار دولار شهريا.
وهكذا انعكس الاتجاه، إذ إن مصدرا كبيرا للإيرادات، وهو الغاز الطبيعي المسال، أصبح بمثابة نفقات. وفي ظل كل التحديات التي تواجهها مصر، يوصي وينتر بنشاط إسرائيلي كبير لتوسيع التعاون في مجال الطاقة.
في الوقت نفسه، عند الحديث عن اليوم التالي في قطاع غزة، يوصي الباحث بأخذ الدعم الإسرائيلي لطموح مصر في تطوير حقل غاز ميرين في غزة في نهاية الحرب، شرط أن تساهم الخطوة في تعزيز الطموح المصري. وفي فبراير/ شباط 2021، وقعت مصر والسلطة الفلسطينية مذكرة تفاهم للتعاون في تطوير الخزان ونقل الغاز إلى قطاع غزة ومصر للتسييل والاستهلاك الداخلي. وتقدر كمية الغاز الموجودة في الحقل بـ30 مليار متر مكعب، ويمكن استخراج حوالي ملياري متر مكعب سنويا منه، ومن المقرر بيع معظمها لمصر وتحقيق ربح إجمالي يقدر بحوالي 2.7 مليار دولار للفلسطينيين.
ويعتبر الباحث أن لدى إسرائيل ومصر إمكانية توسيع تعاونهما في الطاقة المتجددة أيضًا. وستعمل البرامج المشتركة في هذا المجال على إخراج البلدين من الديون، لأن اعتمادهما على الغاز الطبيعي في اقتصاد الطاقة المحلي سينخفض. يتمتع كل طرف بمزايا مختلفة للمساهمة في التعاون في مجال الطاقات المتجددة: تمتلك إسرائيل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة، بينما تمتلك مصر البيانات الجغرافية والمناخية لنشر البنية التحتية للطاقة الشمسية.
المصدر: العربي الجديد
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس