أفريقيا برس – مصر. رغم إعلان مصر أنها أطلقت خطة استباقية لتأمين إمدادات الغاز عبر تشغيل 4 وحدات تغويز عائمة (تحويل سريع للغاز من الحالة السائلة إلى غاز)، ما يرفع الطاقة الاستيعابية إلى 2.7 مليار قدم مكعبة يومياً، خلال ذروة الاستهلاك في فصل الصيف الجاري، تحدثت تقارير نفطية وحزبية عن تأخر التشغيل مع ما يترتب على ذلك من خسائر مادية وتشغيلية.
مساعي مصر لتفادي أزمة انقطاع الكهرباء تواجه تحديات جديدة وسط استمرار مشكلات إمدادات الغاز، إذ نجحت مصر حتّى الآن في تجنّب عودة الانقطاعات المتكرّرة للتيار الكهربائي وسط ارتفاع الطلب على الطاقة، وكشف تقرير لمنصة أخبار الطاقة “ميس” أول من أمس الجمعة، أن وحدات التغويز العائمة الإضافية التي اشترتها القاهرة مؤخراً لا تزال معطلة، ما يهدّد بعودة الانقطاعات المتقطعة للتيار الكهربائي، وتساءل عن قدرة الحكومة على إبقاء التغذية الكهربائية مستمرة مع عدم استخدام وحدتَي التخزين وإعادة التغويز العائمتَين، اللتَين وصلتا إلى البلاد مؤخراً، ولم يجرِ ربطهما بالشبكة بعد.
وتبلغ السعة الإجمالية للوحدتَين (إنرجوس إسكيمو وإنرجوس باور)، بمجرد تشغيلهما، 750 مليون قدم مكعبة يومياً لكل وحدة، وأكدت “ميس” في تقريرها أن التأخير في ربط وحدات التخزين وإعادة التغويز العائمتَين أدى إلى عدم قدرة مصر على زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المُسال، وظلت الواردات خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025 ثابتة عند 2.41 مليون طن مقارنة بالمستويات المسجلة في النصف الثاني من عام 2024.
وحذرت من أن مصر تواجه عجزاً في إمدادات الغاز الطبيعي يبلغ نحو 2.5 مليار قدم مكعبة يومياً، إذ لا يفي الإنتاج المحلي والكميات الموردة من إسرائيل عبر خطوط الأنابيب لتلبية ذروة الطلب التي تقدر بنحو 6.5 مليارات قدم مكعبة يومياً، وأكدت حدوث انقطاعات متفرقة للتيار الكهربائي بالفعل، لكن شبكة الكهرباء في مصر لا تزال مستقرة في الأغلب حالياً.
خسائر مصر بنحو 600 مليون دولار
كان “حزب العدل” المعارض، قد كشف في بيان صحافي “تحذيري” الأسبوع الماضي، عن “تعثر تشغيل وحدات التغويز وانهيار هيكلي في إنتاج الغاز الطبيعي”، وذكر أنّ إجمالي الخسائر الناتجة عن تأخر تشغيل سفن التغويز تصل إلى 600 مليون دولار حتى الآن. وتشمل هذه الخسائر: 12 مليون دولار شهرياً تكلفة تأجير سفن تغويز لا تعمل، و300 مليون دولار شهرياً فرق تكلفة تشغيل المحطات بالمازوت والسولار بدلاً من الغاز، وبين 215 و300 مليون دولار فروق صيانة إضافية بسبب استخدام وقود غير مناسب.
وقال إن وزارة البترول منذ مارس/آذار الماضي، تقول إنها ستبدأ تشغيل سفن التغويز قبل الجدول الزمني، لكن حتى الآن، لم تدخل الخدمة سوى وحدة واحدة من أصل أربع سفن، رغم مرور أكثر من ربع موسم ذروة الاستهلاك. وقدّر حزب العدل أن الدولة حققت خسائر بلغت 600 مليون دولار، نتيجة تعثر تشغيل وحدات التغويز العائمة والانهيار الهيكلي في إنتاج الغاز الطبيعي، ما وصفه، بأنه مرآة واضحة لفشل مؤسّسي ممنهج في إدارة قطاع استراتيجي بحجم قطاع الطاقة، وعلى رأسه وزارة البترول.
وحزب العدالة هو حزب سياسي معارض، تأسس بعد الثورة المصرية عام 2011 على يد مجموعة من الأفراد المنتمين إلى حركات مختلفة قادت الثورة، منها حركة شباب 6 إبريل، والجمعية الوطنية للتغيير، وحركة كفاية. وبينما طالب الحزب بمساءلة قيادات وزارة البترول عن التأخيرات والتصريحات غير الدقيقة، نفى المتحدث باسم الوزارة معتز عاطف، صحة الأرقام التي احتواها بيان “العدل”.
ونفى عاطف في تصريحات إعلامية نشرها الموقع الرسمي للوزارة، وجود خسائر ضخمة تتكبدها الدولة شهرياً نتيجة تأخر تشغيل سفن التغويز العائمة، وقال إنّ هذه الأرقام مبالغ فيها ولا تستند إلى وقائع دقيقة، مشيراً إلى أن التأخير الحاصل في تشغيل بعض الوحدات يعود لأسباب فنية ولوجستية بحتة، وليس نتيجة فشل مؤسّسي أو تقاعس من الوزارة.
وأوضح أن البدائل المستخدمة لتوليد الكهرباء، مثل السولار والمازوت، تدخل ضمن ميزانيات الطوارئ، ولا تُحمّل الدولة أي أعباء مالية غير محسوبة، مؤكداً أن الوزارة لديها أدوات مالية وإدارية لإدارة هذه الفترات الانتقالية بكفاءة. وأشار لقُرب عمل سفينة التغويز “إنرجوس إسكيمو”، والتي كان مقرراً دخولها الخدمة قبل أسبوع، وسيلحقها سفينة التغويز الأخرى، “إنرجوس باور”، والتي كان مقرراً أن يبدأ عملها بحلول الأسبوع الجاري، بحسب تقديرات رئيس الوزراء.
وتُظهر البيانات الرسمية أن مصر فقدت 3.3 مليارات قدم مكعبة من إنتاج الغاز يومياً منذ ذروة الإنتاج، أي ما يعادل 45% من إجمالي الإنتاج، وهو معدل يُعد من الأعلى عالمياً لدولة لا تعاني من حرب فعلية أو حصار اقتصادي أو انهيار مؤسّسي شامل. وفي أغسطس/آب 2024، صرح رئيس الوزراء أن الإنتاج سيعود لمستوياته الطبيعية صيف 2025، وهو ما لم يحدث، وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن وزير البترول أن الزيادة المتوقعة ستبلغ مليار قدم مكعبة يومياً، لكن في يوليو/تموز 2025 انخفض الانتاج مجدداً بمقدار 600 مليون قدم مكعبة يومياً، ما دفع القاهرة لزيادة الاستيراد من إسرائيل.
وتقول منصة “ميس” إن انخفاض الإنتاج وارتفاع الطلب المحلي اضطر مصر إلى زيادة الواردات لسد فجوة المعروض، وتتطلع مصر للعودة إلى وضعها مصدّراً للغاز الطبيعي المُسال بحلول عام 2027 عقب تشغيل حقلَي نرجس ونور.
4 اتفاقيات لوحدات التغويز
وسبق أن أكدت منصة الطاقة العالمية “ميس” في مايو/أيار الماضي، أن القاهرة أبرمت أربع اتفاقيات لوحدات عائمة لتخزين وتعزيز قدرتها على استيراد الغاز الطبيعي المُسال في ظل انخفاض إنتاج الغاز المحلي وارتفاع الطلب على الطاقة. وتمتلك مصر وحدة “هوغ غاليون” العائمة لتخزين وإعادة تحويل الغاز الطبيعي المُسال بسعة 750 مليون قدم مكعبة يومياً، في العين السخنة منذ يونيو/حزيران 2024.
وتخطط لتشغيل أربع وحدات عائمة جديدة. منها وحدة، أبرمت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (EGAS) المملوكة للدولة، اتفاقية استئجار بشأنها مع ألمانيا، بسعة 174,000 متر مكعب، ما يُعزز البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المُسال في مصر. وهدف وحدات وسفن التغويز العائمة، هو استلام شحنات الغاز المستوردة وإعادتها من الصورة السائلة إلى صورتها الطبيعية كغاز صالح للاستهلاك، لتسريع نقل الغاز المستورد للمصانع ومحطات الكهرباء كي لا يتكرّر إظلام القاهرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس