احتفالات شعبية في مصر بحصاد الزيتون رغم تراجع الأسعار

احتفالات شعبية في مصر بحصاد الزيتون رغم تراجع الأسعار
احتفالات شعبية في مصر بحصاد الزيتون رغم تراجع الأسعار

أفريقيا برس – مصر. تعرضت أسعار محصول الزيتون وزيته للتراجع، قبيل انتهاء موسم جني الحصاد في أنحاء مصر، ومع ذلك لم يَقضِ انخفاض الأسعار على فرحة المزارعين، التي ظهرت جلية مع كثرة المعارض والأسواق الموسمية للترويج لمنتجات الزيتون.

جاءت محافظة مرسى مطروح (شمال غرب)، وخاصة في واحة سيوة الواقعة في قلب الصحراء الكبرى، بالقرب من الحدود الليبية، الأعلى إنتاجية، إذ يعد الزيتون الثمرة الذهبية التي تفيض على من حولها بأشهى الزيوت، وتمنحهم أجود الأنواع التي تُباع في الأسواق المحلية، وتتجه كميات وفيرة منها إلى الأسواق الخارجية.

انخفاض فاق 40%

شهدت أسعار زيت الزيتون ومحصوله انخفاضاً فاق 40% عن أسعار البيع من المزارع والمعاصر مقارنة بالعام الماضي، إذ تراوح سعر كيلو زيت الزيتون للقطفة الأولى ما بين 350 إلى 380 جنيهاً للمعصور على البارد، ومن 280 إلى 320 جنيهاً لمنتجات المعاصر الآلية، ليُباع لدى تجار الجملة بزيادة تصل إلى 50 جنيهاً لكل كيلوغرام (الدولار = نحو 47.3 جنيهاً).

يبدأ بيع كيلو زيت الزيتون في المحال التجارية ولدي موزعي التجزئة للمعصور آلياً من 500 جنيه إلى 700 جنيه، ويرتفع سعر المعصور على الحجر والبارد، إلى ما بين 700 إلى 800 جنيه.

وبلغ سعر كيلو محصول الزيتون ما بين 30 إلى 50 جنيهاً في الأسواق الشعبية، وفقاً لنوعيته وجودته، بينما يرتفع في المدن والمراكز التجارية إلى نحو 70 جنيهاً ويُباع في عبوات وزن كيلوغرام ومضاعفاته بسعر يبدأ من 80 جنيهاً إلى 120 جنيهاً.

يُرجع صاحب مصنع إنتاج زيت زيتون في واحة سيوة، أحمد نول، انخفاض السعر بمعدلات كبيرة عن العام الماضي، إلى وفرة هائلة في الإنتاج، شملت مزارع سيوة ومرسى مطروح وشمال سيناء والمزارع المنتشرة بمناطق شرق وغرب دلتا نهر النيل، الأمر الذي دفع المنتجين إلى خفض أسعار الزيت والزيتون الموجه لصناعة المخللات، لافتاً إلى أن سعر كيلو الزيت بدأ في موسم 2024، بنحو 650 جنيهاً للكيلو، وفاق 1200 جنيه بعد انتهاء موسم الحصاد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مع ندرة الإنتاج وشحه في مراكز التوزيع.

يشير نول إلى أن الظروف المناخية المستقرة خلال موسم الزراعة، جعلت التنبؤات بالأسعار المستقبلية للموسم الحالي، أكثر واقعية، بينما في العام الماضي تعرضت الأراضي الصحراوية لفترات جفاف طويلة، في الوقت الذي شهدت فيه المزارع الأوروبية حرائق واسعة بدءاً من البرتغال وإسبانيا وإيطاليا ثم اليونان، بالإضافة إلى العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، الأمر الذي قضى على نسبة كبيرة من المحصول في حوض البحر المتوسط، الأكثر إنتاجاً للمحصول على مستوى العالم، ما دفع الأسعار إلى معدلات قياسية عالمياً، وحرصت الدول الأوروبية على استيراد كميات كبيرة من مصر، ما رفع الأسعار محلياً، والتي لم تهدأ إلّا مع نزول المحصول الجديد، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2025.

يعتبر نول أنّ موسم الحصاد الحالي الممتد من شهر أكتوبر من كل عام حتى مطلع ديسمبر المقبل، مناسبة شعبية، تتحول فيها واحات الصحراء الغربية إلى مسارح مفتوحة لاحتفالات حصاد الزيتون، التي ينتظرها الفلاحون طوال العام، إذ لا يعد جني الزيتون مجرد نشاط زراعي، بل تقليد اجتماعي واقتصادي تتجدد فيه عادات الريف، وتنعكس عليها ملامح سوق محلية ترتبط بصناعة عالمية.

ساحة احتفالات

في جولة لـ”العربي الجديد” في واحة سيوة، رصدنا على مرمى البصر مساحات واسعة من أشجار الزيتون تمتزج بأشجار النخيل، التي تنتشر بينها خيام مهرجانات الزيتون والتمور التي تعرض منتجات الأسر من الزيت الخام والصابون اليدوي المصنوع من الزيوت وألبان الحمير والماعز، وعلى جوانب المعارض تنتشر عروض العصر اليدوي، ليُقدّم زيت الزيتون طازجاً للجمهور.

يقول عبد الرحمن موسى مسؤول مبيعات بإحدى شركات إنتاج الزيوت المحلية في واحة سيوة: “موسم الزيتون يحوّل الواحة إلى ساحة مفتوحة للاحتفالات وكأنه عيد من الأعياد”، مشيراً إلى أن تلك المظاهر تتكرر بدرجات متفاوتة في محافظات مرسى مطروح والبحيرة وكفر الشيخ والشرقية وسيناء شمال وشرق البلاد، وتكثر أيضاً في محافظة المنيا بصعيد مصر.

يُقدّر مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة، إنتاج مصر من ثمار الزيتون سنوياً ما بين 900 ألف إلى مليون طن في مواسم الحصاد الجيدة، مبيناً أن 90% من تلك الكميات لصناعة المخللات التي يجري تصديرها بكميات وفيرة إلى الاتحاد الأوروبي والدول العربية، بينما تظل قدرات الإنتاج المحلي لزيت الزيتون عند حدود ضعيفة، لا تزيد عن 50 ألف طن سنوياً، يرجعها الأستاذ بالمركز القومي للبحوث أحمد عيسى إلى فقدان العلاقة بين المزارعين والمصنّعين، التي تُمكّنهم من إقامة صناعة قوية، مع عدم وجود رؤية رسمية للنهوض بتلك الصناعة، التي قد تصبح أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، خصوصاً مع نمو أصناف مميزة من الزيتون التفاحي والعجيزي والكالامتا غزير الإنتاج.

يوضح عيسى أن ارتفاع تكلفة العمالة اللازمة للجني ورعاية المحصول، التي تشمل خدمة الأشجار وشراء معدات العصر والعبوات للمحصول الذي يُزرع عادة في المناطق الصحراوية النائية عن القرى كثيفة السكان، يهدد بانخفاض عوائد المزارعين الذين اضطروا خلال الموسم الحالي إلى ترك الكثير من المحصول على الأشجار بعد انتهائهم من جني القطفة الأولى، التي تُستخدم عادة في إنتاج الزيت البكر بينما الأشجار ما زالت مكدسة بمحصول القطفة الثانية، وتتعرض للتساقط أو تفقد رونقها، ما يوجه أغلب المحصول المستخرج منها لصناعة المخللات فقط.

في مقابلة مع منتجين لزيت الزيتون بشمال سيناء، يتوقع صاحب مصنع، عبد العزيز سلمان، أن تبدأ أسعار زيت الزيتون والمخللات في الارتفاع مع بداية شهر يناير/ كانون الثاني المقبل، إذ ينتهي موسم الحصاد والعصر على البارد بالطرق التقليدية والساخن بالمصانع، في وقت يقترب فيه موسم الطلب مع حلول شهر رمضان، إذ يستهلك المصريون كميات كبيرة من المخللات التي تُقدّم على طاولة الطعام يومياً.

المصدر: العربي الجديد

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here