التمدد العسكري التركي في أفريقيا.. الأهداف والدوافع

43
التمدد العسكري التركي في أفريقيا.. الأهداف والدوافع

سحر جمال 

أفريقيا برس – مصر. تسعى تركيا بشتى الطرق للحضور بقوة في المنطقة الأفريقية، فلم تترك أنقرة طريقا إلا توجهت من خلاله لتحقيق أهدافها التوسعية في القارة السمراء، سياسيا تحاول تركيا التدخل بشؤون العديد من  الدول الأفريقية حتى وإن رفضت أو أعترضت تلك الدول على ذلك، واستخدمت تركيا منابرها الإعلامية بهدف الترويج لأفكارها السياسية حول المنطقة الأفريقية، وإقتصاديا تسعى أيضا إلى عقد الصفقات بكافة المجالات مع الكثير من دول القارة الأفريقية، وعسكريا لها قواعدها العسكرية أيضا بالمنطقة الأفريقية كالصومال وليبيا، ويرى مراقبون أن تركيا تسعى لمنافسة الأدوار الفرنسية والأمريكية والصينية لتحقيق مكانة لها في قارة أفريقيا، وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” المحلل الدولي والسياسي محمد حامد في الحوار الصحفي التالي:

محمد حامد - محلل سياسي
محمد حامد – محلل سياسي

أظهرت تقارير أمنية أن هناك سعي تركي للتمدد عسكريا في القارة الأفريقية، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء وغرب القارة والقرن الأفريقي، حسب رأيك لماذا تعزز تركيا حضورها العسكري في القارة؟

حول الرغبة التركية في التمدد بالقارة الأفريقية والتمدد بشكل عام دوليا، من خلال إقامة علاقات دولية متشعبة خاصة في القارة الأفريقية، فتركيا لديها إستثمارات عدة في دول أفريقية، حيث تدخل من بوابة السلام والإسلام، وأنها دولة مسلمة ككثير من الدول الأفريقية المسلمة، وهي تريد منافسة الدور الإسرائيلي والإيراني والأمريكي والفرنسي في القارة الأفريقية، من خلال دور تركي مبني على دعم الشعوب الأفريقية، من خلال البنية التحتية،  ومنافسة الصين، بالإضافة للتعاون في مجال التعليم والصحة و المجال الإغاثي للدول، فهذا هو هدف التمدد والتشعب، وهناك خطة تركية تاريخية لربط لتركيا بالقارة الأفريقية إقتصاديا وسياسيا.

تشير بعض الدراسات إلى دوافع وأسباب التمدد التركي في القارة الافريقية في إطار سعي أنقرة للعب دور أكبر في النظام الدولي عبر التأكيد على حضورها في الساحة الأفريقية.. كيف تسمح دول استعمارية مثل فرنسا وبريطانيا لتركيا بالتحرك في الحديقة الخلفية لعمق نفوذها؟

بالتأكيد النفوذ التركي يسعى لمنافسة النفوذ الأمريكي والفرنسي، وتركيا تريد مناطحة هذا النفوذ، وتريد أن يكون لديها دور متنامي في القارة الأفريقية يحقق أهدافها ومساعيها في القارة الأفريقية، وخاصة وأن تركيا تستخدم صوتها الديبلوماسي وقنواتها الفضائية للترويج للقضايا الأفريقية، خاصة أن يكون لأفريقيا أو للعالم الإسلامي بشكل عام مقعد في مجلس الأمن، وكانت هناك قمة أفريقية تركية بهذا الشأن، وأردوغان  من أكثر الرؤساء الأتراك زيارة لأفريقيا، وهناك قاعدة عسكرية تركية في الصومال وهي دولة أفريقية عربية، وأيضا لها قاعدة عسكرية في ليبيا،  وهناك رغبة تركية في زيادة نفوذها في القارة الأفريقية، سواء من بوابة التنمية والإغاثة، أو من بوابة التقارب الإسلامي كدولة ذات نفوذ إسلامي وذات غالبية إسلامية، ولديها قيادة في العالم الإسلامي، فهي تدخل من هذا الباب.

تسعى تركيا إلى تصدير سلاحها للعديد من الدول الافريقية وخاصة مناطق الصراع تحت عناوين مثل مكافحة الإرهاب، هل تخدم هذه السياسة في تنمية الدول الأفريقية؟

كل هذه الممارسات وتصدير السلاح هدفه مكاسب سياسية ومادية، وليس بهدف مكافحة الإرهاب، والتمدد التركي في أفريقيا يهدف إلى مواجهة نفوذ حركة الخدمة و حركة فتح الله غولن، التي تتهمها تركيا بتدبير الإنقلاب في 2016، و لديها نفوذ كبير في الدول الأفريقية، ولديها أفرع في هذه الدول، وكان أردوغان طوال السنوات الخمس الماضية يقيض هذا الدور بالتخيير بين العلاقة بالدولة التركية وإقتصادها في مقابل إغلاق تلك المدارس، ومحاربة نفوذ حركة الخدمة في تلك الدول، فكانت الكثير من الدول تنصاع  وتستجيب للضغوط التركية،  لكن أي سلاح تصدره تركيا خاصة للدول ومناطق النزاع هدفه الربح المادي فقط، لأن كثير من هذه التدخلات التركية في القارة الأفريقية لا يكون عبر الجيش الرسمي لتركيا، ولكن عبر شركات سلاح مقربة من رجب طيب إردوغان.

لعبت الطائرات المسيرة التي سلمتها تركيا لأثوبيا مؤخرا دورا في عدم سقوط دولة آبي أحمد أمام جبهة تغراي وكذلك الأمر مع المغرب في مقابل جبهة البوليساريو، أو مع حكومة طرابلس في مقابل قوات حفتر، هل ترى أن السلاح التركي يخدم سياسة الدولة القائمة أمام الحركات الانفصالية؟

حول دخول  تركيا على خط الأزمة الأثيوبية أو بيع طائرات بيرقدار لمواجهة حركة البوليساريو، فأنا لا أتفق مع ختام السؤال وهو مواجهة الدولة أمام الحركات الإنفصالية، فأردوغان لا يفكر بتلك الطريقة، بل يفكر في بيع أكبر نسبة من طائرات البيرقدار وخلق أكبر سوق لها، فتم بيعها لأوكرانيا على سبيل المثال ولأذربيجان ولأكثر من بلد، والهدف هو الترويج للصناعات العسكرية التركية، وزيادة حجم المكسب المادي للحكومة التركية، من خلال تجارة السلاح دون النظر للقيم الأخلاقية أو قيم ديبلوماسية كالدفاع عن الدولة وما إلى ذلك.

ماهي العواقب التي تواجه الدول الأفريقية اذا استمرت في شراء السلاح التركي، وهل يمكن أن تنجح تركيا في توسيع نفوذها العسكري في أفريقيا خاصة وأن سلاحها والكثير من الخدمات العسكرية هي أرخص من بقية الدول؟

تركيا من خلال  بيعها للسلاح إلى الدول الأفريقية تزيد من حدة الصراعات في القارة الأفريقية، مثلها مثل أي دولة تبيع السلاح في المنطقة، مثل فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين، وكأي دولة تزكي الصراعات في الدول والأقليم، وهذا حدث في ليبيا وسوريا والصومال والعراق، فدخول تركيا يزكي الصراعات ويزيد من أزماتها ويزيد من فجوة وإطالة أمد الصراعات، فدخولها في الأزمة المالية أو الليبية أو الأزمة الأثيوبية، يطيل أمد الصراعات، كمحاولة تركية لصناعة دور أكبر لها ونفوذ أكثر، وأن تكون مؤثرة في هذا الملف، فتركيا حتى الآن تتحسس خطواتها في القارة الأفريقية، فهي لا تمتلك ثقل تاريخي، مثل الثقل المصري، منذ عهد عبد الناصر، والذي مازال له أثر حتى الآن، والبصمة المصرية في القارة الأفريقية واضحة، وما زال لها أثر حتى الآن، رغم خفوت الدور المصري في أفريقيا، لكن مازال لمصر أثر كبير في ظل سعي الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاستعادة الدور المصري في أفريقيا، والأدوار الإسرائيلية موجودة في القارة الأفريقية منذ الستينيات لمواجهة النفوذ الناصري، و الأدوار الإيرانية بدأت بعد الثورة الإيرانية بعشر سنوات، أي منذ نهاية الثمانينيات، وأيضا الأدوار الفرنسية موجودة حيث كانت فرنسا المحتل القديم  لتلك القارة، وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية لديها نفوذ كبير في القارة الأفريقية،  لكن الدور التركي جاء متأخرا للغاية، لكنه يريد أن يحقق قفزات وإنجازات كبرى في أسرع وقت، كي يناطح هذه الأدوار التي ذكرتها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here