أفريقيا برس – مصر. تصف دوائر مصرية معنية بالوساطة بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة في قطاع غزة النهج الذي اتبعه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه تلاعب بالوسطاء، وذلك عقب تراجعه عن المفاوضات والاتصالات التي كانت جارية قبيل استئناف الحرب على القطاع بساعات قليلة. ووفقاً لهذه الدوائر، اتّبع نتنياهو خطة تضليل وخداع خلال الأيام القليلة الماضية، حيث أصدر مكتبه قرارات تتعلق بالمفاوضات الجارية في القاهرة والدوحة، مصحوبة بحملة إعلامية عبر وسائل الإعلام العبرية الموالية له، للترويج لجدية التعاطي مع جهود الوسطاء، خاصة في ما يتعلق بمناقشة المقترح الأميركي الذي قدمه ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط.
وفي السياق ذاته، أكد المتحدث الرسمي باسم حركة حماس، جهاد طه، أن السلوك الممنهج الذي تمارسه حكومة الاحتلال الفاشية والمتطرفة يعكس عدم احترامها لجهود ومساعي الوسطاء، الذين يبذلون جهوداً كبيرة لإنجاح الاتفاق بمراحله الثلاث. وأوضح طه أن “النهج الإسرائيلي القائم على عدم الالتزام والجدية في تنفيذ الاتفاق يهدف بشكل واضح إلى الانقلاب عليه، ورفض الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، مع فرض شروط جديدة تتنصل من التفاهمات السابقة”.
“حماس” تلتزم بتنفيذ الاتفاق
وشدد طه على أن “حماس”، في المقابل، تلتزم بتنفيذ الاتفاق، وتُبدي مرونة ومسؤولية كاملة في التعامل معه. وأضاف أن الخيار الأصوب في ظل هذه المعطيات هو الاستمرار في النقاشات والمداولات مع الوسطاء لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، لافتاً إلى أن الحركة أبدت إيجابية كبيرة في التعامل مع الوسطاء وما يطرحونه من أفكار لإنجاح الاتفاق. واختتم طه تصريحاته بالتأكيد أن حماس، انطلاقاً من مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني وسعياً لوقف العدوان ورفع الحصار عنه، ستواصل التعامل بإيجابية مع جهود ومساعي الوسطاء، الذين باتوا يدركون أن الاحتلال لا يلتزم بما تم التوافق عليه.
ورأت مصادر مصرية، أن إرسال نتنياهو وفدي تفاوض إلى القاهرة والدوحة خلال الأيام القليلة التي سبقت استئناف الحرب على غزة لم يكن سوى مناورة لخداع الوسطاء قبل فصائل المقاومة في القطاع. وأكدت المصادر أن الوفد الإسرائيلي ناقش بالفعل المقترح الأميركي وردود حركة حماس عليه، كما بحث سبل تطويره ليصبح أكثر قابلية للتنفيذ.
لكن بالتزامن مع وصول الوفد إلى القاهرة، تم تسريب معلومات عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية تفيد بأن اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر “الكابينت” سينعقد لمناقشة موقف صفقة الأسرى والمقترح الأميركي وجهود الوسطاء، في حين كان الهدف الحقيقي للاجتماع هو إقرار خطة استئناف الحرب.
في المقابل، استبعدت مصادر في المقاومة أن يكون الوسيط المصري قد خُدع بالكامل، مشيرةً إلى أن طبيعة الوفد الإسرائيلي الذي زار القاهرة عشية استئناف الحرب تشير إلى إدراك مصر لحجم المناورة الإسرائيلية، موضحة أن قدرة الوسطاء على التأثير في مجريات الأحداث تتراجع في ظل توافق مصالح نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو ما انعكس في استمرار الحرب. وأشارت مصادر إلى أن القاهرة ربما تلقت إشارات بشأن نية إسرائيل شن هجوم على غزة خلال زيارة الوفد الأمني الإسرائيلي الأخيرة، خاصة مع تحركات القوات الإسرائيلية على الحدود مع مصر وقطاع غزة، ونظراً لحساسية الموقف، كان من الضروري تنسيق المواقف لتفادي أي صدامات، فضلاً عن وجود عدد من العناصر المصرية داخل القطاع في الوقت الراهن.
مصر تلقت مطالب بتقليص وجودها في غزة
وعلمت مصادر اعلامية أن القاهرة تلقت، خلال الأسبوع الماضي، مطالب من إسرائيل بضرورة تقليص وجودها في غزة، سواء على المستوى الأمني، عبر تقليل عناصر اللجنة المصرية القطرية المشرفة على حركة الفلسطينيين بين شمال وجنوب القطاع، أو على المستوى الإغاثي، من خلال تقليص وجود الكوادر الطبية وسائقي المعدات الثقيلة المشاركين في إزالة الأنقاض وفتح الطرق. لكن وفقاً لمصادر مطلعة، فإن مصر تحفظت على الطلب الإسرائيلي، حيث يرى المسؤولون المصريون أن وجود هذه العناصر يشكل نواةً لبدء إعادة إعمار القطاع، دون تهجير سكانه.
ولا يغيّب السفير محمد حجازي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، البعد الإسرائيلي الداخلي من قرار نتنياهو استئناف العدوان بمنسوب أعلى من الوحشية، ذلك أن إسرائيل تسعى إلى تمرير الموازنة بنهاية الشهر الجاري، والوصول إلى عطلة الكنيست، ما يمنح نتنياهو مساحة زمنية تتيح له السيطرة على المشهد السياسي، بل والتملص حتى من محاكمته بتهم الفساد، والتي تم تأجيل جلستها بسبب الأحداث الجارية في غزة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس