سياسيون يشتكون من الإهمال الطبي في سجون مصر

5
سياسيون يشتكون من الإهمال الطبي في سجون مصر
سياسيون يشتكون من الإهمال الطبي في سجون مصر

أفريقيا برس – مصر. تنشر منظمات حقوقية بين الحين والآخر استغاثات يطلقها سجناء سياسيون مصريون يعانون من الإهمال الطبي ولا يجدون الرعاية اللازمة في سجون مصر، خلافاً لما تنصّ عليه القوانين وكذلك الدستور المصري. والسجناء السياسيون، الذين تطلق عليهم المنظمات الحقوقية المصرية وصف “معتقلون”، هم الذين أُلقي القبض عليهم بموجب قوانين منها “الإرهاب” و”التظاهر” و”الطوارئ”، بالإضافة إلى محاكمتهم أمام القضاء العسكري ونيابات أمن الدولة عليا طوارئ. وهؤلاء يواجهون، في الغالب، في قضايا ذات طابع سياسي، اتهامات مثل “بث ونشر أخبار كاذبة”، و”التحريض على العنف والإرهاب”، و”تهديد الأمن القومي”، وغيرها من الاتهامات التي تشملها تلك القوانين.

ونشرت منظمات حقوقية، من بينها منظمة جوار الحقوقية، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ولجنة العدالة – كوميتي فور جستس، معلومات تفيد بأنّ “السجين السياسي، السيد السيد سليمان، المحبوس في مجمع سجون بدر، فقد بصره بالكامل نتيجة الإهمال الطبي والتأخير في تقديم العلاج المناسب داخل محبسه”. ووفقاً للمنظمات، فقد كان “السيد سليمان يعاني من مشكلات في عينَيه تستدعي تدخلاً جراحياً عاجلاً، إلا أنّ إدارة السجن تسبّبت في تأجيل علاجه لفترات طويلة”، وقد “خضع أخيراً لعملية جراحية في مستشفى المنيل، استمرّت تسع ساعات بدلاً من أربع، ما أدّى إلى حدوث نزيف داخلي أفقده البصر تماماً”. وأشارت إلى أنّ “الطبيب الاستشاري المسؤول عن حالته لم يكن موجوداً، وقد تولّى طبيب آخر إجراء العملية من دون خبرة كافية”.

وأكدت المنظمات الحقوقية المذكورة أنّ سليمان “تعرّض لإهمال طبي مستمر لأكثر من عامَين”، إذ “فقد البصر في إحدى عينَيه سابقاً، وتعرّض لمعاملة قاسية” في خلال تنقّله بين سجون مصر ومستشفياتها، خصوصاً خلال “الحرّ الشديد”، الأمر الذي “زاد من تدهور وضعه الصحي”. ونقلت المنظمات مطالبة أسرته بـ”الإفراج عنه سريعاً بعفو صحي أو السماح له بتلقّي العلاج على نفقته الخاصة”، محذّرة من أنّ “حالته تزداد سوءاً يوماً بعد يوم ويحتاج إلى جراحات عاجلة تحت إشراف أطباء متخصّصين”.

وكان مركز الشهاب لحقوق الإنسان قد نشر، قبل أيام، رسالة استغاثة من زوجة سليمان تطالب فيها بعلاجه وإنقاذه من العمى بعد تدهور حالته الصحية، وقد ارتكزت المنظمات الثلاث على هذه الرسالة عند تبنّيها القضية. وأفادت الزوجة، في رسالتها، بأنّ استشارياً في المستشفى أخبر سليمان، قبل العملية الأخيرة، بأنّه “من الممكن معالجة حالته. لكنّ إدارة سجن بدر تسبّبت في تأجيل العلاج”. وأضافت أنّ عندما نُقل إلى المستشفى في المرّة الأخيرة، لم يكن الطبيب الاستشاري المذكور موجوداً، وحصل ما حصل، مشدّدةً على أنّه “يتعرّض للإهمال الطبي منذ أكثر من سنتَين”.

من جهتها، تسلط الشبكة المصرية لحقوق الإنسان الضوء على سجون مصر وما يحصل فيها من انتهاكات، من بينها تلك المتعلقة بالصحة. وأخيراً، نشرت بياناً بشأن معاناة السجين السياسي طارق محمود عربان، المصاب باللوكيميا، من الإهمال الطبي، وتعنّت وزارة الداخلية في علاجه. وأفادت الشبكة بأنّها تلقّت استغاثة من أسرة عربان، البالغ من العمر 59 عاماً والمحبوس حالياً في سجن وادي النطرون – تأهيل 10، جاء فيها أنّ إدارة السجن تتعنّت بشأن تمكينه من تلقي العلاج اللازم في أحد المستشفيات الحكومية المختصة، على الرغم من تفاقم حالته الصحية.

وأضافت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في بيانها، أنّ إدارة السجن حوّلت عربان إلى مستشفى سجن وادي النطرون مرّتَين لإجراء التحاليل، وقد أكدت تقارير المستشفى تدهور وضعه الصحي، فيما توصيات الأطباء أشارت إلى حاجته الماسة إلى علاج عاجل في أحد المستشفيات المتخصّصة، إذ لا يتوفر العلاج المناسب لحالته في مستشفى سجن وادي النطرون. وتابعت أنّ “مع ذلك، وبحسب المعلومات التي حصلت عليها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فإنّ هناك تعنّتاً متعمّداً وأوامر مشدّدة صادرة تقضي بمنع نقله إلى أيّ مستشفى خارجي تتوفّر فيه الرعاية الطبية المتخصصة لعلاج سرطان الدم (اللوكيميا)، سواء مستشفى بدر للإصلاح والتأهيل أو أيّ من المستشفيات الحكومية المتخصصة، رغم تدهور حالته الصحية”.

ولفتت الشبكة إلى أنّ “الحراسة شُدّدت على عربان في داخل السجن بدلاً من توفير العلاج اللازم له، في انتهاك صارخ لحقوقه القانونية والإنسانية”، مبيّنةً “تعريضه لخطر الموت البطيء من خلال الإهمال الطبي المتعمّد”. وشرحت أنّ هذا الإهمال الطبي أدّى إلى “تدهور حالته الصحية بشكل خطر خلال الفترة الماضية، ولا سيّما أنّه يعاني أيضاً من مرض السكري ومشكلات في القلب”، في حين أنّ “ظروف الاحتجاز غير إنسانية داخل السجن”، الأمر الذي “يستوجب رعاية طبية عاجلة ومتخصصة”.

وأعلنت الشبكة المصرية عن تضامنها مع مناشدة أسرة عربان التدخّل لإنقاذ حياته وإنهاء معاناته بسرعة، وتمكينه من تلقّي العلاج اللازم فوراً، وطالبت بالإفراج الصحي عنه على الفور ووقف الانتهاكات بحقه. وأكدت الشبكة أنّ “الإصرار على منع عربان من تلقي العلاج اللازم، رغم تدهور حالته الصحية الحرجة، يُعَدّ انتهاكاً صارخاً لحقوقه الأساسية وجريمة إهمال طبي متعمّد قد ترقى إلى القتل العمد بالامتناع”. وشرحت أنّ “الامتناع عن تقديم الرعاية الطبية اللازمة للسجناء المرضى يشكّل جريمة قتل بالامتناع أو الترك، وهو ما يُعرَف قانوناً بالقتل السلبي. كذلك فإنّ سياسة الإفلات من العقاب التي تمنح القائمين على إدارة السجون الحصانة من المساءلة تخالف كلّ القوانين المحلية والدولية. وكلّ من يُعهد إليه برعاية سجين مريض ويتعمّد الإخلال بالتزاماته القانونية، بما يؤدّي إلى تعريض حياة السجين للخطر أو وفاته، يُعَدّ مسؤولاً عن جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصّد، إذ تتوفّر في هذه الحالة نيّة إزهاق الروح نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد”.

ووفقاً للمواد الواردة في لائحة سجون مصر، يتعيّن على السلطات المختصة توفير الرعاية الصحية للمعتقلين، بما يتناسب مع طبيعة حالتهم، وضمان العلاج في حال إصابتهم بأيّ مرض أو تعرّضهم لإصابة. كذلك تنصّ المادة 40 من لائحة السجون على وجوب أن يكون ثمّة أطباء متخصّصون لتقديم العلاج داخل السجون، وفي حال تعذّر ذلك وجب نقل السجين إلى المستشفى لتلقّي العلاج المناسب. إلى جانب ذلك، تلتزم مصر بالقوانين الدولية المتعلقة بحقوق السجناء، مثل قواعد نيلسون مانديلا لمعاملة السجناء التي تضمن حقّهم في الحصول على الرعاية الصحية الملائمة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here