أفريقيا برس – مصر. أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن القمة العربية الطارئة التي عقدت الثلاثاء في القاهرة اعتمدت المشروع المصري لإعادة إعمار قطاع غزة، فيما أكد الزعماء المشاركون رفضهم تهجير الفلسطينيين من القطاع بعد حرب الإبادة الإسرائيلية.
وفي ختام القمة، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، إن “القمة اعتمدت خطة عربية لإعادة إعمار قطاع غزة وفق مراحل محددة”.
وأضاف أبو الغيط أن الخطة “ترسم أيضا مسارا لسياق أمني وسياسي جديد في غزة”، وتحافظ على الاتصال بين الضفة الغربية والقطاع، مشيرا إلى أن هدف القمة كان تأكيد الرفض العربي لتهجير الفلسطينيين.
وفيما يأتي أبرز النقاط التي تضمنها البيان الختامي للقمة:
– السلام هو خيار العرب الإستراتيجي القائم على رؤية الدولتين.
– أولوية استكمال وقف إطلاق النار الذي يتعرض لتحدٍّ كبير.
– تنسيق في إطار اللجنة العربية الإسلامية لشرح خطة إعمار غزة للمجتمع الدولي.
– دعوة مجلس الأمن لنشر قوات حفظ سلام دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
– إمكانية إيجاد بديل واقعي لتهجير الشعب الفلسطيني.
وقدّمت مصر خطة بقيمة 53 مليار دولار لإعادة بناء غزة على سنوات، تركّز على الإغاثة الطارئة وإعادة الإعمار، والتنمية الاقتصادية الطويلة المدى.
وتنص الخطة التي تمت مناقشتها الثلاثاء في القمة، على مرحلتين لإعادة الإعمار، واقترحت إنشاء صندوق تحت إشراف دولي يضمن «كفاء التمويل» وكذلك «الشفافية والمراقبة».
التعافي المبكر
وتستمر هذه المرحلة الأولى من الخطة، ستة أشهر بكلفة «قدرها 3 مليارات دولار تبدأ خلالها عمليات إزالة الركام من المحور المركزي (محور صلاح الدين) وباقي مناطق القطاع، إضافة إلى توفير 200 ألف وحدة للسكن المؤقت سابقة التجهيز».
وخلال هذه المرحلة، يفترض إنشاء «سبعة مواقع تستوعب ما يربو عن 1,5 مليون فرد على أن يتم تسكين الفلسطينيين في وحدات سكنية مؤقتة (حاويات)، تستوعب متوسط 6 أفراد».
كما تنص على «ترميم 60 ألف وحدة مدمّرة جزئياً بهدف استيعاب 360 ألف فرد عند الانتهاء من عملية الترميم».
مرحلة إعادة الإعمار
وتقسم مرحلة إعادة الإعمار إلى مرحلتين، وتمتد على أربع سنوات ونصف السنة.
وبحسب مسودة الخطة، «يبلغ إجمالي الاحتياجات التمويلية للمرحلة (الأولى) 20 مليار دولار، وتمتد حتى عام 2027، وتشمل إنشاء أعمال المرافق والشبكات والمباني الخدمية، وإنشاء وحدات سكنية دائمة، واستصلاح 20 ألف فدان من الأراضي الزراعية».
وأضافت أن تمويل «المرحلة الثانية لإعادة الإعمار يبلغ 30 مليار دولار، وهي تمتد حتى عام 2030، وتشمل إنشاء مناطق صناعية وميناء صيد وميناء بحري ومطار».
التمويل
وتقترح الخطة المصرية «إنشاء صندوق ائتماني تحت إشراف دولي كآلية تمويلية يتم توجيه التعهدات المالية إليه، لإدارتها، بما يضمن كفاء واستدامة تمويل خطة التعافي المبكر، وإعادة الإعمار، والشفافية والرقابة اللازمة على أوجه إنفاق الموارد المالية التي سيتم توفيرها».
وفي هذا السياق «تعتزم الحكومة المصرية تنظيم مؤتمر وزاري رفيع المستوى لحشد الدعم اللازم لخطة التعافي، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، والأمم المتحدة بمشاركة الدول المانحة والمنظمات والمؤسسات التمويلية الدولية والإقليمية والقطاع الخاص الفلسطيني والدولي ومنظمات المجتمع المدني».
من سيدير غزة؟
وبحسب الخطة المصرية «جاري في الوقت الحالي، ولغرض إدارة المرحلة المقبلة وبقرار فلسطيني، تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون غزة في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، علماً أنها ستكون لجنة مستقلة مكونة من تكنوقراط وشخصيات غير فصائلية، تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، وذلك تمهيداً لتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من العودة بشكل كامل لقطاع غزة».
ويطالب الزعماء العرب بإجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية خلال عام، إذا توافرت الشروط المناسبة.
وبهدف ذلك «تعمل مصر والأردن على تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية تمهيداً لنشرها في قطاع غزة».
وأضافت أن «مجلس الأمن يدرس كذلك فكرة الوجود الدولي في الأرض الفلسطينية (الضفة وغزة)، بما في ذلك من خلال إصدار قرار بنشر قوات حماية/حفظ سلام دولية بمرجعيات واضحة، على أن يتم ذلك في سياق متكامل بجدول زمني لإقامة الدولة الفلسطينية وبناء قدراتها».
وأقرت الوثيقة أيضاً بمعضلة «تعدد الجبهات الفلسطينية الحاملة للسلاح»، لكنها أوضحت أنه «أمر من الممكن التعامل معه إذا تمت إزالة أسبابه من خلال أفق واضح وعملية سياسية ذات مصداقية تعيد الحقوق إلى أصحابها».
وأشارت إلى أن «جميع الجهود السابق الإشارة إليها يتعين أن تصب في اتجاه واحد وواضح، وهو تنفيذ حل الدولتين، وأنه لا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية».
ملامح خطة الإعمار
وكان السيسي قال في كلمته أمام القمة إن الخطة المصرية “تحفظ للشعب الفلسطيني حقه في إعادة بناء وطنه وبقائه على أرضه”، مؤكد أن “الحرب الضروس على قطاع غزة استهدفت تدمير سبل الحياة وخيرت أهل غزة بين الفناء والتهجير”.
وأضاف: “نعكف على تدريب الكوادر الفلسطينية الأمنية التي ستتولى الأمن في القطاع خلال المرحلة المقبلة”. كما دعا إلى توجيه الدعم “للصندوق الذي سنسعى لإنشائه لتنفيذ هذه الخطة”.
وأشار إلى أن مصر عملت “بالتعاون مع الأشقاء في فلسطين على تشكيل لجنة من الفلسطينيين المستقلين لإدارة قطاع غزة”.
كما أعلن الرئيس المصري أن بلاده ستستضيف مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار غزة في أبريل/نيسان المقبل.
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته أمام الزعماء العرب إن “أسس التعافي في غزة لا تقتصر على الإسمنت بل على الكرامة والاستقرار ورفض التطهير العرقي”.
وأضاف أنه “لا عدل دون مساءلة ولا إعادة إعمار مستدامة دون أفق سياسي واضح ومتكامل”، داعيا في الوقت نفسه إلى العمل بكل السبل لمنع استئناف القتال في غزة.
من جهة أخرى، قال ملك الأردن عبد الله الثاني إنه يتعين “التأكيد على رفضنا التام للتهجير وإعادة إعمار غزة ضمن جدول زمني”.
ودعا إلى إعداد “تصور واضح وقابل للتنفيذ بشأن إدارة غزة وربطها بالضفة الغربية”.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقد أشاد “بالخطة المصرية الفلسطينية العربية لإعادة إعمار غزة بوجود الفلسطينيين على أرضهم دون تهجير”.
وأضاف عباس أن “رؤيتنا هي تولي السلطة الفلسطينية مهامها في غزة مع استلام الأجهزة الأمنية الموحدة أمن القطاع”.
من جانبه قال رئيس وزراء فلسطين محمد مصطفى إن إعادة توحيد قطاع غزة أمر حيوي، مشيرا الى ان الحكومة الفلسطينية ستعمل مع الدول العربية والمؤسسات الدولية لتنفيذ الخطة العربية لغزة.
وأوضح أن المطلوب من الجميع تقديم الأفضل لتجاوز العقبات، لافتا الى أنه سيتم التغلب على العقبات الداخلية مع الفصائل. وأكد أنهم يعتمدون على وطنية الفلسطينيين لتجاوز الخلافات. وتابع “سنواجه التحديات القادمة بمسؤولية”.
الاتصالات مع أميركا بشأن خطة غزة مستمرة
من جهته قال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في مؤتمر صحافي أن القاهرة تسعى للحصول على الدعم الدولي للخطة العربية لإعمار غزة.
وأضاف أن الاتصالات مع أميركا بشأن خطة غزة مستمرة، وأنه يجب تثبيت وقف النار في غزة قبل العمل على التعافي وإعادة الإعمار.
كما قال إن على إسرائيل تنفيذ التزاماتها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأنه تم الاتفاق على أسماء أعضاء اللجنة التي ستدير غزة لـ 6 أشهر.
وأضاف أنه سيتم تدريب الآلاف من عناصر الشرطة الفلسطينية في غزة، وأنه من الضروري تمكين السلطة الفلسطينية لتولي إدارة قطاع غزة.
ورحب البيان الختامي للقمة العربية بجهود الإصلاح في السلطة الفلسطينية وإجراء انتخابات، والترحيب بالقرار الفلسطيني لتشكيل لجنة لإدارة غزة.
موقف حماس
من جانبها، رحبت حركة حماس بانعقاد القمة العربية في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر ومخططات الإبادة والتهجير، ورأت أنها تدشن “مرحلة متقدمة من الاصطفاف العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية العادلة”.
وأضافت الحركة في بيان، أنها تثمن كلمات الزعماء التي “أكدت جميعها على رفض خطط الاحتلال لتهجير شعبنا، ورفض مشاريع الضم والتوطين، وعلى دعم حقوق شعبنا المشروعة في الحرية وتقرير المصير”.
كما ثمنت حماس الموقف العربي الرافض لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني أو طمس قضيته الوطنية تحت أي ذريعة، واعتبرته “موقفا مشرفا ورسالة تاريخية مفادها أن النكبة الفلسطينية لن تتكرر”.
ورحبت الحركة بخطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها القمة في بيانها الختامي، ودعت إلى توفير جميع مقومات نجاحها، كما ثمنت جهود مصر في التحضير لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة.
كما رحبت بما ورد في بيان القمة بشأن بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية عبر إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أسرع وقت ممكن.
وأكدت حماس على “ضرورة إلزام العدو المجرم باحترام تعهداته ضمن اتفاق وقف إطلاق النار”، ودعت إلى اتخاذ خطوات عربية موحدة وعملية تجبره على تنفيذ بنوده، والضغط لإدخال المساعدات والشروع في مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس