أفريقيا برس – مصر. أكدت تقارير أميركية وإسرائيلية أن محور “الوساطة الأميركية” لتمرير اتفاقية الغاز الإسرائيلية الضخمة لمصر، ومحاولة عقد لقاء (ترفضه القاهرة) بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يدور حول السعي لاستبدال صيغة “السلام السياسي” بـ”الاقتصادي”، وأن تقدم الشركات الأميركية العاملة في الحقول الإسرائيلية تخفيضاً في سعر الغاز لإسرائيل بحيث يكون أقل من سعر الغاز الإسرائيلي الذي تشتريه مصر.
أوضح “معهد واشنطن” The Washington Institute في 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري أن فكرة “السلام الاقتصادي” هي جزء من خريطة دبلوماسية أميركية أوسع، و”طموح واشنطن هو توظيف التعاون الاقتصادي لتقوية العلاقات الإقليمية، لذا ضغطت الولايات المتحدة على إسرائيل لتسهيل إتمام صفقة الغاز مع مصر، وتعزيز الاقتصاد باعتباره أداة رابطة سياسية.
ونقلت تقارير نشرت في مواقع أميركية، مثل صحيفة “أكسيوس”، عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة تستخدم الغاز بوصفه حافزاً اقتصادياً وسياسياً لخلق أرضية يمكن من خلالها ترجيح كفة السلام الاقتصادي، وذلك عبر تعميق المصالح المتبادلة وتقليل الاعتماد على السلام السياسي فقط، وأن واشنطن تربط إتمام صفقة الغاز بين إسرائيل ومصر بشروط أوسع تتعلق بمسارات “سلام اقتصادي” إقليمية.
وأوضح موقع “ديسكفري آليرت” discovery alert في 11 ديسمبر الجاري أن صفقة الغاز الطبيعي بين إسرائيل ومصر بقيمة 35 مليار دولار، سوف تُحدث تحولاً في قطاع الطاقة الإقليمي، وأشار إلى أن الغاز الإسرائيلي الحالي يمثل حوالي 20% من إجمالي الاستهلاك المصري قبل التوسعة، وارتفعت قيمة واردات الغاز المسال لمصر إلى حوالي 7.2 مليارات دولار خلال الأشهر العشرة الماضية مقابل 3.850 مليارات دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بمعدل زيادة 87%، وفق وزارة البترول.
مبادرة أوسع
وقال باراك رافيد، في صحيفة “أكسيوس” الأميركية، في السابع من ديسمبر الجاري، إن التدخل الأميركي لتمرير الصفقة والوساطة لعقد لقاء بين نتنياهو والسيسي يأتي ضمن مبادرة أوسع تركز على الحوافز الاقتصادية في مجالات التكنولوجيا والطاقة بين إسرائيل ودول عربية بهدف إعادة إدماج إسرائيل دبلوماسياً في المنطقة، ووضع نموذج جديد لانخراطها في العالم العربي، وإعادة مسار اتفاقيات أبراهام إلى الواجهة.
وأوضح أن مستشاري ترامب بحثوا مع نتنياهو أفكار “استثمار إسرائيل خبراتها في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وموارد الغاز الطبيعي، وخبرتها في مجالات الطاقة المتجددة والمياه في دبلوماسيتها الإقليمية” من أجل إغراء الدول العربية كلها لتقدِم على التطبيع.
ووصف تحليل نشرته “وكالة الأنباء اليهودية” في 11 ديسمبر 2025، الصفقة بأنها “خطة إنقاذ اقتصادي بقيمة 35 مليار دولار” لمصر، رغم أن الوكالة انتقدتها لأنها لا تلبي مطالب إسرائيل من مصر بسحب قواتها من سيناء واعتبرتها “فشل للسياسة الخارجية لتل أبيب”.
وذكرت الوكالة أن “الدافع وراء هذه الصفقة العاجلة هو أزمة الطاقة الحادة التي تعاني منها مصر، وليس الحاجة الاقتصادية لإسرائيل، فقد حوّل انهيار حقل غاز ظهر المصري، الذي يعاني من تسرب المياه وسوء الإدارة، مصر من مركز طاقة محتمل إلى مستورد يائس”.
وكان محلل قطاع الغاز الطبيعي “جي بي لاكوتور” قد قال لشبكة “سي أن أن” الاقتصادية، في 15 ديسمبر 2025، أن أحد أسباب تعطل الصفقة هو أن تدفع مصر ثمن توفير الكهرباء في إسرائيل، إذ تخشى حكومة الاحتلال من تأثر صفقة الغاز المصرية على أسعار الكهرباء بداخلها.
واشترطت تل أبيب على شركات الغاز “ضمان” أن يكون سعر الغاز الوارد إليها أقل سعرا من المُباع إلى مصر، ما يعني أن هناك احتمال رفع السعر بالنسبة للصفقة المصرية في حال تأثير ذلك على إسرائيل.
وأقلق أميركا وإسرائيل سعي القاهرة لمباحثات متقدمة مع عدد من الدول، وعلى رأسها قطر، للتعاقد على استيراد شحنات الغاز المسال لتلبية احتياجات السوق المحلية من الغاز الطبيعي خلال 2026 بدلا من الغاز الإسرائيلي، وجاء اللجوء لقطر تحسباً لتلاعب إسرائيل في موارد الغاز.
وسعت إسرائيل لتعطيل الصفقة لحصد “مكسب داخلي”، بتخفيض قيمة الغاز من الشركات الأميركية (التي تدير حقولها)، لصالح المواطن الإسرائيلي، بحيث يكون أرخص من الغاز الذي تحصل عليه مصر، وهو ما وافقت عليه أميركا لضمان استغلال الاتفاق في “التطبيع الاقتصادي” واستمرار أمن مصر الطاقوي ضمن معادلة التطبيع.
وسبق أن أكدت مجلة “ريسبونسبل ستيتكرافت” أن صفقة الغاز التي أبرمتها مصر مع إسرائيل تكشف عن ثغرة استراتيجية هي تخلي القاهرة عن استقلالها السياسي مقابل أمن الطاقة، وأكدت أن مصر لا تستطيع انتقاد إسرائيل لمدة عقدين آخرين على الأقل بسبب هذه الصفقة حتى ينتهي آجلها في 2040.
وشرحت المجلة، التابعة لمعهد كوينسي، في تقرير نشرته في 14 أغسطس 2025 أن القاهرة تدرك أن انقطاع الكهرباء سيؤدي إلى مشكلات داخلية لمصر، لذا يحتل الأمر أولوية لديها.
آدم يوسف
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





