أبرز المشاهد الرمضانية المصرية في زمن كورونا

15

مصر – افريقيا برس. خلقت الأوضاع التي أوجدها انتشار فيروس كورونا مشاهد جديدة لم يألفها المصريون في سلوكياتهم خلال شهر رمضان المعظم، واضطرتهم ظروف حظر التجوال وإجراءات التباعد الاجتماعي إلى كسر عاداتهم التي دأبوا عليها منذ سنوات بعيدة.

وفرضت الحكومة المصرية حظرا للتجوال خلال شهر رمضان من الساعة التاسعة مساء وحتى السادسة صباحا، فضلا عن إغلاق المساجد والمقاهي والمطاعم والملاهي والنوادي الليلية والحانات، وما يماثلها من المحال والمنشآت والمحال التي تقدم التسلية أو الترفيه والحدائق العامة والمتنزهات.

الجزيرة نت رصد أحدث خمسة مشاهد رمضانية لم تكن موجودة قبل ظهور فيروس كورونا، وإجراءات مكافحة انتشاره، والتي انعكست بدروها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناولها نشطاء بالسخرية المصرية المعتادة.

الإفطار ثم الهرولة
وجد المصريون أنفسهم في أول أيام رمضان في حيرة من أمرهم، هل يفطرون -كما تعودوا طوال السنوات الماضية- في بيت العائلة مخالفين الإجراءات الاحترازية والعزل المنزلي، أم يضحون بـ”لمة العيلة” الرمضانية.

يقول محمود صادق للجزيرة نت “تعودت منذ زواجي أن أفطر أول أيام رمضان في بيت العائلة، حيث يجتمع كل إخوتي مع زوجاتهم وأولادهم لنفطر جميعا، ونتناول الحلويات ونسهر حتى منتصف الليل مع أبي وأمي، ثم يغادر كل منا إلى منزله بعد سهرة مليئة بالدفء العائلي.

لكن هذا العام “كان استثنائيا وأردنا أن نوفق بين التباعد الاجتماعي وطقوس الأسرة المترسخة منذ زمن، فكان القرار بالإفطار ثم المغادرة سريعا قبل بدء سريان حظر التجوال”.

تحت شعار “افطر واجري” كان إفطارنا في بيت العائلة هذا العام، قالها لنا تامر رمضان، مشيرا إلى أنه بالكاد احتسى كوب الشاي، فيما تجهز زوجته الأطفال للنزول حتى لا يدركهم وقت الحظر وهم في الشارع، وقال مبتسما حتى الحلويات التي أخذناها معنا لم يمهلنا الوقت لمجرد تذوقها.

كمامة المسحراتي
ظاهرة جديدة رآها المصريون في شوارع القاهرة، حيث فوجئوا بالمسحراتي يجوب الشوارع كعادته لإيقاظ الناس، لكن مع ارتداء قفازات في يده وكمامة على وجهه.

راضي حسين يحكي للجزيرة نت كيف استقبل بعض المراهقين المسحراتي بالسخرية مما يرتديه بيديه، والكمامة التي يخلعها أحيانا وهو ينادي على أهالي المنطقة كما اعتاد، ثم يعود ليلبسها، لكن كبار الناس نهروهم عن ذلك.

ويروي حسين كيف كان المسحراتي يأخذ النقود التي يمنحه إياها الناس مقابل إيقاظهم لموعد السحور، ثم يرشها من زجاجة كحول ليضمن تعقيمها، خوفا من فيروس كورونا.

موائد الرحمن
وتعد موائد الرحمن التي يقيمها ميسورو الحال لإفطار غير القادرين من أهم مظاهر الشارع المصري خلال شهر رمضان، حيث يشارك في إقامتها رجال أعمال وفنانون، بالإضافة إلى موائد كانت تقيمها القوات المسلحة في أماكن عدة.

لكن وزارة التنمية المحلية أكدت عدم منحها أي ترخيص لإقامة موائد الرحمن هذا العام، منعا للتجمعات وللحد من انتشار فيروس كورونا، ودخلت وزارة الأوقاف على الخط بتأكيدها على منع إقامة أية موائد في محيط المساجد، داعية من يريد إقامتها إلى إخراج أموالها نقدا أو على هيئة سلع للفقراء والمحتاجين.

من هنا، جاءت فكرة لبعض مقيمي تلك الموائد، تحافظ على استمرار إقامتهم لموائد الرحمن، لكنها تراعي في نفس الوقت إجراءات محاصرة الفيروس، وذلك عبر توزيع وجبات الإفطار يوميا ليأخذها المحتاجون ويغادروا على الفور إلى منازلهم.

وعلق أحدهم لافتة كتب عليها “خد إفطارك وافطر بالبيت”، وسرعان ما انتشرت الصورة على مواقع التواصل ولاقت ترحيبا كبيرا بها، ودعا الكثير إلى تعميم الفكرة في كل أنحاء الجمهورية.

تراويح بالمنزل
وبشأن صلاة التراويح، قال الخمسيني علي حسان: وجدنا أنفسنا بين نارين، الأولى أن نلتزم العزل المنزلي المفروض ونصلي صلاة قيام رمضان بشكل فردي وهذا صعب للغاية على أنفسنا، والثانية أن نكسر الحظر المفروض على المساجد ولكن كيف لنا ذلك؟

ويتابع حسان في حديثه للجزيرة نت: لكن فكرة مبتكرة خطرت لي أنا وبعض أصدقائي الذين اعتدنا صلاة التراويح بمسجد عمرو بن العاص في مصر القديمة ومساجد أخرى، حيث طرح أحدهم علينا سؤالا مفاده: ما الذي يمنع أن نصلي في بيت أحدنا جماعة؟ فوجدنا أنفسنا جميعا نجيب عليه في نفس الوقت بكلمة “أحسنت”.

وبالفعل اتفقنا أن نقيم الصلاة كل يوم في منزل أحدنا بالتناوب، مع كافة الإجراءات الاحترازية من تطهير المكان والتباعد قدر الإمكان، وعقدنا العزم على ختم القرآن ليلة السابع والعشرين من رمضان كما تعودنا كل عام.

بلا مقاهي
تتميز ليالي شهر رمضان في مصر بالمقاهي المنتشرة بكل شوارعها، وتشهد تلك المقاهي ازدحاما في ليالي الشهر المبارك، إذ يتوافد عليها الزبائن عقب صلاة العشاء لتكون ملتقى كبيرا يجمع الأصدقاء، بل إن بعضها ينظم دورات رمضانية في لعب الشطرنج بوجه خاص.

واعتاد كثير من أهالي القاهرة الذهاب إلى منطقة شارع الأزهر ومسجد الحسين، حيث تتميز الليالي هناك بمشاهد ساحرة تحمل عبق التاريخ، وتزدحم تلك الأماكن بالساهرين وتقدم بعض هذه المقاهي أمسيات فنية وشعرية تشارك فيها فرق موسيقية وشعراء، ويطول السهر حتى تناول السحور ثم صلاة الفجر.

لكن كل هذه المظاهر اختفت هذا العام، ليختفي معها أهم أسباب ضياع الوقت في رمضان برأي البعض، لكن اختفى معها أيضا مصدر رزق كثير من المصريين.

المصدر : مواقع التواصل الاجتماعي,الجزيرة

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here