أول منطقة استُخدمت للحجر الصحي بعُمان

17

مصر – افريقيا برس. عزلت السلطنة ولايتي مسقط ومطرح المتجاورتين للحد من انتشار فيروس كورونا، بعد أن سجلت المدينتان المطلتان على بحر عمان النسبة الأكبر من الإصابات المسجلة في سلطنة عمان.

وفي ولاية مسقط، تقع قرية حرامل، التي تعد أول منطقة عمانية استخدمت للحجر الصحي عام 1896 عندما انتشر الطاعون الدبلي في جوادر (مدينة باكستانية كانت تحت الحكم العماني)، الأمر الذي دعا السلطان فيصل بن تركي لفرض الحجر الصحي لمدة تسعة أيام على السفن القادمة من جوادر قبل دخولها موانئ مسقط ومطرح، ليعود العزل الصحي للقرية مرة أخرى بعد ما يقارب 124 عاما.

وأشار إلى هذا الموضوع عدد من المراجع الحديثة، من أهمها كتاب “عمان في عهد السلطان فيصل بن تركي”، للباحث فهد الرحبي، الذي ذكر أن السلطان فيصل سارع عام 1898 إلى تشكيل لجنة للتعامل مع المرض، فأقرت بدورها إنشاء حجر صحي بقرية حرامل بمسقط.

ووضع بالقرية مجموعتين من غرف العزل: واحدة للرجال والثانية للنساء والأطفال، ويطلق عليها الأهالي اسم “الكرتينات” (من الكلمة الأجنبية Quarantine)، وهي مبنية من الحجر والطين، وتقع بجوار الجامع الحالي مقابل البحر.

وتحتوي غرف الحجر الصحي على عدد كبير من النوافذ التي تسمح بدخول الهواء من جهة البحر، واستخدمت هذه الغرف لعزل المرضى والمشتبه في إصابتهم، وذكر الرحبي أن المبنى بقي حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، قبل أن يهدم للتوسع العمراني، وبسبب تهدم جوانبه وعدم الاهتمام به.

أسباب الحجر
أما عن الأسباب التي دعت إلى اختيار حرامل لإقامة الحجر فيها؛ فيعود ذلك إلى طبيعتها الجغرافية المتمثلة في كونها قرية ساحلية صغيرة محاطة بالجبال من ثلاث جهات والبحر من الجهة الرابعة، وسهولة الوصول إليها من مسقط، التي تبعد عن مركز المدينة ميلا ونصف الميل، وبالتالي سهولة السيطرة عليها ومراقبتها.

بالإضافة إلى أنها لم تكن مأهولة بالسكان، وكان يقطنها عدد قليل جدا من الصيادين في تلك الفترة، وجاءت تسميتها نسبة لنوع من المرجان يطلق عليه حرمل، يلفظه البحر عند الجزر، حسب ما يروي الرحبي.

ويقول الرحبي للجزيرة نت إن فترة الحجر كانت في حدود تسعة أيام، ولم يكن من المسموح فيها مخالطة المرضى أو الاقتراب منهم، وفي هذا الوقت تم توفير كل المستلزمات لهم، والمتمثلة في المؤونة والغذاء وطبيب للرعاية الصحية وحارسين من أبناء قرية حرامل، حيث كان يمنع نزول ركاب السفن التجارية القادمة للموانئ العمانية، على أن تتم عملية تفريغ البضائع عن طريق البحارة أنفسهم وعدم الاختلاط مع عمال الموانئ.

ويقول الباحث الأكاديمي محمد الشعيلي للجزيرة نت إن سلطنة عمان تعد في مقدمة دول منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية في التعامل مع الأوبئة والأمراض الفتاكة، والأكثر تجربة في ذلك، فقد انتشرت في عمان الكثير من الأوبئة في فترات زمنية مختلفة، خاصة في العصور الحديثة، نتيجة عوامل عديدة؛ أهمها انفتاحها البحري على دول كثيرة، وما ترتب على ذلك من نشاطها البحري وتعاملها التجاري مع مناطق عدة، خاصة الهند وشرق أفريقيا، وبالتالي أصبحت معرضة بشكل أكبر للأمراض والأوبئة القادمة من الخارج.

وشهدت فترة حكم السلطان فيصل بن تركي (1888-1913) انتشار العديد من الأوبئة الخطيرة، وكان من أبرزها الطاعون والكوليرا، وفي عام 1897 انتشر الطاعون في الهند، مما حدا بالسلطات العمانية إلى التعامل الجاد مع هذا الوباء، والعمل على محاولة احتوائه وعدم تضرر الدولة منه.

وفي حرامل التقينا سليمان المجيني (أحد سكان القرية) الذي ذكر أن أجداده كانوا يروون لهم تاريخ القرية في الحجر الصحي، والآثار التي بقيت حتى أواخر عام 1982. ويقول إن حرامل ازدهرت بحجم أهميتها كمرفأ للصيادين، ويبلغ عدد سكانها الآن نحو ألف نسمة، ورغم المدنية التي طغت على العاصمة مسقط فما يزال كثير من أبنائها متمسكين بممارسة صيد الأسماك من بحر عمان الغني بالثروات البحرية، وأهمها أسماك التونة، المعروفة محليا بالجيذر.

المصدر : الجزيرة

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here