في سعيهم لإثراء المحتوى الرقمي بالعلوم، قام 12 من صانعي المحتوى بالمغرب بإطلاق مبادرة “نحن موجودون” (We Exist)، التي يهدفون من خلالها إلى التعريف بالمحتوى العلمي والتعليمي وجذب الانتباه نحو المحتوى الهادف في الويب المغربي.
قال أيوب أوتغت عضو المبادرة ومؤسس قناة “قوم علم” للجزيرة. نت، “الكثير من الناس تشتكي وتطالب بمحتوى هادف، وتأتي مبادرتنا للوصول لهذه الشريحة من الناس لتلبية رغباتهم في التعلم واكتشاف معالم الوجود والحضارة البشرية عن طريق محتوى علمي موثوق ومدعم بمصادر لفتح باب التعمق والتأكد من صحة المعلومة”.
مبادرة وطنية
يقول يوسف آيت ورصاص عضو المبادرة ومؤسس قناة (Space Curiosities) في حديث للجزيرة نت، إن مبادرة “نحن موجودون” (We Exist) أطلقها عدد من صناع المحتوى العلمي الهادف على منصة اليوتيوب بعد أن كثرت الانتقادات حول المستوى المتدني الذي وصل إليه محتوى منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب.
وقد نالت المبادرة إعجاب العديد من رواد الشبكات الاجتماعية بالمغرب، وتلقت دعما من باحثين ومهندسين متعددين بعد تزامنها مع نقاش حاد حول ردود الأفعال التي خلفتها ظاهرة “الروتين اليومي” على مستوى “الترند” بالمغرب على اليوتيوب، بين مختلف شرائح المجتمع.
محتوى رقمي متنوع
يقول أيوب أوتغت للجزيرة نت، إن “مبادرة (We Exist) ترتكز على مبدأ التنوع في المنتج الذي نقدمه، فمنا الأطباء والمهندسون وطلبة دكتوراه وجامعيون يجمعنا شغف المعرفة، ويحافظ كل منا على المجال الذي يتماشى مع اهتماماته، ومن بين هذه المجالات نذكر، الطب وعلم الفلك وعلم النفس والفيزياء والكيمياء والمعلومات العامة وآخر الأخبار والمستجدات العلمية”.
ويضيف نجيب بونصر عضو المبادرة ومؤسس قناة “جرعة معرفة”، أن المحتوى الذي يقدمه أعضاء مبادرة (We Exist) بشكل أساسي عبارة عن مقاطع فيديو تعتمد على طريقة مبسطة وسهلة في الشرح، لكن داخل إطار علمي دقيق يعتمد على معطيات ودراسات علمية للتحليل والمناقشة.
وتجري لقاءات دورية بين أعضاء المبادرة لتنظيم العمل في الفضاء الافتراضي وكذلك على أرض الواقع، إذ تم تنظيم عدة أنشطة في مجال تبسيط العلوم في كل من المعاهد العليا ومدارس المهندسين بالعديد من المدن المغربية.
ويشير أيوب عمارة عضو المبادرة ومؤسس قناة تدويزة (tadwiza) إلى أن “التفاعل مع المبادرة كان كبيرا من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، كما تبنى المبادرة العديد من الشخصيات المعروفة في الويب المغربي”.
فريق متنوع التخصصات
ويهدف فريق المبادرة إلى التعريف بالمحتوى الهادف في الويب المغربي، من خلال تبسيط العلوم بطرق مبتكرة ومشوقة، وفي الوقت نفسه تقديم محتوى تثقيفي هادف من قبل مختصين في مجالات متنوعة.
وتضم المبادرة أيضا ثلاث شابات، ويعكف الجميع على إنتاج محتوى علمي بمعدل فيديو على الأقل لكل شخص في الشهر.
ويوضح محمد المقريني من أعضاء المبادرة ومؤسس قناة (Med Projects) كيف ينتج فريق العمل محتوى المبادرة قائلا “كل عضو في المجموعة يقوم باختيار الموضوع ويبسطه بعد التعمق فيه من خلال جرد لجميع الدراسات والمراجع الحديثة، ثم يقوم بوضعها بطريقته الخاصة في فيديو ثم نتبادل الأفكار والنصائح قبل أن يقوم بتحميل المادة الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وقال أيوب بوسيل عضو المبادرة ومؤسس قناة (Ayoub Bousil)، “نأمل في أن يجد المحتوى العلمي الهادف مكانا له داخل الويب المغربي بشكل عام، بهدف رفع مستوى الخطاب العلمي داخل المجتمع، من خلال فيديوهات علمية وتثقيفية ومقالات علمية مبسطة وأنشطة على أرض الواقع من خلال ورشات وندوات ومحاضرات”.
نقاش حول المحتوى الرقمي بالمغرب
كانت ظاهرة “الروتين اليومي” على منصة اليوتيوب بالمغرب، قد أثارت نقاشا حول المحتوى الرقمي، حيث استنكر رواد منصات التواصل الاجتماعي ما أفرزته هذه الظاهرة، من محتوى غير لائق وصف “بالخادش للحياء” ويهدف إلى تسطيح الفكر، الأمر الذي دفع العديد من المتابعين إلى انتقاد الوضع الحالي للويب المغربي.
وقال عبد الجبار بوستة الباحث في سوسيولوجيا الدين والإعلام بجامعة ابن زهر في مدينة أغادير (جنوب المغرب) في حديث للجزيرة نت، “نحن نعيش في عصر الإعلام المعولم”، ونحن لم ننتج هذه التكنولوجيا، ونفتقد لفلسفة استعمالها، وبالتالي لم نفهم الغاية منها، خاصة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، مما نتج عنه هذا الاستعمال السلبي.
ويضيف الباحث بوستة أن “المسؤولية مركبة، تتداخل فيها مجموعة من العوامل، منها العوامل البنيوية المرتبطة بثقافة المجتمع، لأن المجتمع الذي لا يقرأ يبحث عن التفاهة وينتج التفاهة ويستهلكها”.
وأكد أنه “لا بد من فهم الغاية من وجود هذا الفضاء الافتراضي، وبالنسبة لي أهم شيء هو إدراج التربية على وسائل التواصل في المنظومة التربوية، لتربية الجيل الجديد، وهذا سيسهم في تطور وتقدم المجتمع”.