بمجرد دخولك على شبكة الإنترنت المتاحة بالمجان داخل مقاهي ستاربكس، تفتح لك صفحة أولية يظهر فيها وصلات لصحف عدة منها وول ستريت جورنال، ويو إس أي توداي، ونيويورك بوست، ولوس أنجلوس تايمز، وعشرات غيرها.
وحتى أسابيع مضت كان من الطبيعي العثور على عدد من كبريات الصحف الورقية في مقاهي ستاربكس، وكان يسمح للعملاء بشرائها أو قراءتها بالمجان وإعادتها للأرفف المخصصة لها، إلا أن هذا أصبح من ذكريات الماضي القديم.
فقد وصلت التغيرات التكنولوجية المتسارعة التي تشهدها صناعة نشر الصحف والمجلات إلى مقاهي بيع القهوة والشاي الأشهر بالولايات المتحدة والعالم.
وأوقفت مقاهي ستاربكس بيع الصحف الورقية في فروعها التي تزيد عن 8600 مقهى داخل الولايات المتحدة، واستعاضت عنها بتوفير قائمة مجانية تضم عشرات الصحف بصيغة إلكترونية.
ولا تزال بعض المقاهي تحتفظ بالأرفف التي كانت تعرض عليها الصحف الورقية كنوع من الرمزية، وحفظ أحد فصول التاريخ.
وعلق جوردان كوهين المتحدث الرسمي باسم صحيفة نيويورك تايمز في بيان على قرار ستاربكس بالقول “على الرغم من خيبة أملنا من قرار ستاربكس، كلنا ثقة أن من يريد شراء الصحيفة سيجدها في منافذ التوزيع المنتشرة في أماكن مختلفة لا تبعد كثيرا من مقاهي ستاربكس”.
ويعتقد فرهام حسين، أحد العاملين بالمقهى، أن اختفاء الصحف الورقية يعد تطورا طبيعيا خاصة في ظل توافر خدمة بديلة مجانية من خلال الإنترنت.
وقال للجزيرة نت “العملاء لم يعربوا عن غضبهم من وقف بيع الصحف الورقية، البعض يحضر كل صباح خاصة كبار السن ومعهم الصحف الخاصة بهم، والأغلبية أراها تقرأ الصحف إلكترونيا على شاشات حواسبهم أو هواتفهم”.
وأضاف “بعض العملاء يتركون صحفهم الورقية بعد الانتهاء من قراءتها كي يتمكن آخرون من قراءتها بالمجان”.
وبدأت مقاهي ستاربكس عام 2000 بيع الصحف الورقية داخل فروعها بهدف جذب المزيد من العملاء من خلال اتفاق مع أكثر ثلاث صحف أميركية انتشارا، وهي نيويورك تايمز وول ستريت جورنال ويو أس أي توداي.
وسمح الاتفاق بين الصحف الثلاث وستاربكس ببيعها داخل فروعها، إضافة لصحيفة محلية أو اثنتين، وذلك مقابل الإعلان عن مقاهي ستاربكس بهذه الصحف.
وتحدثت واحدة من عملاء ستاربكس للجزيرة نت عن اختفاء الصحف الورقية من المقهى وقالت “كنت استغرب وجودها خلال السنوات الماضية، لقد أوقفت الاشتراك في الصحف الورقية التي كانت تصل بيتي كل يوم منذ فترة طويلة، وأنا وعائلتي تعودنا على القراءة الإلكترونية، وهي أرخص وأسهل كثيرا”.
وأظهرت دراسة حديثة لمركز بيو للأبحاث أن معدلات شراء الصحف الورقية انخفضت عام 2018 بنسبة 12% عن 2017، في حين ارتفعت قراءة الصحف إلكترونيا بنسبة 6% خلال نفس الفترة.
وتعكس هذه التطورات اتجاه المزيد من القراء خاصة الشباب إلى وسائط بديلة مثل تويتر وفيسبوك للحصول على الأخبار التي تهمهم.
ولم يسبب وقف بيع الصحف داخل مقاهي ستاربكس أي تأثيرات سلبية على أرباح الشركة بالولايات المتحدة أو على حجم مبيعاتها.
وأعلنت الشركة هذا الأسبوع عن تحقيق إيرادات وأرباح فاقت التوقعات خلال الربع الأخير من عام 2019، إذ حققت صافي أرباح تخطى 886 مليون دولار.
وتشير تقارير مختصة بصناعة النشر إلى أنه ومنذ عام 2005 أغلقت خُمس من الصحف الأميركية أبوابها، في حين تم الاستغناء عن 47% من إجمالي العاملين بالصحف الورقية.
وتشير بيانات معهد بيو للأبحاث إلى أن توزيع الصحف الأميركية وصل إلى حدوده الدنيا منذ أربعينيات القرن الماضي.
وتحدثت ليديا، إحدى زبائن المقهى، للجزيرة نت وقالت “كان ستاربكس تعني بالنسبة لي أن أطلب قهوتي اللاتيه، وأتناول إحدى الصحف المتاحة بالمقهى وأجلس أحتسي قهوتي وأقرأ الصحيفة، الآن أصبح هذا من الذكريات الجميلة التي أحن إليها من حين لآخر”.
اعلان
المصدر : الجزيرة