أفريقيا برس – مصر. طالب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، السبت، نظيره الأمريكي، دونالد ترامب لبذل “جهودا وضغوطا ووساطة” تفضي لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وذلك “غرار الدور التاريخي الذى اضطلعت به الولايات المتحدة، في تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل في السبعينيات”.
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس المصري في القمة العربية الـ34 المنعقدة في العاصمة العراقية بغداد.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 172 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
دعوة لمعاهدة سلام جديدة
وقال السيسي “أطالب ترامب، بصفته قائدا يهدف إلى ترسيخ السلام، ببذل كل ما يلزم من جهود وضغوط، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جادة يكون فيها وسيطا وراعيا، تفضى إلى تسوية نهائية تحقق سلاما دائما”
ودعا الرئيس المصري أن يكون ذلك على “غرار الدور التاريخي الذى اضطلعت به الولايات المتحدة، في تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل في السبعينيات”.
وفي 26 مارس/ آذار 1979 وقعت في العاصمة الأمريكية واشنطن عقب اتفاقية كامب ديفيد لعام 1978، اتفاقية وقع عليها آنذاك الرئيس المصري أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن، وشهد عليها رئيس الولايات المتحدة جيمي كارتر.
وأخرجت هذه المعاهدة مصر من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، أشار السيسي في كلمته خلال القمة العربية ببغداد إلى أنه “لو نجحت إسرائيل، في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية”.
كما أكد الرئيس المصري على أن القمة العربية الحالية تنعقد في ظل “ظروف تاريخية وتحديات غير مسبوقة تتطلب من الجميع وقفة موحدة، وإرادة لا تلين”.
وطالب جميع الدول العربية إلى أن تكون على “قلب رجل واحد، قولا وفعلا، حفاظا على أمن أوطاننا، وصونا لحقوق ومقدرات شعوبنا الأبية”.
وعلى هذ النحو، أعرب الرئيس المصري، عن تثمينه جهود ترامب التي نجحت في يناير/ كانون الثاني 2025، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع لفلسطيني.
إلا أن هذا الاتفاق “لم يصمد أمام العدوان الإسرائيلي المتجدد، في محاولة لإجهاض أي مساع نحو الاستقرار”، على حد قوله.
ونوه السيسي إلى أنه على الرغم من تنصل تل أبيب من ذلك الاتفاق، تواصل مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، شريكيها في الوساطة، “بذل الجهود المكثفة لوقف إطلاق النار”.
وعليه، استشهد الرئيس المصري بنجاح تلك الوساطة الثلاثية في إطلاق سراح الرهينة الأمريكي – الإسرائيلي لدى حركة “حماس” عيدان ألكسندر.
وتأتي تصريحات السيسي عن ترامب وجهوده في أعقاب تقارير حول خلاف مزعوم بين الطرفين، على خلفية رفض القاهرة بشكل قاطع أي مخططات أمريكية تدعم رؤية إسرائيل في تفريغ قطاع غزة من سكانه وتهجير أهله قسريا إلي دول مجاورة.
أشد مراحل القضية الفلسطينية خطورة
وفي السياق، اعتبر السيسي أن القضية الفلسطينية “تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة، وأكثرها دقة”.
وأوضح أن الشعب الفلسطيني يتعرض لـ”جرائم ممنهجة وممارسات وحشية، على مدار أكثر من عام ونصف، تهدف إلى طمسه وإبادته، وإنهاء وجوده في قطاع غزة”.
وأبرز أن القطاع الفلسطيني يعيش “عملية تدمير واسعة، لجعله غير قابل للحياة، في محاولة لدفع أهله إلى التهجير، ومغادرته قسرا تحت أهوال الحرب”.
وحول الأوضاع في الضفة الغربية، أردف السيسي أن “آلة الاحتلال (الإسرائيلي) لاتزال تمارس ذات السياسة القمعية من قتل وتدمير، ورغم ذلك يبقى الشعب الفلسطيني صامدا، عصيا على الانكسار، متمسكا بحقه المشروع في أرضه ووطنه”.
وتابع: “إلى جانب القضية الفلسطينية، يمر السودان بمنعطف خطير، يهدد وحدته واستقراره، مما يستوجب العمل العاجل، لضمان وقف إطلاق النار، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، ورفض أي مساع، تهدف إلى تشكيل حكومات موازية للسلطة الشرعية”.
ويخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
دعوة لانسحاب إسرائيلي
وبشأن الأزمات التي تعيشها دول عربية، دعا السيسي في كلمته سوريا إلى “استثمار رفع العقوبات الأمريكية، لمصلحة الشعب السوري، وضمان أن تكون المرحلة الانتقالية شاملة؛ بلا إقصاء أو تهميش”.
كما طالب المعنيين في سوريا إلى “المحافظة على الدولة السورية ووحدتها، ومكافحة الإرهاب وتجنب عودته أو تصديره، مع انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان، وجميع الأراضي السورية المحتلة”.
وفي حديثه عن لبنان، اعتبر السيسي أن السبيل الأوحد لضمان استقرار هذا البلد العربي هو “الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وقرار مجلس الأمن رقم 1701، وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، واحترام سيادة لبنان على أراضيه، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمسئولياته”.
أما حول ليبيا، فقال السيسي إن مصر “مستمرة في جهودها الحثيثة، للتوصل إلى مصالحة سياسية شاملة، وفق المرجعيات المتفق عليها من خلال مسار سياسي ليبي، يفضى إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة”.
كما أشار إلى “ضرورة عودة الملاحة إلى طبيعتها، في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتهيئة الأجواء للاستقرار، والبحث عن الحلول التي تعود بالنفع على شعوبنا”.
واستأنف الحوثيون استهداف مواقع داخل إسرائيل وسفن متجهة إليها عبر البحر الأحمر، ردا على استئناف تل أبيب منذ 18 مارس/ آذار الماضي، حرب الإبادة بحق الفلسطينيين في غزة.
وتطرق الرئيس المصري في كلمته أيضا للصومال، مضيفا: “كما لا ننسى دعمنا المتواصل للصومال، مؤكدين رفضنا القاطع لأي محاولات للنيل من سيادته، وداعين كافة الشركاء الإقليميين والدوليين، لدعم الحكومة الصومالية، للحفاظ على الأمن والاستقرار”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس