أفريقيا برس – مصر. وصفت وزارة الداخلية المصرية غير الحاصلات على المؤهلات العليا وربات البيوت بأنهن من “الفئات الدنيا”، في قرارها المثير للجدل القاضي بإلزام السيدات من هذه الفئات الراغبات في السفر إلى السعودية لأغراض “الزيارة” أو “العمل” بالحصول على تصريح مسبق.
ووفقاً لنص القرار الحكومي، يُطلق مصطلح “الفئات الدنيا” على السيدات اللواتي يدرجن في جوازات سفرهن في مهن مثل ربة منزل أو بدون عمل أو جليسة أطفال أو مدبرة منزل أو مصففة شعر أو مربية أو خبيرة تجميل أو خادمة أو خياطة، كما يشمل مهناً أخرى كالنادلة والممرضة المنزلية ومندوبة المبيعات ومشرفة الحضانة والسكرتيرة وعاملة السنترال والبائعة.
وأوردت وسائل إعلام محلية نقلاً عن مصادر أمنية أن الهدف من القرار هو منع استغلال المصريات في الخارج، أو توظيفهن في مهن غير أخلاقية، وحمايتهن من التعرض للنصب، لا سيما بعد تسجيل حالات مماثلة أثناء موسم الحج الماضي.
وفي جولة لـ “العربي الجديد”، وسط حشد من السيدات اللاتي تزاحمن أمام مبنى مصلحة الجوازات والهجرة بمنطقة العباسية في القاهرة، ظهرت المعاناة على الوجوه، إذ عادت بعضهن من المطار حينما فوجئن بالقرار الصادر من دون تمهيد، أو تقدير للخسائر المادية والمعنوية المترتبة عليه.
تقول إحدى السيدات التي رفضت الكشف عن هويتها، إنها تنتظر دورها منذ ساعات، معربة عن غضبها الشديد من وصفها بأنها من “الفئات الدنيا” رغم أنها ربت أبناء حصلوا على شهادات عليا، ويعملون في مناصب رفيعة، مشيرة إلى أنها تسافر تلبية لدعوة من ابنها الذي يعمل في السعودية، وجاءت للحصول على التصريح المطلوب للسفر بعد أن عادت من المطار. وتابعت: “هناك تضارب بين أقوال ضباط الجوازات والموظفين هنا، إذ يقولون إن القرار استثنى الراغبات في زيارات عائلية، وهو ما أنتظر تأكيده عند الحصول على التصريح”.
يتعارض القرار مع النص الدستوري الخاص بالمساواة بين المرأة والرجل
ودفع الطابع الفجائي للقرار بعض نشطاء حقوق الإنسان إلى اعتبار أنه قرار سعودي، إذ يُشاع أن الجهات الأمنية السعودية طلبت من نظيرتها المصرية الحد من سفر فئات بعينها للحد من ارتكاب مخالفات قانونية، أو لتجنب استغلال هذه الفئات.
وأفادت مصادر حقوقية، بأن السلطات المصرية لاحظت استخدام بعض زوجات المعارضين السياسيين هذه التأشيرات للسفر، ما دفعها إلى تشديد الإجراءات، واشتراط الحصول على التصريح عبر الإدارة العامة للجوازات والهجرة، ضمن مساعي التنكيل بالمعارضين في الخارج، بعد التنكيل بمعارضين وصحافيين وكتاب مقيمين بالخارج عبر منع تجديد جوازات سفرهم، أو رفض منحهم الأوراق الثبوتية المطلوبة عبر السفارات.
وتقدمت النائبة عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، سناء السعيد، بسؤال إلى رئيس البرلمان، موجه إلى الحكومة، مطالبة بمعرفة أسباب صدور هذا القرار الفجائي الذي يتعارض مع الدستور الذي ينص على أن الدولة تكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة.
بدوره، طالب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد مرسي، بإعادة النظر في صيغة ومضمون قرار وزارة الداخلية بشأن منع سفر بعض المصريات إلى السعودية من دون إذن مسبق، وأكد ضرورة إلغاء مصطلح ‘الفئات الدنيا’ الوارد بالقرار، ومحاسبة المسؤولين عن استخدامه، والاعتذار للشعب المصري، “إذ لا يوجد في مصر فئات دنيا، بل هناك فئات محدودة الدخل، وأخرى متوسطة التعليم، لكن الجميع مواطنون متساوون في القيمة والحقوق والواجبات. هناك ضرورة لتحديد الفئات أو المهن المشكوك فيها، وعدم ترك القرار لتقدير الأفراد وتفسيراتهم، مع ضرورة تسهيل إجراءات الحصول على التصاريح مجاناً كونه يمس ملايين المصريات”.
من جانبه، وصف الناشط الحقوقي جمال عيد، القرار بأنه “عنصري وتمييزي، ومخالف للقانون والدستور”، وأضاف: “هذا القرار يمس كرامة المرأة، ويتضمن تمييزاً ضدها، ويشكل مخالفة قانونية تستوجب ليس فقط إلغاءه، بل محاسبة المسؤولين عنه. ما تقوم به الحكومة وفقاً لهذا القرار، يمتهن كرامة المصريين رجالاً ونساءً، ويجعل أي حديث عن تمكين المرأة عديم الجدوى”. نافياً علمه باستخدام القرار للتضييق على المعارضين المصريين عبر منع ذويهم من السفر، لكنه قال: “نحتاج إلى وقت لفهم أهداف القرار الحقيقية، فغياب الشفافية يجعلنا ندرك الأهداف بعد حين”.
وقالت مديرة مركز قضايا المرأة المصرية، غادة سليمان، إن “هذا القرار يعمّق الطبقية، ويقسّم المجتمع إلى طبقات عليا ودنيا، ويكرّس تمييزاً ضد فئات واسعة من المجتمع، على رأسها المرأة، ما يخالف الدستور والقانون، ويستوجب إلغاءه”.
المصدر: العربي الجديد
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس