عبور السفن لقناة السويس مستمر رغم هجمات “باب المندب”

2
عبور السفن لقناة السويس مستمر رغم هجمات
عبور السفن لقناة السويس مستمر رغم هجمات "باب المندب"

عادل صبري

أفريقيا برس – مصر. تسير حركة الملاحة البحرية في قناة السويس بصورة منتظمة، خلال الأيام الماضية، وسط حالة من التوتر بين شركات الشحن العالمية، بعد زيادة معدلات استهداف حركة السفن الإسرائيلية المتجه إلى البحر الأحمر، عبر مضيق باب المندب، من قبل جماعة ” الحوثي”.

يتجنب المسؤولون في مصر الحديث عن خطورة العمليات العسكرية التي يشنها “الحوثيون” ضد السفن المتجه إلى إسرائيل والدول الداعمة لعدوانها الوحشي على غزة.

بينما يقلل خبراء عسكريون من قيمة الضربات الانتقامية للحوثيين على معدلات مرور السفن في قناة السويس، التي تعتبر المصدر الرابع للعملة الصعبة بعد الصادرات وتحويلات المغتربين والسياحة، لدولة تعاني بشدة من شح الدولار، وعجز هائل في مواردها المالية من النقد الأجنبي.

ورغم إعلان شركات شحن عالمية كبرى عن تفادي المرور في البحر الأحمر خوفا من استهداف الحوثيين، إلا أن خبراء نقل بحري في مصر وجهوا رسائل طمأنة لشركات الشحن المحلية والدولية بأن “المرور في مضايق باب المندب والبحر الأحمر تحت حماية دولية مباشرة من تحالف عسكري دولي، يعمل على حراسة الممرات المالية بالمنطقة على مدار الساعة.

وبالتالي فإنه لا تأثيرات لهجمات الحوثي على قناة السويس التي تستحوذ على 12% من حجم التجارة العالمية المنقولة بحراً، وتعد من أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري.

وقال خبير النقل البحري أحمد الشامي، إن استهداف جماعة الحوثي لعدد من سفن الشحن، بمدخل البحر الأحمر، يعد من الأحداث العشوائية المتكررة منذ عقود، والتي تدخل في إطار المناوشات البسيطة المشابهة لعمليات القرصنة التي كانت تقوم بها مجموعات صومالية منذ سنوات على مشارف باب المندب.

أضاف “الشامي” أنه رغم خطورة هذه العمليات، فإنها تظل مجرد عمليات فردية، لن تؤدي إلى إغلاق شامل لمضيق باب المندب، وبالتالي لن تؤثر على حجم حركة المرور بقناة السويس، معربا عن خشيته من أن تجذب الظاهرة تدخلا مباشرا من بعض الدول، للتحول إلى حرب شاملة في المنطقة.

ولفت الخبير الاستراتيجي إلى وجود أساطيل عسكرية دولية تقودها الولايات المتحدة، تنسق من أجل ضمان وسلامة العبور في المضيق والبحر الأحمر، خشية تعرضه للإغلاق، وتهديد نحو 12% من حركة التجارة الدولية التي تمر بالمنطقة على مدار الساعة.

وبحسب الشامي، فإن حركة التجارة الدولية تكبدت 70 مليار دولار، عندما توقفت حركة المرور في قناة السويس مدة 6 أيام العام الماضي، ولذلك لن تسمح بوقف المرور بباب المندب، إلا إذا نشبت حرب واسعة النطاق في المنطقة، وهو أمر يعتبره القيادي العسكري السابق أمراً مستبعداً، رغم تطورات الحرب في غزة، ورفض المصريين استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.

طمأنة الخبير المصري تأتي في سياق معاكس لحالة المخاوف التي تنتاب شركات الشحن، وارتفاع قيمة التأمين على السفن المارة بالبحر الأحمر، منذ أيام. فبعد تعرض سفينتي حاويات عملاقتين بالقرب من سواحل اليمن، أوقفت شركتا هابغ لويد الألمانية وميرسك الدانمركية، وهما من أكبر شركات الشحن الدولية، رحلاتهما عبر البحر الأحمر، خلال الفترة من 15 إلى 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، لحين استتباب الأمن البحري في المنطقة.

أعلنت السعودية، أكبر مُصدر عالمي للبترول، عن “وقف مؤقت” لصادراتها البترولية من مضيق باب المنتدب، بعد الهجوم على ناقلتي الشحن، وزيادة اعتمادها على ضخ النفط من ميناء نويبع وجدة إلى خط أنابيب “سوميد” المتجه من ميناء السويس إلى البحر المتوسط مباشرة.

تبدى مؤسسات مالية وشركات شحن دولية مخاوفها من تأثر حركة الملاحة العابرة لقناة السويس، ما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي، في حالة استهداف الحوثيين السفن المارة بباب المندب.

كثفت الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة، فقد نشرت 12 سفينة حربية في المنطقة الممتدة بين بحر العرب حتى الخليج العربي، وحاملة طائرات في البحر الأحمر، بالتوازي مع 7 سفن وحاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد”، في البحر المتوسط، في مهمة ممتدة لعدة أسابيع، خوفا من توسيع نطاق الحرب الدائرة في غزة لتشمل مناطق أخرى بالمنطقة.

تقود الولايات المتحدة تحالفا عسكريا دوليا، لتأمين الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وخليج عدن، وللحد من توسع الحوثيين في استهداف السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها، بعد تهديدها أي سفينة متجهة إلى إسرائيل بأن تصبح هدفا مشروعا لأعمالهم، لحين السماح بدخول الغذاء والدواء إلى قطاع غزة المحاصرة للشهر الثالث على التوالي.

تدرس الحكومة الألمانية انضمام قوات بحرية تابعة لها إلى التحالف الأميركي، بعد تعرض سفينة شحن ألمانية لهجوم صاروخي الأسبوع الماضي.

توقع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، في تصريح صحافي الخميس الماضي، أن تستمر الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من عدة أشهر، وسط رفض الإدارة الأميركية تحديد موعد لوقف إطلاق النار.

رغم سخونة الأحداث في باب المندب، يستبعد خبراء أن يوثر هجوم الحوثيين على السفن في انهيار الأوضاع الأمنية بالبحر الأحمر والمضيق وبحر العرب، مشيرين إلى القدرات العسكرية الهائلة التي تملكها قوات التحالف الدولي الذي يضم أساطيل أميركية وصينية وفرنسية وبريطانية، تتولي ضبط الأمن في المنطقة، وضمان حرية الملاحة البحرية، وحمايتها من الاعتداء وعمليات القرصنة.

على النقيض من الوضع العسكري المتوتر، يشير خبراء إلى أن استهداف الحوثيين السفن المتجه إلى خليج العقبة وميناء إيلات الإسرائيلي لا يمثل أي خطر على قناة السويس، التي لن تتأثر سلبا إلا في حالة إغلاق مضيق باب المندب كليا، وهي أمور مستبعدة، في ظل عدم توسع الحرب، وشمولها عدة دول بالمنطقة.

يذكر محللون عسكريون أن المرور بباب المندب، الذي تتحكم فيه كل من اليمن وجيبوتي وإرتيريا، تعرض للإغلاق مرة وحيدة إبان حرب أكتوبر 1973، حينما أغلقت القوات المصرية باب المضيق مدة 3 أسابيع متصلة أمام السفن الإسرائيلية. تمر 98% من البضائع والسفن المتجهة إلى قناة السويس من سواحل اليمن على باب المندب.

أطلق “الحوثيون” النار على سفينتين متجهتين إلى موانئ إسرائيلية منذ بدء العدوان على غزة، مع احتجاز سفينة الشحن “غلاكسي ليدر” التابعة لشركة بريطانية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، وما زالت رابضة أمام سواحل شمال اليمن.

وفقا لبيانات هيئة قناة السويس، يساهم الممر الملاحي بالقناة في نقل 10% من تجارة النفط و8% من الغاز المسال، و12% من حركة التجارة الدولية و60% من النفط الخام لدول الخليج المتجه إلى أوروبا.

زادت حركة المرور بالقناة، خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بنسبة 4.3% مع زيادة في العائد بنسبة 20.3%، مع ارتفاع معدل المرور في الاتجاهين من 2171 إلى 2264 سفينة، خلال نفس الفترة من عام 2022، وفقا لبيانات رسمية.

يرجع خبراء زيادة عوائد قناة السويس إلى زيادة رسوم العبور والشحن وحجم التجارة الدولية.

واجهت حركة التجارة الدولية خسائر بقيمة 10 مليارات دولار يوميا، أثناء إغلاق القناة مدة 6 أيام متصلة لأول مرة منذ إعادة افتتاحها أمام الملاحة الدولية عام 1975، بينما خسرت هيئة قناة السويس 200 مليون دولار في حادث جنوح السفينة العملاقة” إيفر غرين” ربيع 2021.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here