فايننشال تايمز: خيارات السيسي للمراوغة تضيق ولا يمكنه تجاهل دور الجيش في الاقتصاد المصري

7
فايننشال تايمز: خيارات السيسي للمراوغة تضيق ولا يمكنه تجاهل دور الجيش في الاقتصاد المصري
فايننشال تايمز: خيارات السيسي للمراوغة تضيق ولا يمكنه تجاهل دور الجيش في الاقتصاد المصري

أفريقيا برس – مصر. نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقالا للخبير في الشؤون المصرية والزميل في مركز مالكوم كيري كارنيغي ببيروت، يزيد صايغ، أكد فيه أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يمكنه تجاهل دور الجيش في الاقتصاد، مذكرا أن اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي يتضمن التزاما بتخفيف حضور الجيش في الاقتصاد المصري.

وقال الكاتب إن الاتفاق على القرض الجديد بين صندوق النقد الدولي ومصر، واسع وطموح مثل ما هو خطوة تدعو للترحيب. فبالإضافة لإجراءات معالجة أزمة العملة المتدهورة والديْن المتزايد، وعدت حكومة القاهرة بهيكلة جديدة وكبيرة لحصتها في القطاعين الخاص والعام، وتحديدا القطاعات التي تملك فيها الدولة نصيب الأسد، بما فيها العقارات والنقل. وبعيدا عن هذا، سيترك وفاء الحكومة بوعودها، أثرا أكبر من عمليات الخصخصة التي أعلنت عنها الحكومة في عام 1991.

وبالتأكيد ستطلق العنان لأهم تحول في مصر منذ “الميثاق الاشتراكي” الذي أدى لتأميم الاقتصاد المصري عام 1961. وأضاف صايغ أن الالتزامات لصندوق النقد الدولي تستلهم من سياسة ملكية الدولة الجديدة التي أعدتها الحكومة العام الماضي. وتعد الوثيقة بأن تخرج الدولة من 79% من القطاعات الاقتصادية، والخروج بشكل جزئي من 45% من قطاعات أخرى في غضون ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات العامة من 30% إلى 65%.

ويرى الكاتب أن السياسة التي ستترك آثارا بعيدة على الاقتصاد المصري برزت بعد نقاشات استمرت ثلاثة أشهر بين مسؤولين في الحكومة وأعضاء البرلمان وقادة رجال الأعمال في القطاع الخاص.

وأكثر من هذا، ففي الوقت الذي تعد فيه التغييرات المقترحة بمكاسب حقيقية، فإنها تمثل تهديدا على لاعبين في المؤسسات القوية وجماعات المصالح. ويرى الكاتب أن السيسي والحكومة المصرية لم يحضّرا الأجواء لنزع فتيل المحاولات الرافضة أو الحصول على دعم قطاعات مهمة منتفعة.

ولا يغير الواقع حقيقة موافقة السيسي على سياسة ملكية الدولة. فقد كان هدفه الأساسي هو الحصول على اتفاق مع صندوق النقد الدولي على أمل تحرير 14 مليار دولار من الائتمانات التي ستأتي من مصادر دولية أخرى. لكن تصريحات الرئيس العامة والمراسيم الرسمية تهدف إلى تحقيق هدف جوهري آخر وهو رسملة الشركات المملوكة من الدولة والأرصدة مثل البنى التحتية، وفتح المجال لضخ الأموال من القطاع الخاص مع ضمان بقائها في يد الدولة.

ويضيف أن التشريع الجديد يسمح لمقدمي الخدمات والمؤسسات المملوكة من الدولة “بتحويل إيراداتهم المستقبلية وتداولها للبيع للمستثمرين”، ويسمح للقطاع الخاص بإدارة المشاريع والأشغال العامة التي تمولها الحكومة.

وفي الوقت نفسه، سينقل الرئيس قائمة متزايدة من أصول الدولة من أيدي الحكومة إلى سيطرة عدد متزايد من الهيئات المنشأة حديثا التي تتبع مباشرة له. وواحد منها هو صندوق الثروة السيادي، الذي أصبح أداة للسيسي المفضلة لجذب رأس المال من القطاع الخاص، بدلا من تعويم الشركات الحكومية بحريّة في البورصة.

وبالتالي، فإن تأييده لسياسة ملكية الدولة هو بمثابة تضليل يمكن استخدامه للتستر على استراتيجيته الفعلية. ويرى صايغ أن التناقض بين الوعد والواقع، سيظهر بوضوح في العلاقة مع الأسهم الكبيرة للخدمات والبضائع العامة التي تقدمها شركات الجيش وأجهزته. فقد أخبرت الحكومة المصرية صندوق النقد الدولي أنها ستخضع هذه الخدمات والبضائع لنفس إطار التنظيمات والأطر التي تخضع لها الخدمات المدنية في نفس القطاع.

ولكن الجيش ليس هو القطاع الوحيد المتوسع بطريقة لا تظهر أنها ستتوقف، فقد واصل توسعه في قطاعات من المفترض أن الدولة ستتركها. وربما ظهر كما يقول صايغ إنه يضع إطار السياسة المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي موضع شك، ولكن الحقيقة هي أن كلا الجانبين يحتاج إلى اتفاقية تبدو جيدة على الرغم من عدم توفر الإرادة القادرة على فرضها.

ويرى الكاتب أن الجيش قد لا يضطر إلى القتال بقوة للحفاظ على أسهمه في الاقتصاد هذه المرة. وإذا كانت الممارسة السابقة دليلا، فستحاول الحكومة التحايل بشأن التزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي على أي حال. ومهما يكن، فتسامح الشركاء الأجانب الآخرين، لا سيما دول الخليج، بات غير مضمون.

وما هو مؤكد، أن السيسي لن يسمح في الوقت الحالي بحدوث صدع خطير مع الجيش على أمل تحمل الحكومة عبء التعامل مع الشعب المصري الساخط، وفي الوقت نفسه مناشدة المانحين الأجانب لمساعدته، ولا يمكنه في الوقت نفسه تأجيل المواجهة مع الجيش إلى أجل غير مسمى.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here