أفريقيا برس – مصر. أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، دعمه بالشراكة مع مصر المبادرات الهادفة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي لتبون مع الرئيس المصري بالقاهرة، وفق وكالة الأنباء المصرية الرسمية، فيما أعلن السيسي في المؤتمر ذاته إطلاقه مبادرة لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة.
وأكد تبون، تضامنه مع “موقف مصر تجاه الأحداث الجارية في قطاع غزة”.
وأعرب عن “دعمه للشعب الفلسطيني في مواجهة الإبادة الإسرائيلية المستمرة والحرمان من أبسط احتياجات الحياة”.
وأشاد تبون، بـ”صمود الشعب الفلسطيني”. معربا عن رفضه لتهجيره من أرضه.
وأشار إلى أن الجزائر “تسعى مع الأشقاء في مصر، لدعم المبادرات الهادفة إلى تحقيق هدنة إنسانية تتيح إدخال المساعدات إلى غزة”.
وشدد تبون، على أن “الحل النهائي يكمن في تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، بإشراف الدول الصديقة ومصر”.
ولفت إلى أن الجزائر، العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، “تبذل ما بوسعها في المجلس، من أجل الضغط لوقف الحرب الإسرائيلية”.
وأكد الرئيس الجزائري تمسك بلاده “بضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف”. وأضاف أن بلاده تسعى بالتنسيق مع مصر إلى إنقاذ الموقف في غزة، ووقف ما وصفها بحرب الإبادة التي يتعرض لها سكان غزة، وكشف عن وجود توافق جزائري مصري بشأن منع تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع، ورفض إدخال أي عنصر غير فلسطيني لإدارة الحكم في غزة ما بعد الحرب. وقال تبون: “نحاول مع مصر إنقاذ الموقف، ونحن ندعم المبادرة التي قدمتها مصر لإدخال المساعدات وكل ما يحتاجه الغزيون، بانتظار أن يكون هناك حل نهائي”. وشدد على أن مصر “هي الأقرب جغرافياً إلى قطاع غزة، وتعاني أكثر من بقية الدول العربية مما يجري هناك”.
وكان السيسي قال في ذات المؤتمر، إن “مصر قامت خلال الأيام القليلة الماضية بجهد في إطلاق مبادرة تهدف إلى تحريك الموقف وإيقاف إطلاق النار ليومين، يتم خلالها تبادل رهائن (إسرائيليين) مع بعض الأسرى (الفلسطينيين/ لم يحدد عددهم)، ثم خلال 10 أيام يتم التفاوض على استكمال الإجراءات في قطاع غزة وصولا إلى إيقاف كامل لإطلاق النار وإدخال المساعدات
ورغم تواصل جهود وساطة قطر ومصر منذ أشهر، وتقديم مقترح اتفاق تلو آخر لإنهاء الحرب على غزة وتبادل الأسرى، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع شروط جديدة تشمل “استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ومعبر رفح بغزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة (عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم وسط القطاع)”.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 143 و500 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
تبون يوجه بفتح سوق الاستثمارات للشركات المصرية
وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أشاد تبون بـ”عمق العلاقات الثنائية بين الجزائر ومصر، والتي تتسم بالتفاهم الكامل والرغبة المشتركة لتعزيز التعاون، خصوصاً في المجالات الاستثمارية”.
وأبدى تبون استعداداً كبيراً لفتح سوق الاستثمارات والمشاركة في مشاريع البنية التحتية للشركات المصرية، وإشراك مزيد منها في خطط الإنجاز والبناء في الجزائر، وكذا تطوير التعاون في مجال الطاقة على وجه التحديد.
وقال إنّ الجزائر ترغب في إشراك مزيد من الشركات المصرية في قطاعات مهمة في الجزائر مثل السكن، على غرار شركة المقاولون العرب التي سبق ونفذت مشاريع في الجزائر. وقال: “مصر لديها تجربة تتحدث على نفسها في مجال الهندسة المعمارية، وأعطيت الإشارة الخضراء لوزير السكن للاستعانة بالخبرات المصرية في مجال السكن وإشراكها في المشاريع”.
ووصف الرئيس الجزائري زيارته إلى مصر بـ”الودية”، لتنسيق وتعميق التشاور في عدة مسائل تهم البلدين، وقال إنّ “العلاقات بين الجزائر ومصر على أحسن ما يرام، وأن هناك تفاهماً تاماً ورغبة في العمل المشترك باستثمارات جديدة”. وكشف أن الصادرات المصرية إلى الجزائر بلغت مليار دولار، والاستثمارات المصرية في الجزائر مستقرة، مشيراً إلى “وجود التزام بدعم الاستثمارات المصرية في ميدان الطاقة بالجزائر”. وأضاف: “نطمح أكثر في تعزيز تبادلاتنا التجارية والتعاون في مجال الطاقة”.
ويبلغ حجم الاستثمارات المصرية في الجزائر حالياً حوالي ثلاثة مليارات دولار، في قطاعات المنشآت والأسمدة والكابلات، وتطور حجم المبادلات التجارية بين البلدين من 600 مليون دولار إلى مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينما تخطط الجزائر والقاهرة لرفع القيمة إلى خمسة مليارات دولار في غضون السنوات الأربعة المقبلة، باستهداف قطاعات الصناعات الغذائية والصناعات التكميلية في مجال السيارات والطاقة الجديدة والمتجددة.
ويعد قطاع الطاقة ضمن أكثر الملفات القائمة بين البلدين، حيث تسعى مصر إلى الاستفادة من إمدادات الغاز الجزائري، إذ كان السفير المصري لدى الجزائر مختار وريدة قد أكد، قبل فترة قصيرة، خلال ندوة حول التعاون الاقتصادي بين البلدين عقدت في الجزائر ونظمها الاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، وجود مباحثات بين الجانبين الجزائري والمصري للتعاون في مجال الغاز، وأشار إلى أنّ العلاقات الجيدة بين البلدين كان لها الأثر الحسن بالاقتصاد، ما رفع من حجم التبادل التجاري بين الطرفين.
من جانبه، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن القاهرة لديها إرادة مشتركة لتطوير العلاقات مع الجزائر في جميع المجالات، وقال إنّ “الشركات المصرية تتلقى معاملة ممتازة في الجزائر”. ولفت السيسي إلى أن “هناك فرصاً للاستثمار بين مصر والجزائر، ولتبادل الخبرات بين الشركات المصرية والجزائرية. ونحن نرحب بذلك”. وقال “لدينا أكثر من خمسة آلاف شركة تستطيع العمل في أي مجال”، كما أعلن أنّ اللجنة المشتركة التاسعة بين الجزائر ومصر ستنعقد قريباً في القاهرة.
وردا على طلب السيسي مساهمة الشركات المصرية في مشاريع بالجزائر، قال تبون، إنه أعطى “الضوء الأخضر لوزير السكن للتعامل مع الأشقاء المصريين في المجالات ذات الصلة بالهندسة المعمارية وبناء المدن الجديدة على وجه الخصوص”.
وعن مستقبل التعاون بين البلدين، أضاف أن اللجنة العليا المشتركة بين الجزائر ومصر ستجتمع في بداية عام 2025، لمناقشة آفاق التعاون على المستويات الثقافية والاقتصادية.
ليبيا والسودان
وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، قال الرئيس الجزائري إنه اتفق مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، على ضرورة إجراء انتخابات في ليبيا كحل وحيد للاستقرار هناك.
وتعاني ليبيا منذ مارس/ آذار 2022 من وجود حكومتين، إحداهما تحظى باعتراف دولي وأممي وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد بالكامل.
أما الحكومة الثانية فكلفها مجلس النواب، وهي برئاسة أسامة حماد، ومقرها في بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
تبون أعرب عن أسفه مما يحدث في السودان التي تشهد حربا منذ أكثر من عام بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، مشددا على أن “مصر والجزائر لا يتدخلان بين الأشقاء إلا في الصلح”.
وتعد زيارة تبون إلى مصر الثانية له بعد أخرى أجراها في يناير/ كانون الثاني 2022، كما تعد أول زيارة خارجية للرئيس الجزائري منذ إعادة انتخابه في سبتمبر/ أيلول الماضي لولاية ثانية مدتها 5 أعوام.
ومن المقرر أن يتوجه تبون بعد مصر، إلى سلطنة عمان، في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس جزائري إلى مسقط، وفق بيان الرئاسة الجزائرية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس