أفريقيا برس – مصر. طالبت سبع عشرة منظمة حقوقية، بالتحقيق في وفاة المواطن محمود ميكا، داخل قسم الخليفة، وسط العاصمة القاهرة، بعد تبيان آثار التعذيب على جثمانه، أيدتها شهادات الشهود، وأعربت المنظمات، في عريضة توقيعات، أصدرتها اليوم، “عن بالغ الأسف والقلق إزاء تنامي حالات الوفاة بين المحتجزين داخل السجون المصرية، وسط قرائن متواترة بأن الكثير منها يحدث نتيجة للتعذيب وإساءة المعاملة في أماكن الاحتجاز”، كما استنكرت المنظمات، ما وصفته بـ”استمرار تبني الحكومة المصرية لسياسات ترسخ الإفلات من العقاب، تنعدم فيها آليات التحقيق والرقابة والمحاسبة الجادة في وقائع وفيات السجون،وأحدثها واقعة وفاة الشاب محمود ميكا، أثناء احتجازه في قسم الخليفة”.
وفي 10 إبريل/نيسان 2025، أفادت منظمات حقوقية محلية، بوفاة المواطن محمود محمد أسعد، المعروف بـ”محمود ميكا”، أثناء احتجازه داخل قسم شرطة الخليفة بالقاهرة. وبحسب إفادات موثقة من ذويه، ممّن شهدوا إجراءات غسل الجثمان، فقد كان على جسده آثار واضحة للتعذيب، وجروح غائرة، وعلامات لضرب مبرح على الظهر أقرب لعلامات “الجلد بأداة تشبه الخرطوم”، هذا بالإضافة إلى آثار قيد خانق ومحكم حول الرقبة، وحول اليدين والقدمين، وكدمات وجروح في أنحاء متفرقة من الجسم.
جرائم التعذيب متكرّرة في مصر
وحسب المنظمات، فقد ألقى ثلاثة ضباط القبض على ميكا، فجر يوم 6 مارس/آذار 2025، بينما كان يشتري مع والدته مستلزمات السحور من محيط حي الخليفة. وقد وجهت له النيابة تهمة حيازة المخدرات، رغم عدم إطلاع محاميته على أيٍّ من هذه الأحراز داخل القسم. وكان ميكا قد سبق القبض عليه في ديسمبر/كانون الأول 2024 إثر مشادة مع ضابط وأمين شرطة، وهما نفس الشخصَين اللذين ألقيا القبض عليه لاحقاً، في مارس/آذار الماضي.
وبحسب شهادات المحتجزين معه في الزنزانة، حسب ما أخبروا منظمات حقوقية محلية، فقد “تعرض ميكا لتعذيب واعتداء أمام بقية المحتجزين، بعد مشادة لفظية مع أحد الضباط، وتوفي أمام أعينهم داخل الحجز، ثم نُقل إلى زنزانة انفرادية في محاولة لإخفاء الجريمة، كما أقر الشهود بتعرضهم وذويهم للتهديد بغية التراجع عن أقوالهم أمام النيابة”، و”رغم كل هذه الملابسات، لم تحصل أسرة ميكا على نسخة من تقرير الطب الشرعي حول الوفاة حتى الآن، وسط حالة من التعتيم والمماطلة، بينما أصدرت وزارة الداخلية بياناً مقتضباً ينفي تعرض ميكا للتعذيب، ويزعم أن الوفاة وقعت إثر مشاجرة مع محتجز آخر. وهي رواية تتناقض تماماً مع شهادات المحتجزين أنفسهم، والمسجلة في تحقيقات النيابة”، حسب العريضة.
وقالت المنظمات، في بيانها، إن “الانتهاكات المرتبطة بهذه القضية لا يمكن فصلها عن نمط ممنهج من إساءة المعاملة داخل مقارّ الاحتجاز، ولا يمكن اعتبارها واقعة فردية؛ إذ جرى توثيق أكثر من واقعة مشابهة في القسم نفسه، قسم الخليفة، في أعوام 2009 و2014 و2024، كما أن غياب الشفافية، وتهديد الشهود، وحجب تقرير الطب الشرعي، ومحاولات طمس الأدلة، كلها مؤشرات خطيرة تقوض الثقة في منظومة العدالة، وتدفع إلى المطالبة بتحقيق فوري وشامل، يضمن كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين”.
وكانت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة قد أكّدت في ملاحظاتها الختامية لعام 2023، أن التعذيب في مصر يُمارس على نحوٍ “منهجيّ وواسع النطاق”، وهو ما يستدعي استجابة جادة من السلطات المصرية لهذه التوصيات.
ودعت المنظمات، الحكومة المصرية، إلى توجيه دعوة رسمية للمقرّر الأممي الخاص المعني بالتعذيب لزيارة البلاد، والوقوف على أوضاع أماكن الاحتجاز، ومقابلة الضحايا وعائلاتهم، خطوةً أولى نحو الشفافية والمحاسبة. كما أكّدت المنظمات “ضرورةَ فتح تحقيق عاجل ومستقل في وفاة محمود ميكا، وتسليم نسخة كاملة من تقرير الطب الشرعي لأسرته ومحاميه، وضمان حماية الشهود من أي تهديد أو تنكيل محتمل”، مشدّدة على أهمية محاسبة جميع المتورطين في هذه الواقعة، والإعلان عن نتائج التحقيقات، مؤكدة “ضرورةَ تفعيل آلية رقابة مستقلة وشفافة على أماكن الاحتجاز في مصر، لحماية حياة المحتجزين وضمان عدم تكرار هذه الجرائم”.
وطالبت كذلك على نحوٍ عاجل بإصدار قانون شامل لمناهضة التعذيب، يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر، ويجرم التعذيب صراحةً باعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم. بالإضافة إلى ضرورة السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات المجتمع المدني المستقلة بتفقد أماكن الاحتجاز، والسماح بزيارات ميدانية دورية، وإلزام النيابة العامة بممارسة دورها في الرقابة المستقلة والفعالة على أماكن الاحتجاز من خلال زيارات مفاجئة ومنتظمة، ونشر نتائجها بشفافية لضمان المحاسبة في حال التقاعس أو التواطؤ.
الموقعون من المنظمات “المفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، ومؤسسة دعم القانون والديمقراطية، ومنصة اللاجئين في مصر، ولجنة العدالة، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، وإيجيبت وايد لحقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس مونيتور، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان – لندن، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، وريدوورد لحقوق الإنسان وحرية التعبير”، بخلاف الموقعين من الأفراد.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس