أفريقيا برس – مصر. تستعد الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة في مصر لعقد اجتماع مرتقب لحسم موقفها من المشاركة في انتخابات مجلس النواب التي ستجري في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وذلك في أعقاب العزوف الشعبي عن المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ في الشهر الحالي، في ظل مشاركة 17.1% فيها بحسب الأرقام الحكومية التي تشكك فيها المعارضة. وفيها أظهرت النتائج هيمنة كاملة للأحزاب المقربة من السلطة، مع نسبة مرتفعة من الأصوات الباطلة، لتتعمق قناعة المواطنين بأن العملية برمتها أقرب إلى “تزكية سياسية” منها إلى انتخابات تنافسية.
انتخابات مجلس النواب
ومع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب في مصر، تبدو السلطة السياسية والأحزاب الموالية لها في سباق لإظهار الجاهزية، عبر مؤتمرات وتصريحات متكررة، وتصوير الاستحقاق باعتباره محطة جديدة لتجديد الحياة السياسية. ونشرت الصحف القريبة من أجهزة الدولة تقارير عن استعدادات أحزاب كبرى، مثل مستقبل وطن وحماة الوطن والشعب الجمهوري، التي رفعت شعار الكفاءة في اختيار المرشحين، وأكدت امتلاكها خططاً تنظيمية تغطي جميع المحافظات. أمام هذه المعطيات، يطرح المراقبون ثلاثة سيناريوهات محتملة في انتخابات مجلس النواب المقبلة: الأول استنساخ تجربة الشيوخ، بما تحمله من نتائج محسومة ومشاركة متواضعة، والثاني إدخال تحسينات تنظيمية محدودة تعطي انطباعاً بانفتاح شكلي، والثالث انفراجة سياسية محسوبة تتيح قدراً من التعددية وتعيد بعض الثقة للعملية الانتخابية.
في السياق، أكد المحلل عمرو هاشم ربيع أن انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة كانت “النكسة الكبرى” رغم محدودية صلاحيات المجلس، موضحاً أن خطورتها تكمن في أنها عمّقت حالة العزوف الشعبي عن المشاركة، ليس فقط في انتخابات مجلس النواب المقبلة، بل في مجمل العمل العام. وقال: “الكارثة أن الناس أصبحت تكفر بالمشاركة في أي شيء سياسي، نتيجة لما جرى في الشيوخ من مشهد أقرب إلى التزكية منه إلى المنافسة”. وأشار ربيع إلى أن استعادة ثقة المواطنين ما زالت ممكنة إذا أقدمت السلطة على خطوات حقيقية، مثل عقد جلسة طارئة لمجلس النواب لتعديل القانون المتعلق بالقائمة المطلقة. وأضاف: “القائمة المطلقة ليست سوى تعيين مقنّع وتزكية مسبقة، وإلغاؤها لصالح القائمة النسبية أو حتى النظام الفردي سيكون خطوة إيجابية جداً تعطي انطباعًا بجدية الإصلاح”. من ناحيته قال علاء الخيام، منسق تيار الأمل وعضو الحركة المدنية الديمقراطية، إن نسبة المشاركة الحقيقية في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة لم تتجاوز 7 إلى 8%، معتبراً أن النسبة الرسمية المعلنة (17%) “مبالغ فيها”. وأوضح: “كلنا رأينا خلوّ اللجان في مختلف المحافظات، بل إن بعض الناخبين لم يكونوا يعرفون أسماء المرشحين أو رموزهم. معظم من ذهبوا كانوا موظفين أُجبروا من قِبل الأجهزة الأمنية على الحضور، كما أن نسبة الأصوات الباطلة ارتفعت لتصل في بعض اللجان إلى 30% أو 40%”.
توقعات بنسبة مشاركة منحفضة
وتوقع الخيام أن تظل نسبة المشاركة منخفضة في انتخابات مجلس النواب، وإن كانت السلطة ستحاول رفعها بالضغط على موظفي الدولة والعاملين بالجهاز الحكومي عبر التهديد أو الوعيد. لكنه أشار إلى أن قرار بعض قوى المعارضة خوض الانتخابات على المقاعد الفردية قد يخلق حالة من التنافس في بعض الدوائر، وهو ما قد يدفع بعض المواطنين لإعادة التفكير في التصويت. ورغم ذلك، عبّر الخيام عن تشاؤمه إزاء مستقبل العملية السياسية: “للأسف الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ، والانتخابات تحولت إلى مجرد احتفالات وكرنفالات بعيدة عن المعنى الحقيقي للتنافس السياسي. المسؤولون أنفسهم أصبحوا يتباهون بمشاهد الرقص والفرق الموسيقية أمام اللجان، بدل أن تكون الانتخابات ساحة لاختيار ممثلين حقيقيين”. وختم بالقول: “تحسين الوضع السياسي يتطلب تغييراً جذرياً في أسلوب إدارة النظام، لا مجرد إعادة تدوير نفس الآليات المعتادة. والمعارضة بدورها تمر بمرحلة ضعف وانقسامات داخلية، وهو ما يفاقم إحباط المواطنين. ومع ذلك، نشجع أي محاولة لتوحيد الصفوف وتقديم بدائل. لدينا اجتماع قريباً في الحركة المدنية لمناقشة موقفنا النهائي من المشاركة في انتخابات البرلمان المقبل”.
في المقابل، اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، إنه “مع اقتراب انتخابات البرلمان المقبلة، تبدو المؤشرات واضحة بأن المشاركة لن تتجاوز نطاق 20–30%، ما لم يقدم النظام على إصلاحات سياسية واقتصادية ملموسة يشعر بها المواطن بشكل مباشر”. وتابع قائلاً إن استعادة ثقة الناخبين تتطلب إتاحة الفرصة لمرشحين مستقلين أكثر، أو مرشحين من أحزاب لا تدور في فلك الحكومة، إلى جانب إصلاحات اقتصادية ملموسة، وشفافية أكبر في إجراءات الترشيح، فضلاً عن ضمان المتابعة والمراقبة المستقلة للعملية الانتخابية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس