استياء مصري من التحركات الإماراتية والتركية في ليبيا

5
استياء مصري من التحركات الإماراتية والتركية في ليبيا
استياء مصري من التحركات الإماراتية والتركية في ليبيا

أفريقيا برسمصر. عاد الملف الليبي للواجهة مجدداً في أروقة النظام المصري، سواء في ما يخص العلاقات المصرية الإماراتية، أو تلك المرتبطة بمساعي ومشاورات التهدئة بين مصر وتركيا. وفي خضمّ هذه التحولات، حملت زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل إلى العاصمة الليبية طرابلس، الخميس، وهي الأولى من نوعها منذ عودة العلاقات بين النظام المصري والحكومة الشرعية في غرب ليبيا، رسائل في أكثر من اتجاه. وحول هذه التطورات، تكشف مصادر خاصة لـ”العربي الجديد”، أنه “يمكن القول إنه خلال الأيام الماضية، نقل الملف الليبي العلاقات المصرية الإماراتية من حالة التوجس إلى التوتر الواضح، بعد حصول قائد مليشيات شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر على مساعدات مالية من أبوظبي، في سياق إجراء ترتيبات جديدة”. وهو ما تضعه المصادر في إطار “محاولات إماراتية للعودة إلى امتلاك أوراق ضغط” في مشهد الشرق الأوسط الذي يتشكل في صورة جديدة على وقع التحركات الدولية الأخيرة.

الإمارات تسعى لتصدير الارتباك إلى المشهد الليبي

وتشير المصادر إلى أن التحركات الإماراتية جاءت من دون ترتيب أو إخطار للقاهرة، التي تُعدّ لاعباً رئيسياً في الملف الليبي، بحكم الموقع الجغرافي والأبعاد الاجتماعية. وترى المصادر أن “الإمارات تسعى لتصدير الارتباك إلى المشهد الليبي، بعد اتفاقها على إجراء تحركات عسكرية لمليشيات حفتر في الجنوب الليبي، بعد ضخّ أموال في حساب حفتر لإعادة سيطرته على المرتزقة الأفارقة التابعين له، بهدف إعادته رقماً أساسياً في المعادلة الدولية بشأن ليبيا، ومن ثم خلق دور إماراتي في تلك المعادلة بعد انحسار أطرافها أخيراً بين مصر وتركيا”. وتشير المصادر إلى أن الفترة القليلة الماضية شهدت تحركات عسكرية لأعداد كبيرة من القوات والمعدات العسكرية في بعض مناطق الجنوب الليبي، بالإضافة إلى قاعدة تمنهنت، التي كانت تُعتبر نقطة ارتكاز إماراتية في ليبيا. في المقابل، تؤكد مصادر خاصة أخرى مطلعة على ملف المباحثات المصرية التركية بشأن التهدئة بينهما، لـ”العربي الجديد”، حصول توتر بين البلدين، وتشير إلى أن العلاقات بينهما تمرّ بـ”مرحلة استكشافية”، بحسب وصف سابق لوزير الخارجية المصري سامح شكري. وتعتبر المصادر أن “الملف الليبي كان أحد ركائز عودة العلاقات بين مصر وتركيا، لما شهده من تنسيق أمني واستخباري في عدد من الملفات”. وتطرقت إلى ما تصفه بـ”التصرفات التركية الأخيرة بشأن ليبيا، وفي مقدمتها زيارة الوفد التركي الضخم لطرابلس، يوم الأحد الماضي، عشية قمة حلف شمال الأطلسي، لنقل إشارات معينة إلى قادة الحلف، وكأن تركيا هي المتحكم المطلق في المشهد الليبي في محاولة لجعل الدور المصري هناك ضمن توابعها”. وكان وفد تركي رفيع ضم وزراء الدفاع والخارجية والداخلية ورئيس الاستخبارات ورئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية ومتحدث الرئاسة، قد زار ليبيا بتكليف رسمي من الرئيس رجب طيب أردوغان. وتقول المصادر إن القاهرة، عبر اللجان الخاصة التي تبحث العلاقات بين البلدين، أبلغت أنقرة بتحفظها على تلك الزيارة وما حملته من دلالات. وتضيف أنه “للأسف إن إخراج الزيارة بالمشهد الذي حدثت به كانت له نتائج سيئة على الدور المصري الذي تسعى القاهرة لتوسيع مساحاته، خصوصاً على ضوء تطوير العلاقات مع حكومة الوحدة الوطنية”.

وترى أن تركيا استغلت تلك الزيارة، التي درست موعدها بشكل دقيق، في عقد اتفاقات مع الولايات المتحدة وفرنسا على هامش قمة الأطلسي، في وقت تسعى فيه القاهرة لترسيخ دور إقليمي فعال في القضايا المتعلقة بها، لخلق توازن وثقل في قضايا أخرى تهمها مثل سد النهضة على سبيل المثال. وبحسب المصادر، فإن “ملف الأوضاع في فلسطين والملف الليبي، أساسيان للقاهرة لتأكيد أهمية الأدوار التي تؤديها القيادة المصرية، التي تعوّل على لعب دور الوكيل الدولي، أو على الأقل الراعي للملف الليبي كما حدث في ملف غزة، إلا أن ذلك الطموح اصطدم بالتحرك التركي الأخير”. وعن هذه التطورات المتسارعة، يقول دبلوماسي مصري إن زيارة عباس كامل، ، إلى العاصمة الليبية طرابلس هامة، بعد زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لها في وقت سابق على رأس وفد وزاري كبير، وهي الزيارة التي ظنت القاهرة بعدها أنها حسمت الأمور لصالحها في ليبيا رغم الوجود العسكري التركي في الغرب الليبي. وبحسب المصدر الدبلوماسي، فإن وفد كامل يضمّ رئيس اللجنة المعنية بالملف الليبي اللواء أيمن بديع، وتحمل رسائل في أكثر من اتجاه، أولاها للقوى الدولية اللاعبة في الملف الليبي، بشأن مساحات النفوذ المصري في ليبيا وقدرتها على رعاية أي اتفاقات في هذا الشأن. أما الهدف الثاني من وراء الزيارة في هذا التوقيت، بحسب المصدر الدبلوماسي، فهو تأكيد الحصص المصرية في عمليات إعادة إعمار ليبيا، خشية تغول الدور التركي.

أبلغت القاهرة أنقرة بتحفّظها على زيارة وفد تركي لطرابلس

ويكشف عن إجراء أنقرة مفاوضات مع قوى دولية أخرى للمطالبة بحصص في إعادة الإعمار، عبر نفوذها على حكومة الوحدة الوطنية، بشكل ينتقص من حصص الشركات المصرية. ويشدّد على أن الملف الاقتصادي لا يقلّ أهمية بالنسبة للإدارة المصرية عن الملف السياسي. أما الهدف الثالث من وراء زيارة كامل، برأي المصدر، فموجّه لقوى عربية وخليجية، على رأسها الإمارات، لتأكيد التوجه المصري الجديد نحو الملف الليبي. وهو توجّه نابع من منطلق الحفاظ على أمن مصر القومي، ما يعني أن العبث في هذا الملف يُعدّ بمثابة اعتداء على الأمن المصري، ولا يصلح أن يأتي من دول تربطها نقاط مشتركة عدة مع مصر، وترغب في الحفاظ عليها. ويرى المصدر أن الزيارة تأكيد على قوة ونفوذ مصر، وربما قد تكون موجّهة للشريك السعودي أيضاً. وسط هذه التطورات السياسية، برز تطور ميداني، مع تأكيد آمر منطقة سبها العسكرية التابعة لقوات الحكومة الشرعية أحميد العطايبي وصول أرتال عسكرية من الشرق الليبي إلى قاعدة تمنهنت، تضمم مجموعات من مليشيات الكاني، محذّراً وزارة الدفاع ورئاسة الأركان في طرابلس بشأنها.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here