اقتراح قمة مصرية ـ تركية ـ يونانية ـ قبرصية

5
اقتراح قمة مصرية ـ تركية ـ يونانية ـ قبرصية
اقتراح قمة مصرية ـ تركية ـ يونانية ـ قبرصية

أفريقيا برس – مصر. كشف مصدر دبلوماسي مصري رفيع المستوى أن لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، برئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، في مدينة العلمين الجديدة، أول من أمس الخميس، بحث ترتيبات لإعادة صياغة العلاقات في منطقة شرق البحر المتوسط، في محاولة لإنهاء الصراع بها، والتوصل لاتفاقات من شأنها الاستفادة القصوى من موارد تلك المنطقة.

وأوضح الدبلوماسي أن السيسي عرض على رئيس الوزراء اليوناني تصوراً مصرياً لعقد قمة رباعية في القاهرة خلال الفترة المقبلة، تضم مصر واليونان وتركيا وقبرص، لمناقشة التوترات في شرق المتوسط، وتقريب وجهات النظر بشأن ترسيم الحدود البحرية، وإمكانية انضمام تركيا إلى منتدى غاز شرق المتوسط.

وقال الدبلوماسي المصري إن القمة من المقرر لها أن تأتي في أعقاب زيارة الرئيس المصري إلى أنقرة، خلال الفترة القريبة المقبلة، إذ من المقرر أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بجولة بشمال أفريقيا تشمل ليبيا، لافتاً إلى أنه يجرى التباحث حالياً بين المسؤولين في القاهرة وأنقرة بشأن إمكانية ترتيب القمة في القاهرة في ختام جولة أردوغان في المنطقة.

وأوضح أن السيسي أكد لكيرياكوس، خلال اللقاء الذي جمعهما في العلمين الجديدة، أنّ مصر حريصة على شراكتها مع كل من اليونان وقبرص، وأنها لا تعتزم الإقدام على أي خطوة في إطار استعادة العلاقات مع تركيا تضر بأثينا ونيقوسيا، وأنها كذلك حريصة على لعب دور وسيط من أجل إنهاء الصراع بين أثينا وأنقرة وتهدئة الأوضاع في إقليم شرق المتوسط.

وأكد الدبلوماسي أن رئيس الوزراء اليوناني أبدى موافقة حذرة بشأن القمة، طالباً مزيداً من الضمانات بشأن جدية تركيا في الانخراط بتلك المفاوضات والتغيير من نهجها القائم على تحركات فردية. وكشف أن الجانب القبرصي أيضاً أبدى ترحيباً بالخطوة المصرية.

وجاء لقاء السيسي وميتسوتاكيس، في وقت تشهد فيه دول حوض البحر الأبيض المتوسط، تغييرات وتبدلات في المواقف السياسية، خصوصاً مصر وتركيا واليونان وقبرص.

وبينما شهدت العلاقات المصرية التركية، تقدماً ملحوظاً تمثل في رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى درجة السفراء، إلا أن زيارة للسيسي، كانت مقررة إلى أنقرة للقاء نظيره التركي، تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، من دون ذكر أسباب واضحة حتى الآن.

وأكدت مصادر دبلوماسية أن “مسألة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، تأتي على رأس أجندة اللقاء المرتقب بين أردوغان والسيسي، إضافة إلى ملفات أخرى من بينها الأزمة الليبية”، مؤكدة أن “القاهرة لم تحسم بعد ملف تعيين الحدود مع أثينا، من أجل عدم المساس بالمصالح التركية”.

وقال بيان رئاسي مصري إن لقاء السيسي وميتسوتاكيس “شهد تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في اتساق مواقف الدولتين في منطقة شرق المتوسط، مع تأكيد أن منتدى غاز شرق المتوسط يمثل إحدى أهم الأدوات في هذا الإطار… فضلاً عن مستجدات الأزمات القائمة في المنطقة، خصوصاً ليبيا”.

تفاعلات إقليمية في حوض المتوسط

وحول زيارة رئيس الوزراء اليوناني، والتفاعلات الإقليمية المستحدثة في منطقة البحر المتوسط، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار غباشي، إن مصر “تشكل بوابة مهمة لحل الخلاف التركي مع اليونان وقبرص، فاعتراض تركيا على تعيين الحدود بين قبرص واليونان يعود إلى رواية تركية بوجود حقوق تاريخية لها في هذه المناطق”.

وأشار غباشي إلى أن “زيارة رئيس وزراء اليونان في الوقت الحالي، لها خصوصية وأهمية عالية، في ظل كثرة الملفات المشتركة بين مصر واليونان، في الجانب السياسي والاقتصادي”. ومن هذه الملفات، بحسب غباشي “ما يتعلق بدول الجوار لكلا الطرفين، خصوصاً في ظلّ وجود تحالف يوناني مصري قبرصي، والذي كان يمثل نواة لمنتدى حقول غاز شرق المتوسط، والذي مقره القاهرة حالياً، حيث تستحوذ دول هذا المنتدى على 51 في المائة من الغاز في العالم، وبالتالي هناك أهمية قصوى للعلاقات الثنائية بين مصر واليونان، لارتباطاتها المتشعبة في أكثر من اتجاه”.

ولفت إلى أنه “من ضمن الملفات التي ترى اليونان في مصر مدخلاً لها، الملف الليبي والغاز الليبي خصوصاً بعد اتفاق تعيين الحدود البحرية الذي جرى بين تركيا وليبيا، وكذلك الهجرة غير الشرعية حيث تمثل ليبيا محطة انتقال ترانزيت إلى اليونان، فاستقرار الملف الليبي يعد أهمية لدى اليونان، في ظل أن لمصر نفوذ قوي في هذا الملف”.

تبادل مصالح بين مصر وتركيا واليونان

ومن وجهة نظر تركية، قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط (أورسام) أحمد أويصال، إن “تحسن العلاقات بين تركيا ومصر يزعج اليونان التي تحاول أن تقنع القاهرة بأن تقف معها بعيداً عن تركيا، إلا أن التحولات الحاصلة في الإقليم والعالم كلّه، تشجع تركيا ومصر على إبداء المزيد من التحسن في العلاقات والتعاون المشترك تجاه القضايا المحيطة بالطرفين”. وبرأيه، فإن كل طرف “يعتقد بأن الفرصة حانت بعد القطيعة إلى توحيد الصفوف، وهذه المبادرة التركية في العالم العربي، والتي نجحت في تحقيق أهدافها مع الإمارات والسعودية واليوم مع مصر، وبالتالي المصلحة المصرية التركية تطغى على المصلحة المصرية مع اليونان”.

وأضاف أويصال أن “التحديات التي تواجه مصر داخلياً على صعيد الاقتصاد والطاقة، وكذلك خارجياً في الملفات التي تهمها كالقضية الفلسطينية والسودانية والليبية، تتطلب أن تضع يدها في يد تركيا في المرحلة المقبلة”.

وحول إمكانية توسط مصر بين تركيا واليونان، أوضح أويصال أن “منطق تقسيم مياه البحر المتوسط، ينقسم إلى المنطق التركي الذي يقوم على المناصفة بأن نعيّن الحدود من الوسط بحسب القارات، تركيا في الشمال ومصر في الجنوب، بينما المعادلة اليونانية تقوم على إخراج تركيا من حقّها في البحر المتوسط، فيما المنطق التركي يقدم لمصر أكثر بكثير مما يقدمه المنطق اليوناني في الترسيم”.

من جهته، رأى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، أن “دول التحالف الثلاثي (مصر وقبرص واليونان)، تأمل من تحسن العلاقات المصرية التركية، أن ينعكس إيجاباً على الوضع العام في شرق المتوسط، خصوصاً في ظل اللقاء المرتقب بين الرئيسين التركي والمصري، وربما تأمل أن يطلب السيسي من أردوغان السماح للدولتين بالتنقيب عن الغاز خلال المرحلة المقبلة، في ظل الرفض التركي سابقاً”.

وأضاف حسن أنه “في مقدمة الملفات أيضاً العلاقات الثنائية بين الطرفين، حيث إن مصر تسعى إلى زيادة التبادل التجاري مع اليونان وجذب الاستثمارات اليونانية، وكذلك الملف الأهم وهو تسييل الغاز اليوناني في المعامل المصرية من ثم تصديره إلى العالم، وبالتالي مصر تولي أهمية كبيرة للزيارة اليونانية”. وأكد أن لليونان كذلك “الكثير من الملفات الهامة على الطاولة المصرية، والتي لا يمكن لأحد أن يحقق له أهدافه فيها إلا من خلال البوابة المصرية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here