
أفريقيا برس – مصر. علق مراسل الشرق الأوسط في صحيفة “التايمز” ريتشارد سبنسر، أن ما كشفت عنه وثائق البنتاغون المسربة والزعم بأن مصر والإمارات تعاونتا من وراء ظهر الحليف الأمريكي لدعم روسيا، يعتبر إحراجا لواشنطن.
وأضاف أن إدارة بايدن تحضّر نفسها لكشوفات أخرى، حيث يتم تسريب المعلومات الواردة في وثائق تم تداولها على منصات التواصل ومواقع الإنترنت وغرف الثرثرة المرتبطة بمنصة لألعاب الفيديو، بالقطارة، واحتوت على معلومات استخباراتية ذات آثار ضارة على علاقة الولايات المتحدة بالحرب في أوكرانيا وحلفائها حول العالم.
وفتحت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) تحقيقا، فيما يقود وزير الدفاع لويد أوستن الجهود لتقييم الضرر الناتج عن التسريبات.
وأشار سبنسر إلى أن الوثائق المسربة هي نسخ مصورة أو مطبوعة لإحاطات استخباراتية، وجددت الاتهامات السابقة بأن وكالة الأمن القومي الأمريكية تتجسس على محادثات القادة الأجانب، في وقت تعطي الإحاطات تحليلا محدّثا للأحداث الدولية، وتعود إلى شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس، مثل الحوار الذي أجراه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مسؤولين عسكريين، حيث طلب منهم صناعة صواريخ لبيعها لروسيا كي تستخدمها في أوكرانيا. وذكرت الأوراق أن كوريا الشمالية استعرضت عددا غير مسبوق من راجمات الصواريخ الباليستية، في مناسبة بشباط/ فبراير.
وفي وثيقة أخرى، كشفت وكالة الأمن القومي عن محاولة الموساد الإسرائيلي دعم مظاهرات ضد حكومة بنيامين نتنياهو.
وقال سبنسر إنه لو تم التحقق من معظم الوثائق أو كلها، فستكون بمثابة أهم رؤية عن التفكير السري الأمريكي منذ تسريبات ويكيليكس ما بين 2010-2011. وقال مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة، كريس ميغر، إن تسريب الوثائق “خطير على الأمن القومي… ما زلنا نحقق بكيفية حدوثها، وهناك خطوات يجب اتخاذها لمعرفة كيفية نشر هذه المعلومات ومّن نشرها”.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، إن المجلس تحرك سريعا لاحتواء الأزمة، وطريقة توزيع المعلومات داخل مؤسسات الأمن القومي. وما تكشفه الوثائق يتركز على أوكرانيا، وتجسست وكالة الأمن القومي في إحدى المرات على فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني الذي ناقش مع مستشاريه توجيه ضربة لروستوف داخل الحدود الروسية.
وناقشت الوثائق حالة الحرب بناء على معلومات سرية للجانب الأوكراني والروسي، وإن القوات الأوكرانية تنقصها صواريخ مضادة للطائرات بطريقة تعطي روسيا التفوق الجوي بحلول أيار/ مايو. ورغم التلاعب في بعض الوثائق، خاصة تلك المتعلقة بعدد القتلى من الجانبين، حيث تم تغيير الأرقام لتعكس خسائر روسية فادحة وأوكرانية أقل.
لكن التغيير لم يكن جيدا، ويمكن التعرف على المعلومات الأصلية في الوثيقة، مما يعني أن الوثائق صحيحة، وتعكس مجمل تفكير مؤسسة الأمن القومي الأمريكي تجاه الحرب. هذا إلى جانب كشف الوثائق عن وجود قوات خاصة من دول غربية، معظم عناصرها من بريطانيا، وكذلك تجسس الولايات المتحدة على حلفائها ومراقبة المحادثات السرية لإسرائيل وكوريا الجنوبية.
وليس غريبا مراقبة الولايات المتحدة، بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي المتقلب بنفس الطريقة التي راقبت فيها زيلينسكي غير الواثقة من قراراته، لكن مراقبتها لكوريا الجنوبية أغضبت المسؤولين هناك، فكوريا الجنوبية هي أهم حليف لواشنطن في منطقة مهددة بالنزاع بشكل دائم.
وكان التسريب سيئا بدرجة كبيرة، لأن أمريكا ضغطت على قادة كوريا الجنوبية لتزويد أوكرانيا بالذخيرة، في خرق لسياستها المعلنة، حيث أكدت أنها ستقدم الدعم الإنساني لكييف وليس العسكري. ومن ناحية أخرى، كشفت الوثائق عن عمل الإمارات ومصر ضد المصالح الغربية. فقد سجلت حوارات لعملاء روس وهم يتباهون بموافقة الإمارات على العمل ضد الغرب، وهو ما نفته أبو ظبي بشكل قاطع، فهي وإن دعمت سياسات روسيا في المنطقة من سوريا إلى ليبيا، إلا أنها ستتردد في قطع علاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وعلق سبنسر أن الوثائق تكشف عن التحولات الجيوسياسية في العالم العربي، وتراجع الدور الأمريكي، فقد طلبت السعودية من الصين بدلا من واشنطن ضمان اتفاقية مع إيران، وقال ولي العهد السعودي إنه يشعر بالراحة للتعامل مع فلاديمير بوتين أكثر من بايدن.
وبالنسبة للإمارات التي كانت تتباهى بعلاقاتها القوية مع البيت الأبيض، لم تعد ترى حرجا من مغازلة موسكو. ولعل الأكثر استغرابا هو الكشف عن وثاق تخص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يعتمد على السعودية والإمارات ماليا.
وتحصل مصر على مساعدة عسكرية سنوية من الولايات المتحدة، ولكنها كانت تحضّر لإنتاج 40 ألف صاروخ وقذائف مدفعية وبيعها لروسيا، حسبما أوردت “واشنطن بوست”.
ويعتبر هذا الزعم مضرّا؛ لأن الأمر جاء من السيسي وتمت مناقشته مع المسؤولين رغم معرفتهم أنه سيضر بعلاقات مصر مع الغرب. وطلب السيسي من محمد صلاح الدين، وزير التصنيع الحربي، القيام بالمهمة وتجنب “المشاكل مع الغرب”.
ورفض كيربي التعليق على المزاعم، مكتفيا بالقول إنه لن يكشف عن الحوارات الدبلوماسية مع دولة شريكة للولايات المتحدة، وأن أمريكا “لم تر أية إشارات عن إرسال مصر أسلحة لروسيا”.
ويعلق سبنسر أن المؤرخين سيجادلون أن الحوارات الخاصة تكشف عن ازدواجية من كل الأطراف. فالتسريبات وإن مثّلت إحراجا لمن كُشف عن حواراتهم، وللمخابرات الأمريكية أيضا، التي فشلت في الحفاظ على الأسرار.
وقبل 30 عاما، تم الكشف عن مجموعة من الأسرار العسكرية التي أُرسلت لصحيفة أو تم تبادلها في موقف سيارات، إلا أن التسريبات الأخيرة ظهرت عبر طريق غير تقليدي، وعلى منصة ألعاب فيديو أنشئت لمناقشة تكتيكات الألعاب الإلكترونية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس