تحركات يونانية مصرية عاجلة؛ هل يشعل اتفاق التنقيب بين تركيا وليبيا صراع شرق المتوسط مجدداً؟

4
تحركات يونانية مصرية عاجلة؛ هل يشعل اتفاق التنقيب بين تركيا وليبيا صراع شرق المتوسط مجدداً؟
تحركات يونانية مصرية عاجلة؛ هل يشعل اتفاق التنقيب بين تركيا وليبيا صراع شرق المتوسط مجدداً؟

اسماعیل جمال

أفريقيا برس – مصر. استناداً إلى مذكرة التفاهم البحرية الموقعة بين البلدين عام 2019، وقّعت تركيا وليبيا مذكرة تفاهم جديدة تتيح التنقيب المشترك عن النفط والغاز في المناطق التي يشملها اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والذي لاقى رفضاً من أطراف إقليمية مختلفة أبرزها مصر واليونان، وهو ما يهدد مجدداً بإشعال صراع شرق المتوسط الذي تصاعد آنذاك وكاد أن يتحول إلى نزاع عسكري خطير بين هذه الأطراف.

وبموجب الاتفاق الجديد، سوف تتعاون الشركات التركية مع الجانب الليبي في التنقيب بالمناطق الاقتصادية التابعة لليبيا بموجب اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين، وهو ما يمكن أن يقود لخلافات مع اليونان بدرجة أساسية، ومصر بدرجة أقل، حيث جدد البلدان رفضهما للاتفاق، فيما تعتبر اليونان أن المناطق التي يشملها الاتفاق تنتهك مياهها الإقليمية، وهو ما قد يعيد إلى الأذهان سيناريو الاحتكاكات البحرية بين الجيشين التركي واليوناني في شرق البحر المتوسط.

وعقب توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا عام 2019، وقّعت مصر واليونان اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية يتعارض مع مناطق الاتفاق التركي الليبي، وبالتالي فإنه وفي حال بدأت تركيا بالفعل التنقيب في المناطق المتنازع عليها، هناك خشية حقيقية من حصول صدام كبير مع اليونان بدرجة أساسية.

وبينما تسعى تركيا إلى إعادة تطبيع العلاقات مع مصر، يخشى أن يؤدي تصاعد الخلافات حول المياه الإقليمية في شرق المتوسط إلى تفجر أزمة جديدة بين البلدين، وذلك على الرغم من أن أنقرة تقول إن الاتفاق بينها وبين ليبيا يمنح مصر مساحات بحرية واسعة خسرتها بموجب اتفاق القاهرة مع أثينا، بجانب الخشية من تصاعد الخلافات مع الاتحاد الأوروبي الذي أعلن رفضه الاتفاق الأخير بين أنقرة وطرابلس.

إلا أن الخشية الأساسية تتمثل في تصاعد الاحتكاكات البحرية بين الجيشين التركي واليوناني، في وقت تمر العلاقات بين البلدين بأسوأ مراحلها بسبب الخلافات المتصاعدة حول المياه الإقليمية وتسليح جزر بحر إيجه وملف اللاجئين، وسط مخاوف متصاعدة من حصول نزاع عسكري بين البلدين.

والإثنين، وقّعت وزارتا الخارجية الليبية والتركية في طرابلس اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية، عقب مرور ثلاث سنوات على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية المثير للجدل والذي أثار حفيظة الاتحاد الأوروبي حينها. وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، توقيع “مذكرة تفاهم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية وعلى الأراضي الليبية، من قبل شركات تركية- ليبية مشتركة”.

ورداً على سؤال حول مخاوف أعربت عنها دول أخرى من هذه الاتفاقية، قال الوزير التركي إن “هذه المذكرات هي مسألة بين دولتين تتمتعان بالسيادة، وهي مكسب للطرفين وليس للدول الأخرى الحقّ في التدخل في هذه الأمور”. من جهتها، رحّبت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بهذا الاتفاق “المهم”.

وأوضح بيان للحكومة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أن مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا، تهدف لتطوير مشاريع استكشاف وإنتاج ونقل وتجارة النفط والغاز الطبيعي. وكتب المتحدث باسم الحكومة محمد حمودة عبر فيسبوك: “مذكرة التفاهم تهدف إلى تطوير المشاريع المتعلقة باستكشاف وإنتاج ونقل والتجارة بالنفط والغاز وفق الإجراءات والقوانين المتبعة في ليبيا وتنص على تعزيز التعاون بين البلدين في الجانب العملي والفني والتقني والقانوني والتجاري بمجال الهيدروكربونات (النفط والغاز) وتبادل الخبرات والتدريب وضمان المصالح المشتركة والجدوى من عمليات الاستكشاف والتطوير وزيادة الإنتاج للبلدين”.

في المقابل، رفض عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب ومقرّه شرق ليبيا، الاتفاقية المبرمة بين أنقرة وطرابلس. وقال في بيان إن “أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم، مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مرفوضة وغير قانونية”، معتبراً أن أي مذكرة تبرم “يجب أن تتمّ عبر رئيس الدولة أو البرلمان، أو عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان، ممثلة في حكومة فتحي باشاغا” التي رفضت بدورها أيضاً الاتفاقية.

إقليمياً، شدّد وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديدنياس في تغريدة، على أنه ونظيره المصري سامح شكري يعتبران “حكومة طرابلس فاقدة للشرعية التي تخوّلها توقيع اتفاق كهذا”، وأعلن أنه سيتوجّه إلى القاهرة الأحد لإجراء “مشاورات” حول هذا الملف.

وقالت وزارة الخارجية اليونانية إن لبلادها حقوقا سيادية في المنطقة تنوي الدفاع عنها “بكل الوسائل القانونية مع الاحترام الكامل للقانون الدولي للبحار”، وأشارت إلى اتفاق في عام 2020 بين أثينا ومصر يحدد منطقتيهما الاقتصاديتين الخالصتين في شرق البحر المتوسط​​. وقال دبلوماسيون يونانيون إن هذا الاتفاق ألغى فعليا اتفاق 2019 بين تركيا وليبيا. وقالت وزارة الخارجية اليونانية في بيان: “أي إشارة أو تحرك لتطبيق المذكرة المذكورة، سيكون بحكم الواقع، غير شرعي، واعتمادا على حجمه، سيكون هناك رد فعل على المستوى الثنائي وفي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”.

ورداً على الانتقادات الدولية، أكد الناطق باسم وزارة الخارجية التركية طانجو بيلغيتش، “عدم أهمية التصريحات الصادرة من اليونان والاتحاد الأوروبي بحق مذكرة التفاهم في مجال الموارد الهيدروكربونية بين تركيا وليبيا، بالنسبة لأنقرة”، معتبراً أن “الاعتراض على هذا الاتفاق المبرم بين دولتين تتمتعان بالسيادة، يتعارض مع القانون الدولي والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة”.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية: “جهود اليونان التي تحاول اغتصاب الحقوق المشروعة لتركيا وليبيا أيضا من خلال المطالبة بمناطق بحرية مرخصة، لن تسفر عن أي نتائج”، مضيفاً: “دعم الاتحاد الأوروبي للمطالب المتطرفة لليونان وموقفه الذي يتجنب الحوار الصادق ويعيق سبل اللجوء إلى القضاء الدولي، يتعارض مع قوانينه الخاصة والقانون الدولي”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here