تعديل قانون التعليم.. إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص وإلغاء المجانية

1
تعديل قانون التعليم.. إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص وإلغاء المجانية
تعديل قانون التعليم.. إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص وإلغاء المجانية

أفريقيا برس – مصر. يتأهب مجلس النواب المصري لمناقشة تعديل مقدم من الحكومة على قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، يقضي بتطبيق نظام جديد لشهادة الثانوية العامة اعتباراً من العام الدراسي المقبل (2025-2026)، على التلاميذ الملتحقين بالصف الأول الثانوي، يُعرف باسم “شهادة البكالوريا المصرية”.

وقالت النائبة جيهان بيومي، عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب، إن اللجنة تعتزم عقد جلسات للحوار المجتمعي حول نظام البكالوريا الجديد باعتباره بديلاً للثانوية العامة، بمجرد إرسال تعديل القانون من الحكومة للبرلمان، تستمع خلالها إلى آراء مجموعة من المتخصصين في مجال التعليم من الأكاديميين والخبراء.

وأضافت بيومي أن نظام البكالوريا يعكس توجه الدولة إزاء تغيير منظومة التعليم ما قبل الجامعي، من خلال تعديل المناهج الدراسية بما يتناسب مع قدرات التلاميذ، وتأهيلهم إلى المرحلة الجامعية، والالتحاق بالتخصصات التكنولوجية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات وتطوير البرمجيات.

وأقرت بيومي بأن أولياء الأمور في مصر لديهم تخوفات مشروعة من أي نظام تعليمي جديد، بسبب معاناتهم من التجارب السابقة لتعديل نظام الثانوية العامة، مستدركة أن النظام الجديد يهدف إلى الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، التي تستقطع مليارات الجنيهات سنوياً من أموال المصريين.

وأكملت أن مجلس النواب يملك الحق في تعديل بعض بنود نظام البكالوريا المقترح من وزارة التربية والتعليم، استجابة لرؤى الخبراء والمتخصصين، أو مطالب أولياء الأمور، بوصفهم يعبّرون بصورة أكبر عن مصالح ذويهم، مع إمكانية إعادة النظر في رسوم دخول الامتحان للمرة الثانية، المحددة بقيمة 500 جنيه (نحو 10 دولارات) لكل امتحان، وفق النظام الجديد.

وفي 21 مايو/أيار الماضي، وافق مجلس الوزراء على تعديل بعض أحكام قانون التعليم بغرض “تحديث منظومة التعليم قبل الجامعي بمساراتها المختلفة، وتطوير مخرجاتها تكريساً لمسارات التعليم التكنولوجي والتقني وتكنولوجيا الأعمال، ومواكبة الآفاق المستقبلية لها لدعم المجالات الاقتصادية والخدمية، وربط مسارات التعليم بمتطلبات سوق العمل محلياً وعالمياً”.

ونصّ التعديل على تحديث مسار التعليم الثانوي المهني، بهدف توفير مسارات تعليمية متنوعة تلبي احتياجات سوق العمل، وتسهم في تأهيل كوادر فنية مدربة، إلى جانب تطوير التعليم الفني، والتركيز على تعزيز الشراكة مع قطاع الصناعة ومؤسسات الأعمال لضمان مواءمة المخرجات التعليمية مع المتطلبات الفعلية لسوق العمل، وتوفير فرص التدريب والتوظيف للخريجين.

كذلك، نص على مد خدمة أعضاء هيئة التعليم الذين يبلغون سن التقاعد في أثناء العام الدراسي حتى نهاية العام، ضماناً لاستقرار العملية التعليمية وعدم تأثر التلاميذ، وتحديد مدة الدراسة في التعليم قبل الجامعى بـ12 عاماً للتعليم الإلزامي، منها 6 سنوات للمرحلة الابتدائية، و3 سنوات للمرحلة الإعدادية، و3 سنوات للتعليم الثانوي العام أو الفني والتقني (التكنولوجي).

وقال النائب حسانين توفيق، عضو لجنة التعليم والاتصالات بمجلس الشيوخ، إن قرار وزارة التربية والتعليم الإبقاء على نظام الثانوية العامة مع بدء تطبيق نظام البكالوريا، ومنح التلاميذ الحق في الاختيار بين النظامين، قضى على شبهة عدم الدستورية التي لاحقت قانون التعليم منذ إعلان تعديله، على أساس أن فرض رسوم مالية لدخول الامتحان يتعارض مع مجانية التعليم المكفولة دستورياً.

وتنص المادة الـ19 من الدستور المصري على أن “التعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية، أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية. وتلتزم الدولة تخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية”.

وأضاف توفيق أن تطبيق النظامين معاً لفترة انتقالية سيمكن أولياء الأمور من التعرف إلى سلبيات نظام البكالوريا، ومدى إقبال التلاميذ عليه، وبالتالي الاستقرار على استمراره من عدمه بعد انتهاء هذه الفترة، إلا أن ذلك يتطلب من الوزارة الكشف بشفافية عن كل جوانب النظام الجديد، حتى يتسنى للتلميذ الاختيار ما بين النظامين.

وفي 19 إبريل/نيسان 2021، رفض مجلس الشيوخ مشروعاً مقدماً من الحكومة بتعديل قانون التعليم، كان يهدف إلى عودة “التحسين” في شهادة الثانوية العامة، وتحويلها إلى نظام السنوات الثلاث بدلاً من سنة واحدة، لكونه سيزيد من معدلات الدروس الخصوصية، والأعباء النفسية والمالية الواقعة على التلاميذ وأسرهم.

وبدلاً من نظام الشعبتين، الأدبية والعلمية (علوم/رياضة) المعمول به حالياً في الثانوية المصرية، تتضمن شهادة البكالوريا أربعة تخصصات، هي: الطب وعلوم الحياة، والهندسة وعلوم الحاسب، والآداب والفنون، والأعمال. ولكل تخصص منها مسار يشمل الكليات التي يتأهل التلاميذ للالتحاق بها في المرحلة الجامعية.

وفي التفاصيل، تتكون شهادة البكالوريا من مرحلتين: الأولى تمهيدية ممثلة بالصف الأول الثانوي، وتشمل عدداً من المواد الأساسية المضافة إلى المجموع الكلي، وهي التربية الدينية، واللغة العربية، والتاريخ المصري، والرياضيات، والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق، واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مادتين خارج المجموع، هما اللغة الأجنبية الثانية، والبرمجة وعلوم الحاسب.

أما المرحلة الثانية (الرئيسية) فتشمل الصفين الثاني والثالث الثانوي، وتتضمن في الصف الثاني المواد الأساسية في جميع التخصصات، وهي اللغة العربية، والتاريخ المصري، واللغة الأجنبية الأولى، فضلاً عن المواد التخصصية التي يختار منها التلميذ مادة واحدة، وهي الطب وعلوم الحياة (الرياضيات – الفيزياء)، والهندسة وعلوم الحساب (الرياضيات مستوى رفيع – الفيزياء مستوى رفيع)، والأعمال (الاقتصاد مستوى رفيع – الرياضيات)، والآداب والفنون (جغرافيا مستوى رفيع – إحصاء).

وتتضمن المواد الأساسية للصف الثالث الثانوي لجميع التخصصات مادة التربية الدينية، والمواد التخصصية: الطب وعلوم الحياة (الأحياء مستوى رفيع – الكيمياء مستوى رفيع)، والهندسة وعلوم الحساب (الرياضيات مستوى رفيع – الفيزياء مستوى رفيع)، والأعمال (الاقتصاد مستوى رفيع – الرياضيات)، والآداب والفنون (جغرافيا مستوى رفيع – إحصاء).

ويرى خبراء أن إتاحة امتحانات الثانوية العامة للتلاميذ بفرصتين في كل عام دراسي، خلال شهري مايو/أيار ويوليو/تموز لمواد الصف الثاني الثانوي، ويونيو/حزيران وأغسطس/آب لمواد الصف الثالث، يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم، إذ يمتلك التلميذ القادر مادياً الفرصة لتحسين درجته بدخول الامتحان أكثر من مرة، مقابل فرصة وحيدة مجانية لأبناء الطبقة الدنيا في المجتمع.

ويبلغ عدد التلاميذ المتقدمين لامتحانات شهادة الثانوية العامة للعام الدراسي (2024-2025) نحو 813 ألفاً و875 تلميذاً، موزعين على لجان 27 محافظة. وتُجرى الامتحانات في الفترة من 15 يونيو/حزيران الحالي حتى 10 يوليو/تموز، بنسبة 85% لأسئلة الاختيار من متعدد، و15% للأسئلة المقالية، في كل مادة.

وذكر وزير التعليم محمد عبد اللطيف، في تصريحات مع مندوبي الصحف بالوزارة قبل يومين، أن نظام البكالوريا يستهدف القضاء على “بعبع الثانوية العامة”، وتخفيف العبء عن كاهل الأسرة المصرية، من خلال تمكين التلاميذ من اختيار المسار التعليمي الذي يتناسب مع ميولهم وقدراتهم، وتوفير فرص تقييم متعددة، بدلاً من الاعتماد على امتحان نهائي واحد يحدد مصير التلميذ.

وادعى عبد اللطيف أن المقترح البديل للثانوية العامة “خضع لحوار مجتمعي موسع مع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية، من ممثلي الحكومة والجامعات إلى المعلمين وأولياء الأمور، فضلاً عن إجراء استبيان لأولياء تلاميذ الصف الثالث الإعدادي حول المقترح، حيث حاز نسبة تأييد بلغت 88%، مقابل رفض 12% فقط من أولياء الأمور”، على حد قوله.

وأثار اختيار عبد اللطيف وزيراً للتعليم، في يوليو/تموز من العام الماضي، حالة من الغضب بين قطاعات واسعة من المصريين، لأنه قادم من قلب القطاع الخاص في مجال التعليم، بما يكشف عن توجهات الحكومة نحو خصخصة هذا القطاع المهم، وإلغاء ما يعرف بـ”مجانية التعليم” المنصوص عليها في الدستور بصورة تدريجية.

وتولى عبد اللطيف منصب المدير التنفيذي لمدارس والدته نرمين إسماعيل، المالكة لسلسلة معروفة من المدارس الخاصة تحت اسم (NIS) و(مصر 2000)، وهي أول مدارس إنترناشونال (دولية) افتتحت فروعاً في العاصمة الإدارية الجديدة. كذلك شغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة “أدفانس تكنولوجي” التي تدير مجموعة من كبريات المدارس الخاصة في مصر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here