تفاقم الانتهاكات في سجن بدر 3 ونقل مضربين إلى المستشفى

1
تفاقم الانتهاكات في سجن بدر 3 ونقل مضربين إلى المستشفى
تفاقم الانتهاكات في سجن بدر 3 ونقل مضربين إلى المستشفى

أفريقيا برس – مصر. في ظلّ إضراب عن الطعام يخوضه عشرات السجناء السياسيين، من بينهم شخصيات بارزة، تتصاعد التقارير الواردة من سجن بدر 3 في مصر عن تدهور الأوضاع الإنسانية والانتهاكات. تشير منظمات حقوقية إلى محاولات متعمدة للتعتيم على الأوضاع داخل السجن، وسط دعوات إلى تدخل دولي عاجل للتحقيق في هذه المزاعم.

ولطالما كان مجمع سجون بدر، الذي افتتحته السلطات المصرية عام 2022، محط انتقاد المنظمات الحقوقية المحلية والدولية. فمنذ افتتاحه، توالت التقارير التي تتحدث عن ظروف احتجاز قاسية تتنافى مع المعايير الدولية، بما في ذلك حرمان الرعاية الصحية الكافية، ومنع الزيارات العائلية، والعزل الانفرادي المطول، وسوء المعاملة. وقد أشارت عدة تقارير حديثة، صادرة عن منظمات مثل “الشهاب لحقوق الإنسان” و”كوميتي فور جستس”، إلى أن سجن بدر 3 على وجه الخصوص قد شهد تفاقماً ملحوظاً لهذه الانتهاكات في الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى تدهور الحالة الصحية والنفسية للعديد من المعتقلين، ودفعهم إلى الإضراب عن الطعام وسيلةً أخيرةً للمقاومة.

وفي أحدث تطور يتعلق بالإضراب عن الطعام الذي بدأه سجناء في سجن بدر 3، أفاد بيان صادر اليوم الخميس عن مركز الشهاب لحقوق الإنسان، بتصاعد وتيرة الانتهاكات وتفاقم الأوضاع الصحية بين المعتقلين. وفي محاولة لإحكام العزل التام على هؤلاء المضربين ومنع تسرب أخبار إضرابهم، نقلت إدارة السجن عدداً من المستلزمات الطبية من مستشفى السجن إلى داخل قطاع 2، بهدف التعامل مع حالات الإغماء داخلياً من دون نقلها إلى المستشفى الرئيسي، وهو ما يمنع باقي المعتقلين من رؤيتهم.

ووفقاً لمعطيات مركز الشهاب، فقد ارتفع العدد الإجمالي للمضربين عن الطعام إلى 35 معتقلاً من أصل 58 في هذا القطاع، ومن بينهم وزير الشباب الأسبق الدكتور أسامة ياسين. وتثير أعمار العديد من المضربين (نسبة كبيرة منهم تتجاوز 65 عاماً) قلقاً بالغاً بشأن سلامتهم. ونُقلَت شخصيتان بارزتان إلى المركز الطبي في مجمع سجون بدر نتيجة مضاعفات صحية خطيرة من جراء الإضراب: البرلماني الأسبق محمد البلتاجي وأحمد عارف، طبيب الأسنان والمتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين.

وفي حادث منفصل، نُقل محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين، إلى المركز الطبي بعد تعرضه لأزمة قلبية، على الرغم من أنه ليس من ضمن المضربين عن الطعام. كذلك تكررت محاولة الانتحار من قبل المعتقل أحمد شريف بسبب استمرار منعه من الزيارة، ورفض إدارة السجن إثبات حالته الصحية رسمياً، ما يسلط الضوء على الضغوط النفسية الهائلة التي يتعرض لها السجناء.

وفي مؤشر على تصاعد التوتر، أعلن سجناء سياسيون في قطاعات أخرى بالسجن تضامنهم مع سجناء قطاع 2، مهددين بالتصعيد والانضمام إلى الإضراب ما لم تستجب إدارة السجن للمطالب المشروعة بفتح الزيارات وتمكينهم من حقهم في التريض (الفسحة). وتشير التقارير إلى أن ضباط أمن الدولة، بالتنسيق مع رئيس المباحث ومأمور السجن، يمارسون ضغوطاً كبيرة على بعض المعتقلين لوقف الإضراب من دون تقديم أي استجابة فعلية لمطالبهم.

وحمّل مركز الشهاب لحقوق الإنسان إدارة سجن بدر 3 ووزارة الداخلية المصرية المسؤولية الكاملة عن سلامة المعتقلين، مجدداً مطالبته بتمكينهم من حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها الزيارة والرعاية الصحية.

من جهته، أكد أحمد مفرح، مدير لجنة العدالة “كوميتي فور جستس”، ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوقف الانتهاكات في سجن بدر 3. واقترح مفرح تشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة تضم منظمات مستقلة وتتمتع بحق الزيارة المفاجئة ومقابلة السجناء من دون رقابة. كذلك دعا إلى تدخل عاجل من آليات الأمم المتحدة، ولا سيما المقرر الخاص بالتعذيب، والضغط على النائب العام لفتح تحقيق فوري في محاولات الانتحار داخل السجن.

وطالب مفرح بإقالة إدارة السجن مؤقتاً لحين انتهاء التحقيقات، والإفراج الفوري عن الحالات الحرجة من المرضى والمضربين والذين حاولوا الانتحار. وعلى المدى الأبعد، رأى مفرح أن الحل الجذري يتجاوز مجرد زيارات شكلية، مؤكداً ضرورة تعديل قوانين السجون والإجراءات الجنائية لتتماشى مع المعايير الدولية، وتفعيل رقابة قضائية حقيقية على أماكن الاحتجاز، وإنشاء آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب. وشدد أيضاً على أهمية السماح بزيارات مستقلة من منظمات المجتمع المدني والإفراج عن معتقلي الرأي، ومعالجة جذور الأزمة بشكل شامل. واختتم مفرح تصريحاته بالقول إن هذه الإجراءات يجب أن تحصل في إطار ضغط دولي مستمر، مشدداً على أنه “من دون رقابة حقيقية ومحاسبة، ستستمر الانتهاكات، حتى لو تغير اسم السجن أو شكل الزنازين”.

الخبير الاقتصادي عبد الله شحاتة يحاول الانتحار في محبسه

وفي سياق متصل، أفادت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بمحاولة انتحار مساعد وزير المالية السابق عبد الله شحاتة خطال، داخل سجن بدر 3 بالقاهرة في 4 يوليو/ تموز، بسبب ما وصفته بانتهاكات جسيمة شملت العزل، حرمان الزيارة والعلاج، وسوء المعاملة. شحاتة، البالغ من العمر 53 عاماً، معتقل منذ 2014 على خلفية قضايا سياسية، ويقضي حكماً بالمؤبد. وطالبت الشبكة بتحقيق مستقل، وتمكينه من التواصل مع أسرته ومحاميه، ونقله لتلقي العلاج، محذّرة من تصاعد محاولات الانتحار داخل السجن، في ظل أوضاع قالت إنها ترقى إلى “التدمير النفسي الممنهج”.

ودعت الشبكة إلى فتح السجون المصرية أمام الرقابة الحقوقية والقضائية، ولا سيما سجون بدر 3 والعقرب ووادي النطرون، بهدف الوقوف على أوضاع المعتقلين فيها، مؤكدة أن حالة شحاتة حلقة في سلسلة طويلة من الانتهاكات الممنهجة التي تطاول آلاف المعتقلين السياسيين في مصر، وتسعى لكسر إرادتهم، وتحطيمهم نفسياً وجسدياً، عبر أدوات قمعية ممنهجة، في ظل غياب كامل للمحاسبة أو الشفافية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here