تقرير حقوقي يرصد فاعلية الرقابة في “القاهرة الدولي للكتاب”.. منعُ كتب وكتّاب ودور نشر ورفض مشاركة “حكومة الدبيبة”

13
تقرير حقوقي يرصد فاعلية الرقابة في “القاهرة الدولي للكتاب”.. منعُ كتب وكتّاب ودور نشر ورفض مشاركة “حكومة الدبيبة”
تقرير حقوقي يرصد فاعلية الرقابة في “القاهرة الدولي للكتاب”.. منعُ كتب وكتّاب ودور نشر ورفض مشاركة “حكومة الدبيبة”

تامر هنداوي

أفريقيا برس – مصر. شهدت الدورة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب انتهاكات تنوّعت بين منع دور نشر من المشاركة، وإنزال كتب عن الرفوف، أو حرمان أخرى من أرقام القيد، ما يمنعها من دخول المعرض والوصول إلى القراء، بحسب مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة حقوقية مستقلة).

وقالت المنظمة الحقوقية، في تقرير حملَ عنوان: “الممنوع في معرض القاهرة الدولي للكتاب”، إن بعض دور النشر لم تشارك في نسخة معرض الكتاب الـ54، خلال الفترة من 25 يناير/ كانون الثاني وحتى 6 فبراير/ شباط الماضيين.

وبيّنَ التقرير أن بعض دور النشر لم يبدِ أسباباً لعدم المشاركة، بينما أرجعت دور أخرى عدم مشاركتها إلى عراقيل اقتصادية، وإلى أن صناعة النشر عمومًا في مصر تعاني أعباءً إضافية، في ظل انخفاض سعر صرف الجنيه، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الورق وازدياد تكلفة الطباعة.

كتاب “تاريخ الحركة الصهيونية”

بخلاف العثرات المالية، لفت التقرير إلى تدخّل جهات أمنية في منع ورفع كتب، مثلما حدث مع كتاب «تاريخ الحركة الصهيونية وتنظيماتها» لمؤلفه محمد مدحت مصطفى، والصادر عن دار “المنتدى”، التي أرجعت، في بيان لها، سبب الرفع إلى أن «جهات أمنية طالبت برفع الكتاب، دون أن تتلقى إخطارًا رسميًا بالمنع»، وأكدت أنها «تعرضت لمضايقات أمنية خلقت أجواءً غير مريحة»، قبل أن يعود الكتاب بعد أيام لأرفف المعرض مرة أخرى «دون معرفة حقيقة ما جرى».

ووصف سيد صابر، مدير النشر في دار المنتدى، في شهادته، ما حدث بمضايقات أمنية دفعت الدار إلى رفع الكتاب من المعرض. وبعد عدة أيام أعلن مؤلف الكتاب مرة أخرى على صفحته عن عودة الكتاب للعرض في جناح الدار بالمعرض دون معرفة حقيقة ما جرى بالضبط، وكان مصطفى قد وجّه الشكر على صفحته الشخصية في “فيسبوك” إلى “من تضامنوا مع حرية التعبير حتى عودة الكتاب”، في إشارة إلى أنّ عودته إلى أرفف جناح الدار بالمعرض جاءت بفضل حالة التضامن على مواقع التواصل الاجتماعي.

ترويض الاستبداد

وأضاف التقرير: في نفس السياق وتحت عنوان: “فرحة لم تكتمل” علَّق الكاتب السياسي أنور الهواري على منع كتابيه “ترويض الاستبداد” و”الديكتاتورية الجديدة” من العرض خلال معرض الكتاب، فبعدما كانا موجودين في معرض القاهرة للكتاب في نسخته الـ54، والذي اعتبره “مؤشرًا طيبًا على قدرٍ من التسامح تبديه السلطة الحاكمة تجاه الرأي المختلف”، كون الكتابين يحملان نقدًا صريحًا للسلطة، إلا أن فرحته لم تكتمل. بحسب تعليق الهواري تم إنزال الكتابين عن الأرفف بقرار من جهة غير معلومة، لا سند له من القانون، فانتقلت الكتب من الأرفف المفتوحة إلى الكراتين المغلقة.

وتابع التقرير: رغم اتخاذ الكتابين دورهما في الإجراءات المعتادة لصدور أيِّ كتاب وعرضه بالمعرض، من مراجعة، ليحصلا على رقمي إيداع بعد إرسال دار النشر كل التفاصيل، لم يُمنع خلال هذه الخطوات، إلا أن أحد المعلقين بالدار قال: “ربما هناك شخص ما لم يعجبه الكتاب من إحدى الجهات الأمنية، وأن يكون متصدرًا ضمن كتب الدار، فطلب من صاحبها حمل الكتب من الأرفف إلى الكراتين مرة أخرى وعدم عرضها، لافتًا إلى أن هذا الطلب لم يأتِ بشكل رسمي”، مضيفًا أن الكُتب ظلت موجودة في المكتبات ودور النشر لمن يسأل عنها، ولكن لا تُعرض ضمن باقي الكُتب، مثلما حدث مع دار المنتدى.

42 شارع القصر العيني

“42 شارع القصر العيني” كتاب آخر مُنع في معرض الكتاب، بحسب التقرير، الذي نقل عن الدكتور خالد عبد الرحمن، أحد أعضاء حركة “أطباء بلا حقوق” سابقًا، قوله: بعدما اتفقنا مع الناشر، وانتهينا من الكتابة، وأصبح الأمر متوقفاً على رقم الإيداع ودخول المطبعة، إلا أن الناشر أبلغني منع الكتاب من الحصول على رقم إيداع دون إبداء أسباب من الرقابة، وهو ما كنا نتحسب حدوثه”، مرجحًا أن يكون سبب الأوامر برفع الكتاب عن الأرفف هو موضوع الكتاب، أو اسم الكاتب، والذي ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات تحمل معارضة، له نشاط معارض على السوشيال ميديا”، ويعد منح رقم للإيداع إجراءً اعتياديًّا يصاحب إصدار أي كتاب جديد، حيث إن دار الكتب هي المسؤولة عن منح تراخيص الكتب من خلال ما يعرف بأرقام الإيداع.

ويتناول الكتاب، نشأة نقابة الأطباء المصرية وتطورها وطريقة تفاعلها مع أنظمة الحكم المختلفة، بداية من الملكية مرورًا بعصر الرئيس جمال عبد الناصر، ثم الرئيس أنور السادات، وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى مجلس النقابة، فضلًا عن نشأة حركة أطباء بلا حقوق، ثم ثورة يناير، والأثر السياسي في النقابة، ومن ثم تراجع دور النقابة بعد 30 يونيو/ حزيران 2013 ومحاولات إعادة إحيائها، ونشأة رابطة العاملين بالصحة.

كما يتحدث الكتاب عن إضراب الأطباء في أعوام 2011 و2012 و2014، وينتهي بأحداث الجمعية العمومية الحاشدة لنقابة الأطباء والتي عرفت بـ”يوم الكرامة” في 2016، التي انتهت قراراتها إلى لا شيء، ما أدى إلى فقدان الأطباء الأمل في الخلاص الجماعي، وسيادة منطق الخلاص الفردي فارتفعت معدلات استقالة الأطباء من وزارة الصحة والهجرة إلى الخارج بداية من هذا العام.

الهوميثولوجيا: جدل الهوية والأسطورة

لم تكتفِ السلطات المصرية بمنع الكتب الصادرة عن دور نشر مصرية، أو عن كتّاب مصريين –بحسب التقرير- بل تخطّته إلى منع كتب غير مصرية، تتعلق برؤى مختلفة عن رؤية مصر في أمور عدة. وكشفَ الكاتب السوداني إيهاب عدلان، في شهادته للمؤسسة، عن أنه تمت مصادرة كتابه “الهوميثولوجيا: جدل الهوية والأسطورة” من معرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته الـ54، في اليوم الثاني للمعرض، وقال إن السبب الذي تم إخباره به هو نسبة الكاتب الحضارة المصرية إلى السودان، واعتبار المصريين الحاليين بقايا احتلال استمر إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وأن السودان أصل الحضارة والبشرية.

ولفت التقرير إلى أن الجهات الأمنية، أو الأزمات المالية، ليست وحدها السبب في منع كُتّاب ودور نشر من المشاركة، بل الخلافات السياسية أيضًا، إذ وصلت أجواء النزاع على الشرعية بين الحكومتين المتنافستين في ليبيا، إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب، فقد كشف رئيس اتحاد الناشرين الليبيين، علي عوين، في بيان، حقيقة ما تردد عن وقف مشاركة ليبيا في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وبحسب البيان: “قرار المنع صدرَ من وزارة الخارجية المصرية، بعد تقديم وزارة الثقافة في الحكومة الموازية طلبَ المشاركة، بدلًا من وزارة الثقافة بحكومة الوحدة الوطنية”.

لكن مسؤولين في وزارة الثقافة التابعة لحكومة الدبيبة، قالوا، في المقابل، إن مراسلة وزارة الثقافة في حكومة الاستقرار (الغريمة)، برئاسة فتحي باشاغا، طلبت منع مشاركة حكومة الدبيبة في هذا الحدث الثقافي.

وبحسب تصريحات علي عوين، فقد أصدرت وزارة الخارجية المصرية قرارًا بمنع مشاركة حكومتي الدبيبة التي تمارس عملها من العاصمة طرابلس، وحكومة الاستقرار الموازية برئاسة فتحي باشاغا، والتي تعمل من وسط البلاد وشرقها، بعدما تعذّر عليها دخول العاصمة طرابلس منذ العام الماضي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here