أفريقيا برس – مصر. وافقت لجنة الشؤون التشريعية في مجلس النواب المصري بصفة نهائية على مشروع تعديل قوانين الانتخابات المقدم من رئيس هيئة حزب مستقبل وطن الحائز على أغلبية، عبد الهادي القصبي، وأكثر من 60 نائباً، وسط تأييد جميع ممثلي الحكومة الذين حضروا اجتماع اللجنة. وقال وزير الشؤون النيابية محمود فوزي، في بيان أمام البرلمان، أمس الخميس، إنّ الحكومة توافق على مشروع القانون كما جاء إلى اللجنة، ولن تتقدم بتعديلات على مواده، فيما أعلن الأمين العام لمجلس النواب، أحمد مناع، تلقيه رداً من المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد بنداري، يفيد بموافقة مجلس إدارة الهيئة “بإجماع الآراء” على المشروع.
وقال فوزي إنه “بمجرد الإعلان عن مشروع تعديل قوانين الانتخابات تواصل مع رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، وتمت التوافق عليه”. وأضاف: “تقسيم الدوائر الانتخابية اعتمد على حسابات ومعلومة إحصائية، وراعى تحديث المكونات الإدارية للدوائر، مع الإبقاء على عدد المقاعد كما هو. وأتوجه بخالص الشكر إلى الأغلبية البرلمانية التي تقدمت بمشروع القانون”.
ومنذ انتخاب مجلس النواب أواخر عام 2015، جرت العادة أن يتقدم حزب أو ائتلاف الأغلبية بمشاريع القوانين المرتبطة بالانتخابات، أو التي قد تثير جدلاً لدى الرأي العام، حتى لا تتهم الحكومة بأنها وراء إعدادها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، مشروع تعديل الدستور عام 2019، وقوانين الإجراءات الجنائية والسلطة القضائية والجمعيات الأهلية وتقسيم الدوائر الانتخابية، مع العلم أن تلك المشاريع تمرر إلى النواب من وزارتي العدل والشؤون النيابية، بعد مراجعتها جيداً من الدائرة القانونية لمؤسسة الرئاسة، بحسب مصادر نيابية مطلعة.
من جهته، قال القصبي إن التعديلات المقدمة على قوانين الانتخابات راعت البعد الجغرافي والسكاني للمحافظات، مستندة في ذلك إلى إحصائيات جهاز التعبئة والإحصاء الحكومي، وهيئة الانتخابات، والتي أظهرت زيادة ملحوظة في السكان بلغت سبعة ملايين و428 ألفاً و756 نسمة، مقارنة بالتعداد الذي أجريت على أساسه انتخابات مجلس النواب عام 2020. وزادت قاعدة بيانات الناخبين بواقع ستة ملايين و232 ألفاً و43 ناخباً، وفقاً لحديث القصبي أمام اللجنة، والذي أشار إلى إعادة توزيع المقاعد المخصصة لنظام القوائم المغلقة المطلقة، وعددها أربع دوائر على مستوى الجمهورية، بحيث يخصص لدائرتين منها 80 مقعداً بدلاً من 84 في التقسيم السابق، و204 مقاعد للدائرتين الأخريين بدلاً من 200 مقعد.
وذكر رئيس اللجنة التشريعية، النائب المعين إبراهيم الهنيدي، أن تقسيم الدوائر الانتخابية من “أدق العمليات التشريعية، وأهمها أثراً في ضبط ميزان التمثيل النيابي، وتحقيق جوهر الإرادة الشعبية”، لافتاً إلى أن التشريعات المقارنة وضعت معايير دقيقة لتقسيم الدوائر، توازن بين اعتبارات التنوع الجغرافي والسكاني والخصائص الاجتماعية، إدراكاً منها بأن الانحراف عن المعايير يفضي إلى اختلال التمثيل النيابي، وتغليب صوت على آخر بما يخل بمبدأ المساواة السياسية. وتابع الهنيدي أن المادة 102 من الدستور أوجبت على المشرع، عند تقسيم دوائر مجلس النواب، مراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات، وبالتالي يجب مراجعة الأوضاع السكانية قبيل كل دورة انتخابية للوقوف على تطورات المشهد الديمغرافي، وضمان استمرار توافق التقسيمات مع معايير العدالة الدستورية.
وزاد قائلاً: “المراجعة الدقيقة أظهرت أن الزيادة السكانية لم تتوزع توزيعاً متماثلاً بين المحافظات، وإنما اختصت بعض المحافظات بنصيب أكبر من المقاعد، ومن ثم يجب التناسب بينها وبين متوسط التمثيل النيابي الوطني، الذي يتغير بدوره تبعاً للزيادة الكلية في أعداد السكان والناخبين”. وأكمل الهنيدي أن وحدات إدارية جديدة استحدثت في تقسيم الدوائر، ولم تكن قائمة في انتخابات عام 2020، مثل أقسام مدينة نصر (ثالث) والعبور (ثان) في محافظة القاهرة، والمنيرة الغربية في الجيزة، وهو ما استوجب إعادة النظر في البنية الإدارية للتقسيمات الانتخابية لاستيعاب المستجدات.
واقترح ممثل حزب التجمع، النائب عاطف مغاوري، إجراء تعديل محدود على الدستور يشمل المادة 102، بدعوى أنه “لا يليق بمصر إعادة تقسيم مقاعد الدوائر مع كل انتخابات نيابية”. واعتبر مغاوري أن المادة “تمثل قيداً في إجراء الانتخابات، وتهدد حالة الاستقرار الحاصلة في كل دائرة انتخابية”.
“الوفد” يرفض مشروع تعديل قوانين الانتخابات
وأعلن ممثل حزب الوفد، النائب محمد عبد العليم داوود، رفضه مشروع القانون الذي قدمته الأغلبية، قائلاً إن “النظام الأفضل للانتخابات في مصر هو الدوائر الفردية، مع إمكانية تمييز بعض الفئات مثل المرأة والمسيحيين والعمال والفلاحين والشباب وذوي الإعاقة والمقيمين في الخارج، من خلال تطبيق نظام القوائم النسبية، والذي أثبت سابقاً أنه يعطي فرصة لتمثيل أكبر عدد من الأحزاب السياسية”. وطالب داوود بخفض مبلغ التأمين الخاص بالترشح في الانتخابات من 30 ألف جنيه إلى 20 ألفاً على أقصى تقدير. وأيده مغاوري مطالباً بالعودة إلى المبلغ المنصوص عليه في القانون الحالي البالغ عشرة آلاف جنيه. (الدولار= 50 جنيهاً تقريباً).
في سياق متصل، وافقت اللجنة التشريعية في مجلس الشيوخ، نهائياً، على مشروع تعديل قانون انتخابات المجلس، الذي أبقى على عدد أعضائه بواقع 300 مقعد، مقسمة إلى 100 مقعد بنظام القوائم المغلقة، و100 للدوائر الفردية، و100 بالتعيين من رئيس الجمهورية.
استبعاد المعارضين
وأصدر الحزب المصري الديمقراطي، الذي يملك عشرة نواب في مجلسي النواب والشيوخ فازوا جميعاً على قوائم حزب مستقبل وطن المدعوم من أجهزة الأمن المصرية، بياناً أعرب فيه عن “قلقه البالغ إزاء الإبقاء على قانون الانتخابات الحالي، المعتمد على مزيج من النظام الفردي والقائمة المغلقة المطلقة، من دون تعديل أو استجابة للمطالب التي عبرت عنها قوى المعارضة في جلسات الحوار الوطني”.
وقال الحزب إن القانون بصيغته الراهنة “لا يعكس الحد الأدنى من معايير التعددية، أو التمثيل الحقيقي لإرادة الناخبين، بل يكرس لاستبعاد الأصوات المعارضة والمستقلة، ويعيد إنتاج برلمان صوري لا يعبر عن تنوع المجتمع المصري، أو يفتح المجال أمام منافسة سياسية حقيقية”. وأضاف: “بدلاً من أن يكون السباق الانتخابي ساحة مفتوحة لاختيارات المواطنين، يجري تفصيل الدوائر الانتخابية على مقاس التوجه الواحد، بما يجعل من العملية الانتخابية شكلاً بلا مضمون، ويفرغها من أي مضمون ديمقراطي”.
“تراجع خطير”
واستطرد الحزب، في بيانه: “لقد شارك حزبنا، إلى جانب باقي أطراف الحركة المدنية الديمقراطية، في الحوار الوطني بدافع الإيمان بإمكانية التغيير السلمي، وتوسيع المجال العام. وكانت قضية قانون الانتخابات في صدارة الملفات التي قدمنا بشأنها مقترحات واضحة تعتمد على نظام القائمة النسبية، بوصفه النظام الأمثل لضمان التمثيل العادل والمتوازن لجميع التيارات السياسية والاجتماعية”. واعتبر الحزب أن “عدم تعديل القانون يفرغ الانتخابات من معناها، ويصادر حق التعددية، ويمثل تراجعاً خطيراً عن أي حديث عن إصلاح سياسي. كما أنه يعمق من مشاعر الإحباط والعزوف لدى قطاعات واسعة من المواطنين، ويغلق الباب أمام أي أفق حقيقي لمشاركة عامة وفعالة”.
وحذر الحزب المصري الديمقراطي من “تداعيات التأميم السياسي، والتضييق على الحريات، وغياب التمثيل الحقيقي، باعتبار ذلك مساراً لا يخدم الاستقرار، بل يهدد بتعميق أزمات الثقة بين أجهزة الدولة والمجتمع، ويدفع نحو مزيد من التوتر والاحتقان”، وفق البيان.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس