أفريقيا برس – مصر. مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في مصر بشقيها “الشيوخ” و”النواب”، المقررة في أواخر العام الحالي، تصاعدت وتيرة الجدل في الأوساط السياسية المصرية بشأن مدى جاهزية الأحزاب، خصوصاً المعارضة، لهذا الاستحقاق، وسط اتهامات بالتقاعس، تقابلها ردود تؤكد أن غياب المشاركة الفعالة ناتج عن قيود مفروضة على العمل السياسي، لا عن ضعف ذاتي في الأداء الحزبي.
سياسيون وحزبيون أكدوا، أن حالة الغياب عن المشهد لا تعود إلى اللامبالاة، بل إلى ما وصفوه بـ”بيئة سياسية خانقة”، لا تزال تعيق أي تحرك جاد. كما لفتوا إلى أن الكثير من الأحزاب لا تزال تنتظر تنفيذ التوصيات التي خرج بها “الحوار الوطني”، وعلى رأسها تعديل النظام الانتخابي القائم على “القائمة المطلقة المغلقة”، إلى نظام “قائمة نسبية مفتوحة” يتيح فرصاً أكثر عدالة وتمثيلاً.
استسهال وتقاعس
في المقابل، كان عضو مجلس الشيوخ عماد الدين حسين، عضو حزب “الجبهة الوطنية”، قد أثار الجدل أخيراً في مقاله بجريدة الشروق بعنوان: “أيها الأحزاب.. سمعتم عن الانتخابات؟”، حين انتقد ما وصفه بصمت الأحزاب السياسية تجاه الاستحقاق الانتخابي المقبل المتمثل في الانتخابات البرلمانية في مصر. واتهم حسين تلك الأحزاب بالتقاعس و”الاستسهال”، معتبراً أن بعضها يكتفي بالادعاء بأن “النتائج محسومة سلفاً” بدون تقديم بدائل، ودعاها إلى إعلان موقفها بوضوح، سواء بالمشاركة أو المقاطعة، بدلاً من الاكتفاء بالمراقبة.
وقال رئيس حزب “الإصلاح والتنمية” محمد أنور السادات، إن الأحزاب الجادة بدأت بالفعل الاستعداد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية في مصر منذ شهور، حتى وإن لم تُعلن ذلك صراحة. وأوضح أن حزبه يعمل على تجهيز كوادر لديها حضور قوي في الدوائر، خصوصاً في النظام الفردي، الذي يعتبره جوهر التنافس الحقيقي.
وأكد السادات أن “الحزب الذي لا يملك تمثيلاً برلمانياً هو حزب بلا فائدة”، مشيراً إلى أن حزبه يشكّل لجنة قانونية داخلية للمشاركة في مناقشات القانون الانتخابي المنتظر تحت قبة البرلمان، بهدف إخراجه في أفضل صورة. وانتقد بعض الأحزاب التي ركّزت أخيراً على “الأنشطة الاحتفالية” مثل موائد الإفطار والسحور، بدلاً من تقديم برامج سياسية حقيقية، معتبراً أن ذلك يُشوّش على صورة الأحزاب الجادة في الشارع.
الانتخابات البرلمانية في مصر… غياب الجهوزية
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن، فرأى أن معظم الأحزاب، سواء المعارضة أو الموالية، ليست جاهزة فعلياً للانتخابات، مشيراً إلى أن بعض الأحزاب قد يُسمح لها بالمشاركة عبر قوائم معدّة مسبقاً، تُوزع فيها المقاعد وفق تفاهمات مسبقة. وأضاف أن “نظام القائمة المغلقة المطلقة” يُقصي القوى ذات الموارد المحدودة، سواء مالياً أو إعلامياً، ولا يمنحها فرصة للمنافسة، بينما من يرفضون المشاركة في القوائم المدعومة من الدولة يجدون أنفسهم مضطرين لخوض المنافسة على المقاعد الفردية، التي ترتبط نتيجتها بعوامل مثل نزاهة الانتخابات وشعبية المرشحين.
من جهته، قال المستشار في مركز الأهرام وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، الدكتور عمرو هاشم ربيع، إن أحزاب الموالاة لا تبذل أي جهد فعلي للتحضير للانتخابات، لأنها تعتمد بالكامل على الانضمام إلى قوائم السلطة. وأضاف أن “حزب الجبهة الوطنية”، الذي يقوده رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، أصبح هو النسخة الجديدة من “حزب الدولة”، بعد تراجع دور “مستقبل وطن”. أما الأحزاب التي تحاول التحالف في ما بينها لتشكيل قوائم مستقلة، فرأى أنها لن تحقق مكاسب تُذكر، باستثناء حالات فردية تعتمد على شعبية المرشح، لا على انتمائه الحزبي. وأكد أن النظام الانتخابي القائم لا يسمح بوجود منافسة حزبية حقيقية.
بدوره، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، إن اختلال توازن السلطات في مصر لصالح السلطة التنفيذية أضعف الأحزاب والبرلمان منذ عقود. وأشار صادق إلى أن النظام الانتخابي نفسه يُضعف أي محاولة للمنافسة، حيث تُخصّص نصف المقاعد لقوائم مغلقة تخضع لتدقيق أمني، بينما النصف الآخر غالباً ما يُفضّل مرشحين موالين أو أصحاب نفوذ مالي. وقال إن انخفاض نسبة المشاركة (29% فقط في 2020)، يُفاقم أزمة الشرعية، ويُقلل فرص المعارضة في الحشد أو التأثير.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس