حميدتي يخطب ود القاهرة

1
حميدتي يخطب ود القاهرة
حميدتي يخطب ود القاهرة

أفريقيا برس – مصر. في أحدث ظهور علني له منذ أسابيع، خرج قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بخطاب أمام عناصره، قبل أيام، وصف فيه حرب قواته ضد الجيش السوداني المستمرة منذ أكثر من عامين، بأنها “حرب دفاع عن النفس”. لكن اللافت في خطابه كان تشديده على “احترام حدود الجيران”، مقراً بوجود مشاكل مع مصر يجب حلها بـ”الحوار”. جاءت تصريحات حميدتي بعد أشهر من فتور العلاقة مع القاهرة، التي دعمت منذ بداية الحرب، في 15 إبريل/ نيسان 2023، الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، ورفضت أي محاولات لوضع قوات الدعم السريع على قدم المساواة مع المؤسسة العسكرية الرسمية. لكن توقيت تصريحات حميدتي، والتي شدد فيها على أنه أجرى “مراجعة للحسابات” حول العلاقة مع مصر، بدت في نظر محللين أقرب إلى “مغازلة سياسية” في لحظة اضطرار.

السيطرة على منطقة المثلث

وقال حميدتي في فيديو انتشر في 22 يونيو/ حزيران الحالي، على وسائل التواصل الاجتماعي، إنهم (في الجانب الآخر) “يتباكون على دخول المثلث (الحدود بين السودان وليبيا ومصر في 11 يونيو الحالي) والصحراء”، معتبراً ان سيطرة “الدعم السريع” على هذه المنطقة “إضافة (في صالح) للجيران”. ووصف هذه المنطقة في خطاب قالت “الدعم” على تطبيق تليغرام إنه “خطاب ميداني” من دون أن تحدد موقعه، بـ”بؤرة إرهاب وهجرة غير نظامية”. وشدد على أن الحرب التي تخوضها قواته منذ أكثر من سنتين، هي “دفاع عن النفس” ضد من “يريدون البقاء في السلطة”، مضيفاً: “نحن نحارب عصابة وقتلة ومجرمين”. وتطرق في خطابه إلى دول الجوار، قائلاً إن “المصريين والليبيين والتشاديين كلهم جيراننا ونحن نحترمهم ونحترم حدودهم وليس لدينا مشكلة مع أي أحد”. وتابع: “حتى المصريون كان لدينا معهم مشاكل. راجعنا حساباتنا ويجب أن نحلها بالحوار”، موضحاً أنه يجب حل هذه المشاكل “بالطربيزة (على الطاولة) لا بالمشاحنات”.

براغماتية حميدتي

في هذا السياق، قال السفير المصري السابق لدى السودان، حسام عيسى، إن “موقف مصر من الأزمة السودانية لم يتغير”، موضحاً أنه “موقف مبدئي وثابت يقوم على دعم القوات المسلحة السودانية ومؤسسات الدولة باعتبارها العمود الفقري لأي دولة مستقرة”. وبرأيه فإن “وجود المليشيات هو أحد الأسباب الجوهرية لفشل الدول، ولذلك فإن مصر ترفض أي محاولات لتقويض دور الجيش السوداني أو مؤسسات الدولة الرسمية”. في تعليقه على خطاب حميدتي الأخير، قال عيسى إن “الخطاب يبدو محاولة براغماتية لتفادي استفزاز الجار القوي، أي مصر، خصوصاً بعد دخول الصراع إلى نطاق المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، وهي منطقة حساسة بالنسبة للأمن القومي المصري”. ويدرك حميدتي، وفق عيسى، تماماً “قدرات مصر العسكرية واستعدادها لحماية حدودها. شاهدنا في الفترة الماضية مقاطع فيديو تظهر عناصر من قواته تسللت إلى داخل الحدود المصرية، قبل أن تصدر أوامر مباشرة بعودتها إلى داخل السودان”. وشدد على أن ذلك “يعكس رغبة في عدم التصعيد مع القاهرة”.

وبرأي عيسى فإنه “من المهم التذكير بأن حميدتي سبق أن وجّه اتهامات لمصر، خصوصاً بعد هزيمته في منطقة جبل مويا (في ولاية سنار وتربط الولاية مع ولايات النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق، وتعد بوابة ولاية شمال كردفان وإقليم دارفور غرباً)، زاعماً أن الطيران المصري شارك في العمليات”. وأوضح أن حميدتي “لم يقدم أي دليل مادي يدعم هذه الادعاءات، لا صور ولا وثائق”. وعدّ عيسى تراجع حميدتي في تصريحاته الأخيرة بشأن مصر “تصحيحاً لمسار سياسي خاطئ، ومحاولة لاحتواء الموقف بعد سلسلة من الهزائم الميدانية”.

من جهته، اعتبر الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الأفريقية، أحمد جيسود، أن خطاب حميدتي الأخير “يُعد محاولة لتجاوز الأزمة العميقة التي يعاني منها، بعد سلسلة الهزائم التي تلقتها قواته على يد الجيش السوداني، وانسحابها من مناطق استراتيجية، بما في ذلك ولاية الخرطوم”. تاريخياً، لم تكن العلاقة بين القاهرة وحميدتي مستقرة. ورغم محاولات الأخير في مراحل سابقة إظهار الود والتقارب، فإن القاهرة كانت تنظر إلى صعوده بعين الريبة، خصوصاً مع تنامي نفوذ “الدعم السريع” على الحدود الغربية مع ليبيا، واتهامات بدور مباشر في تهريب الذهب وملفات عابرة للحدود تمس الأمن المصري. ووفق مراقبين فقد حمل خطاب حميدتي الأخير في طياته أكثر من رسالة، أولها محاولة كسر العزلة الإقليمية، إذ منذ اندلاع الحرب، وجد حميدتي نفسه معزولاً عربياً، باستثناء دعم خفي أو غير مباشر من أطراف إقليمية مثل الإمارات أو قوى ليبية مقربة من اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وقد مثلت القاهرة بالنسبة له بوابة لا يمكن الاستغناء عنها، ليس فقط لثقلها الجغرافي، بل أيضاً لدورها في المشهد الدبلوماسي بشأن مستقبل السودان.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here