قرار حكومي مصري يفاقم أزمة هجرة الأطباء

8
قرار حكومي مصري يفاقم أزمة هجرة الأطباء
قرار حكومي مصري يفاقم أزمة هجرة الأطباء

أفريقيا برس – مصر. أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قبل أيام، قراراً يقضي باستثناء الهيئة العامة للرعاية الصحية من تطبيق قرار سابق بشأن إطلاق مدد الإعارات والإجازات الخاصة من دون أجر للعمل بالخارج. ويهدف القرار إلى وقف تمديد إعارات الأطباء الخارجية وأطقم التمريض العاملين في المستشفيات الحكومية، وتخييرهم بين العودة إلى عملهم في مصر أو تقديم استقالاتهم من وزارة الصحة.

وأحدث القرار السابق الصادر قبل ثلاث سنوات، حالة من الغضب بين الأطباء، بينما يفسر أطباء ونقابيون القرار الجديد بأن “جهات العمل بالتأمين الصحي الشامل الجديد سيكون لها مطلق الحرية في قبول أو رفض طلبات الإجازة للعمل بالخارج، سواء لأول مرة أو عند التجديد، وبالتالي فإن الأطباء لن يستطيعوا الحصول على إجازات من دون راتب للعمل بالخارج إلا بصعوبة”.

وفي منشور له شهد تفاعلاً على موقع فيسبوك، كتب أمين عام نقابة الأطباء الأسبق، إيهاب الطاهر، أن القرار صدر “بناء على عرض من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية. الطبيب الذي يريد العمل عدة سنوات في الخارج لتحسين مستواه المادي في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة، هل سيلغي فكرة السفر لمجرد أن جهة عمله سترفض منحه إجازة؟ بالطبع لا”.

وأضاف الطاهر: “من المعلوم أن الغالبية العظمى منهم سوف تستقيل أو تنقطع عن العمل من أجل السفر، ولكن بدلاً من أن يسافروا لعدة سنوات يحسنون فيها وضعهم المادي ثم يعود بعضهم لاستكمال عمله بمصر، فإن هذا البعض لن يعود. تتراكم المشاكل التي تدفع الأطباء للعمل بالخارج، وعلى المسؤولين دراسة جذور المشاكل والعمل على حلها، بدلاً من إصدار قرارات تزيد الأمور تعقيداً”.

ووصف طبيب طلب عدم ذكر اسمه، القرار الجديد بأنه “محاولة فاشلة لإثناء أو تعطيل الأطباء عن السفر”، متوقعاً أن يتسبب بموجة من الاستقالات الجماعية بالآلاف، والنتيجة المحتومة خسارة البلاد لأطبائها، وهي خسارة لا تُعوّض. واتفق معه طبيب النساء والتوليد محمد أحمد، والذي يواجه أزمة في التوفيق بين مواعيد عمله في القطاعين الحكومي والخاص، ويضطر كثيراً إلى ضغط ساعات عمله في المستشفى الحكومي كي يتفرغ للعمل في القطاع الخاص الذي يعد فعلياً مصدر رزقه.

لا يواجه أحمد أزمة في الجمع بين عمله في القطاعين الحكومي والخاص فقط، بل يواجه أزمة في حضور الندوات والمؤتمرات التي يُدعى إليها خارج مصر، والتي يهتم بالسفر إليها، إذ تمتنع جهة عمله الحكومي عن منحه إجازة، وهو ما يضيع عليه فرص السفر والاطلاع على الخبرات الجديدة. ويقول: “في حال تخييري بين عملي في القطاع الحكومي والخاص، فمن المؤكد أنني سأختار الخاص، وكذلك الحال في حال تخييري بين البقاء في مصر أو السفر إلى الخارج، إذ سأختار السفر”.

ويوضح أن والده استشاري النساء والتوليد المتقاعد، قضى حياته جامعاً بين عمله في القطاع الحكومي ومستشفاه الخاص، قبل أن يحال إلى التقاعد قبل نحو 13 عاما. لكن لم يكن جيل والده يواجه مثل هذه القرارات الإدارية التي تفتح الباب على مصراعيه على الهجرة، فبينما قضى والده عمره جامعاً بين العمل في القطاعين الحكومي والخاص، يتعثر ابنه الطبيب في الجمع بين العمل في القطاعين، عدا عن سعيه إلى نيل أي فرصة سفر إلى الخارج.

اختصر الطبيب النفسي محمد يوسف، الطريق على نفسه مبكراً عبر تقديم استقالته من المستشفى الحكومي الذي كان يعمل فيه قبل نحو خمس سنوات، وتوجه للعمل في مستشفى للصحة النفسية في مدينة نجران السعودية، وقد كان قبل سفره يجمع بين القطاعين الحكومي والخاص، وكان له دور نقابي أيضاً، لكنه وجد نفسه مضطراً للتخلي عن ذلك بعدما واجه تعنتاً في منحه إجازة للتفرغ للعمل في القطاع الخاص، ومع تزايد الأعباء المعيشية، اضطر إلى السفر للعمل في الخارج.

وتعد هجرة الأطباء أزمة متفاقمة، وسبق أن دللت عليها دراسة أجرتها نقابة أطباء مصر في عام 2023، أعلنت فيها أن عدد الأطباء والطبيبات الذين تقدموا إلى النقابة بمستندات إنهاء خدمتهم من قطاع الصحة الحكومي خلال عام 2022، واستخراج شهادة “طبيب حر”، والتي تعني عدم عمل الطبيب لدى أي جهة حكومية، بلغ 4261 طبيباً وطبيبة، بمعدل يومي 12 طبيباً وطبيبة.

وتقدم نحو 1044 طبيباً باستقالاتهم في عام 2016، فيما بلغ عدد المستقيلين 2549 طبيباً في عام 2017. وفي عام 2018، استقال 2612 طبيباً. وفي عام 2019، استقال 3507 طبيباً، و2986 طبيباً في 2020. وفي عام 2021، تقدم 4127 طبيباً باستقالاتهم.

وحذر المركز المصري للحق في الدواء من أسباب استقالات الأطباء، والتي لخصها في “الحالة الاقتصادية للأطباء وضياع حقوقهم وسط علاقات عمل صعبة، خاصة أن المعدل العالمي 22 طبيباً لكل عشرة آلاف نسمة، بينما المعدل في مصر لا يتجاوز تسعة أطباء لكل عشرة آلاف نسمة”. وأكد المركز أن سبب استقالة الأطباء هو “ضعف الأجور، الأمر الذي يؤدي إلى أن يعمل الطبيب في أكثر من مستشفى، أو يبحث عن فرصة سفر، عدا عن الاعتداء المستمر على الفرق الطبية من قبل أهالي المرضى بسبب نقص الإمكانيات في المستشفيات.

وطبقاً لمركز إنسان للدراسات الإعلامية، فإن نحو سبعة آلاف طبيب يهاجرون سنوياً بسبب الإجراءات التعسفية ضد الأطباء، كما يستقيل نحو عشرة آلاف طبيب من وظائفهم في المستشفيات الحكومية للعمل بعيادات خاصة، وذلك نقلاً عن إحصائية لنقابة الأطباء. ونشر المركز نفسه تقريراً صادراً عن القوى العاملة في بريطانيا، كشف عن ارتفاع نسبة الأطباء المصريين المهاجرين إليها بنسبة تزيد على 200% في الفترة بين عام 2017 وعام 2021، لتأتي مصر بعد الأردن والسودان في دول الشرق الأوسط بالنسبة لعدد الأطباء المهاجرين إلى بريطانيا.

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here