قرار غير مسبوق بحظر الظهور الإعلامي لقضاة مصر

7
قرار غير مسبوق بحظر الظهور الإعلامي لقضاة مصر
قرار غير مسبوق بحظر الظهور الإعلامي لقضاة مصر

أفريقيا برس – مصر. أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارا يحظر على أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة التحدث أو الكتابة أو الظهور في وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية، ومنصات التواصل الاجتماعي كافة؛ الخاصة والعامة على حد سواء، وذلك بأشخاصهم أو بصفاتهم، أيّا كان الموضوع.

وتضمن القرار في المادة الثانية عواقب المخالفة، ونصّت على أنه يترتب على مخالفة الحظر المساءلة التأديبية وفقا لقانون السلطة القضائية، ويعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره.

وفند قضاة وسياسيون القرار الصادر من أعلى جهة قضائية، ولكنه بتوجيهات من الجهات السياسية والأمنية التي باتت تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في القضاء المصري، الذي باتت سلطة تعيين رؤساء هيئاته بيد رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي حصريا.

ما فتئ نظام السيسي يتدخل في عمل السلطات القضائية منذ انقلاب تموز/يوليو 2013، كان آخر تلك التدخلات قراره بانضمام أحد القضاة العسكريين إلى المحكمة الدستورية في سابقة من نوعها، في خطوة وصفها البعض بخلق ذراع عسكري للسلطة العسكرية داخل المحكمة.

في تموز/ يوليو الماضي أدى رئيس هيئة القضاء العسكري، صلاح الرويني، اليمين القانونية لتولي منصبه الجديد كنائب لرئيس المحكمة الدستورية كأول لواء بالقوات المسلحة بتشكيل المحكمة، منذ إنشائها عام 1979.

وكان السيسي أصدر في شباط/ فبراير 2022، قرارا جمهوريا بتعيين قاضٍ قبطي، هو المستشار بولس فهمي، على رأس المحكمة الدستورية العليا، وهي المرة الأولى التي يتولى فيها قبطي هذا المنصب، على الرغم من أن ترتيبه كان الرابع بين نواب رئيس المحكمة، ما عده البعض تجاوزا لمبدأ استقلال القضاء.

ومهد السيسي لهذه الخطوة – غير المسبوقة في تاريخ القضاء المصري – عام 2019، بإجراء تعديلات تسمح بضم القضاء العسكري الذي لم يتم الاعتراف به كجهة إصدار أحكام إلا في دستور 2014، تحت مظلة المجلس الأعلى للقضاء برئاسته، ومنحه سلطة تعيين جميع رؤساء الهيئات والجهات القضائية.


قرار مسيس

وصف المنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر سابقا، المستشار محمد عوض، القرار “بالمسيس”، وقال: “الأصل، هو أن الدستور المصري يكفل لجميع المصريين التعبير عن آرائهم بحرية كاملة، وأعضاء السلطة القضائية مواطنون عاديون، ومن حقهم التعبير عن آرائهم في القضايا المجتمعية التي تشغل بال الجميع”.

وأوضح أن ما “يحظر على القاضي هو الحديث في قضايا ينظرها، وما عدا ذلك من حقه التعبير عن رأيه في الشأن العام لوطنه؛ سواء كان قضائيا كالمطالبة بإصلاح القضاء وتسريع التقاضي، أو سياسيا بفتح المناخ السياسي، أو اقتصاديا بانتقاد السياسات المالية للحكومة، ولا يجوز الحظر على رأيه”.

وأكد القاضي المصري أن “القرار غير مسبوق في عهد الرؤساء السابقين، كان القضاة يتظاهرون ويطالبون بإصلاحات في القضاء، وما يجري هو مخالفة صريحة وصارخة لأحكام الدستور؛ بدعوى أنه عضو بالسلطة القضائية أو النيابة، وهو يأتي في إطار خنق حرية الرأي والتعبير لكل المواطنين، ومن يتجاوز ذلك يتم القبض عليه، ولكنه لا يستطيع القبض على أعضاء السلطة القضائية بسبب تمتعهم بحصانة قضائية؛ من ثم أصدر القرار لتجاوز تلك العقبة”.

ما يحظر على القاضي، وفق عوض، هو العمل بالسياسة مثل الانتماء لحزب سياسي معين، والاشتغال بالتجارة، طبقا لقانون السلطة القضائية، لكن إبداء الرأي في الشأن العام ليس محظورا ولا ممنوعا.

وفي ورقة بحثية تحت عنوان “مصر وترويض القضاء: المجلس الأعلى للهيئات القضائية نموذجا”، صادرة عن المعهد المصري للدراسات للباحث عباس قاري، أشار إلى أن المجلس الأعلى للهيئات القضائية (يرأسه السيسي)، أنشئ بغرض السيطرة علي الجهات والهيئات القضائية، وسحب السلطات الإدارية لجهات القضاء ووضعها في يد رئيس الجمهورية.

وأوضح أن تعديلات دستور 2019 وسعت بشكل غير مسبوق من اختصاصات هذا المجلس، بما يفوق الاختصاصات التي أنشئ بموجبها حددتها المادة 185 من الدستور بعد تعديلها، وأصبح المجلس مختصا بالنظر في شروط تعيين أعضاء الجهات والهيئات القضائية وترقيتهم وتأديبهم، وكان هذا من اختصاص مجالس الهيئات والجهات القضائية كل فيما يخصه.

دستور 2019 عكس وضعية التعيين تماما، بحسب الورقة البحثية، حيث ينفرد رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المحكمة من بين أقدم خمسة نواب، دون أي دور للجمعية العامة للمحكمة، كما يعين رئيس الجمهورية نواب رئيس المحكمة من بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة للمحكمة، ويرشح الآخر رئيس المحكمة، كما يعين رئيس هيئة المفوضين بقرار رئيس الجمهورية، بناء علي ترشيح رئيس المحكمة بعد أخذ رأي الجمعية العامة للمحكمة، وهو ما صدر به القانون 78 لسنة 2019 بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا.

السيسي وعسكرة القضاء

يقول السياسي والبرلماني المصري سابقا، الدكتور محمد عماد صابر: “بدأت خطة السيسي للسيطرة على القضاء بعد إصدار قانون الهيئات القضائية رقم 13 في سنة 2017، الذي سمح له باختيار رؤساء الهيئات القضائية، ومنحه صلاحيات اختيار رؤساء 4 هيئات وجهات قضائيّة من بين مرشّحين متعدّدين، بعدما كانت كلّ هيئة تقدّم اسم أقدم قاض بها فقط؛ تم ذلك في هدر واضح من السيسي لاستقلال القضاء والفصل بين السلطات”.

وأضاف: “والقرار الذي أصدره نظام السيسي العسكري، والذي تم تعميمه على جميع أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة، يحظر عليهم الحديث لوسائل الإعلام أو الكتابة على منصات التواصل الاجتماعي. هذا القرار يأتي ضمن مخطط سيطرة السيسي على القضاء سيطرة كاملة، بعد سيطرته على باقي مؤسسات الدولة.

ورأى صابر أن “موقف السيسي من القضاء جاء بعد أحكام القضاء الإداري في قضية “تيران وصنافير”، حيث انتبه السيسي إلى ضرورة سيطرته على ما تبقى من استقلال القضاء. السيسي يرفض رفضا مطلقا أي مساحة من الحرية قد اكتسبتها مؤسسات الدولة زمن مبارك، ويرى في ذلك تهديدا على مستقبل النظام”.

وتابع: “ما نعيشه اليوم في مصر لا تجد له وصفا ولا صنفا على مستوى الحكم والسياسة، أو الاقتصاد والإعلام، أو العسكرية والقضاء، وصولا للفن والرياضة. ما نعانيه هو حصاد طبيعي جدا لسنوات الكسل والركود وغياب التعليم الجيد والبحث العلمي المكافئ والمطلوب، وانسداد السياسة وتصدر أنصاف وأرباع الكفاءات لكل المشاهد، وإبعاد الخبرات والكفاءات”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here